2024 أغسطس/أوت 26 - تم تعديله في [التاريخ]

الثورة الوطنية المجيدة في طورها الحديث بقيادة جلالة الملك باني المغرب الجديد


الافـتتاحية


إذا كانت ثورة الملك والشعب، التي احتفلنا يوم الثلاثاء الماضي بذكراها الحادية والسبعين، ممتدة وسارية الروح والمحتوى و المضمون، فإن يوم 20 غشت من سنة 1953، لم يكن سوى تاريخ انطلاقها الذي لم يتوقف، ولا يمكن أن يحدد بتاريخ معين...

فعلى مدى هذه العقود السبعة التي مضت، تناوب على قيادة هذه الثورة الوطنية التحريرية الكبرى، ثلاثة ملوك عظام، هم  السلسلة الذهبية من ملوك الدولة المغربية، الذين جلسوا على العرش العلوي المجيد خلال قرن من الزمن إلا ثلاث سنوات، من سنة 1927 إلى سنة 2024، أولهم جلالة الملك محمد الخامس، رحمه الله ، الذي فجر ثورة الملك والشعب وقادها من سنة 1953 إلى أن اختاره الله تعالى إلى جواره في يوم 26 فبراير سنة 1961، وثانيهم جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، الذي استلم قيادة الثورة الوطنية العظمى في يوم 3 مارس من سنة 1961، واجتاز بها مرحلة طويلة كانت حافلة بالتحديات الخطيرة، وحقق خلالها منجزات عظيمة، وخاض معارك سياسية وتحريرية دخلت التاريخ، في المقدمة منها المسيرة الخضراء المظفرة التي استكمل بها تحرير الأقاليم الجنوبية من المملكة، ووطد أركان الوحدة الترابية للبلاد، حتى انتقل إلى عفو الله عز وجل في يوم 23 يوليوز سنة 1999، ليستلم قيادة ثورة الملك والشعب العتيدة، في طورها الحديث، جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله وأيده، لتبدأ المرحلة الثالثة التي تسير على هدي المرحلتين السابقتين، من حيث المبدأ الوطني والهدف الاستراتيجي والمنحى التحرري، وتتجاوب مع مستجدات العصر وتواكب تطورات المرحلة وتنسجم مع تطلعات الأمة المغربية في تقدمها و تطورها وانخراطها في معارك التنمية الشاملة المستدامة.

فهذه الثورة الوطنية التحريرية التقدمية، في تطور دائم، من مرحلة إلى أخرى، ولم يغير تداول القيادة بين ثلاثة ملوك أفذاذ، في الروح والمبدأ والعقيدة الوطنية، وإنما ازدادت الثورة المباركة توهجاً وصلابةً وعنفواناً، مع  التطور الحثيث الذي عرفته البلاد، ولا يزال يتنامى ويتسع مداه، في مجالات عديدة، أولها الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة المغربية وترسيخ أركانها، وثانيها تطوير الأقاليم الجنوبية والارتقاء بمستويات الحياة فيها، من خلال النموذج التنموي الجديد الذي أحدث تغييراً عميقاً عالي السقف متعدد الأبعاد، في الصحراء المغربية، اقتصادياً وإنمائياً واجتماعياً وإنسانياً، أما المجال الثالث الذي شملته حركة التطوير خلال هذه المرحلة الجديدة من ثورة الملك والشعب في طورها الحديث، فهو الانصراف الكلي إلى بناء الدولة الاجتماعية، بالمفهوم العميق وبالمدلول الشامل، والنهوض بحركة الإنماء الاقتصادي في أبعاده المتعددة، وتحديث القطاعات الصناعية الواعدة، والرفع من مستوى مردودية القطاع الفلاحي، وتحصين الأمن الغذائي من خلال تأمين الموارد المائية ببناء السدود ومحطات تحلية مياه البحر والربط بين الأحواض المائية، مع التوسع في بسط مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل جميع الفئات المستهدفة. وهذا مجال حيوي لا نهاية لامتداده، يندرج بجميع أنواعه، في المفهوم الجامع والمانع للدولة الاجتماعية.

فإذا كان لكل طور من أطوار ثورة الملك والشعب، أهدافه ومجالاته والتحديات التي يواجهها، فإن الطور الحديث، بقيادة جلالة الملك، وفقه الله ورعاه، يشهد مواجهات مع  المثبطات والعراقيل والصعاب والإكراهات، التي تؤثر على الجهود المتواصلة التي تبذلها الحكومة، تنفيذاً للتوجهات الملكية السديدة، من أجل تنزيل البرنامج الحكومي الذي هو بمثابة ميثاق غليظ بين الحكومة وبين الشعب عبر ممثليه في البرلمان.

ومن هذا المنظور، وبناء على هذا النهج في التحليل، وانطلاقاً من  رصد التطورات الإيجابية التي تحققت، نؤكد أن ثورة الملك والشعب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأعز أمره، تسير في الاتجاه الصحيح، ملتزمةً بمبادئها، ومتشبعةً بروحها، ومتشربةً لقيمها، لا تحيد عن مضمونها الوطني، ولا تنحرف عن هدفها الاستراتيجي، وهو بناء الدولة المغربية الحديثة، وحماية المكتسبات الوطنية الغالية، وتحسين مستويات الحياة الكريمة للمواطنات والمواطنين، في ظل الحرية والمساواة والاختيار الديمقراطي والملكية الدستورية واحترام حقوق الإنسان.

العلم



في نفس الركن