الصحافة الجزائرية المقربة من دوائر القرار العسكري الجزائري لم تستسغ فحوى المباحثات الهاتفية التي جمعت الأحد الماضي جلالة الملك والرئيس محمد بوهاري والتي عبرا من خلالها عن عزمهما المشترك على مواصلة المشاريع الاستراتيجية بين البلدين وإنجازها في أقرب الآجال، ولا سيما خط الغاز نيجيريا-المغرب وإحداث مصنع لإنتاج الأسمدة في نيجيريا، فدشنت حلقة جديدة من فصول عرقلة المشروع القاري الضخم و محاولة افشاله بجميع الأساليب الشيطانية و التآمرية الممكنة.
الشروق صحيفة الجنرالات زعمت أن الخطوة المغربية محاولة للدخول على خط التقارب الأخير بين الجزائر ونيجيريا، والاتفاق على تنفيذ مشاريع مشتركة بعيد زيارة لوزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم إلى أبوجا من بينها مشروع أنبوب غاز ينطلق من أبوجا ويعبر الصحراء الجزائرية تم اعتماده سنة 2002 لكنه بقي مهملا لاعتبارات أمنية و مالية.
والواقع أن النظام الجزائري يتعامل منذ سنوات مع ملف الشراكة الاقتصادية للمغرب مع دول العمق الافريقي بحساسية مبالغة، ويبذل كل ما في وسعه من مناورات وتضحيات سياسية واقتصادية من أجل كبح وفرملة و أحيانا عرقلة طموح الرباط للانفتاح اقتصاديا على عمق المملكة الافريقي.
وفي حالة مشروع خط الغاز الرابط بين نيجيريا و المغرب قبل أن يكمل مساره نحو أوربا، فإن الأمر يتعلق ببنية تحتية باستثمار يناهز 25 مليار دولار ومسار يخترق 16 بلدا افريقيا و ذات وقع إيجابي على 300 مليون نسمة من ساكنة القارة السمراء، حيث ستتيح كهربة منطقة غرب أفريقيا، وتسمح بخلق سوق إقليمي وتنافسي للكهرباء.
الجزائر تتحفظ على حظوة اقتصادية تتيح تداعياتها السياسية والاجتماعية للمغرب كسب ود وتقدير هذا الفضاء القاري الواسع والمؤثر في التوازنات الاستراتيجية للقارة.
لكن موقف دبلوماسية قصر المرادية يظل مهتزا و محاولاتها اليائسة والمتكررة للتأثير على أبوجا لحملها على تفضيل الخط الجزائري على المشروع المغربي لا تجدي نفعا من منطلق أن الجزائر أولا عاجزة في ظل الأزمة الاقتصادية وشح السيولة الذي تعانيه عن الوفاء بغلاف الاستثمارات الذي يتطلبه، ثم إنها اقتصاديا غير قادرة على تسويقه للمنعشين الدوليين الذين يتخوفون من التحديات الأمنية التي تحيط بمساره المبرمج الذي يخترق منطقة غير آمنة بالساحل وجنوب الصحراء الجزائرية.
زيادة على ذلك يصعب على المسؤولين الجزائريين اقناع المتدخلين والشركاء المحتملين بجدوى عزم الجزائر على السماح بتسويق وتصدير غاز أجنبي عبر ترابها نحو أوربا ينافس منتوجها الوطني الذي يعاني في ظل الظرفية الحالية صعوبات كبيرة في فرض نفسه في الأسواق الدولية نتيجة المنافسة القوية.
سياسيا تمثل مباركة القمة الأخيرة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا للآثار الإيجابية لمشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري على أزيد من 13 دولة بمنطقة غرب افريقيا، زخما قويا للمغرب الذي سيقطف ثمار مشروع تنموي كبير يساهم في الاندماج الاقتصادي والاجتماعي لمجموعة دول غرب أفريقيا و يحظى باهتمام أوروبي كبير لأنه سيدخل في إستراتيجية أوروبا العامة لتنويع مصادر الطاقة والافتكاك من الهيمنة الروسية على مجال الطاقة (روسيا تزود السوق الأوروبية بأكثر من 40 % من استهلاكها من الغاز الطبيعي).
العلم: رشيد زمهوط