العلم الإلكترونية - بقلم عبد الله البقالي
من السابق لأوانه عد الخسائر التي تكبدتها أطراف الحرب الروسية الأوكرانية لحد الآن ، لأنها لا تزال ملتهبة و تكاليفها تتعاظم مع مرور الوقت ، و لا أحد من المختصين ، و لا من الخبراء بإمكانه أن يجازف بتقديم الفاتورة النهائية لها .و كل ما يمكن الحديث عنه حاليا يقتصر على التداعيات المباشرة و غير المباشرة التي خلفتها ، و لاتزال تخلفها هذه المواجهة المشتعلة بين القوى الأكثر تأثيرا في الأوضاع العالمية السائدة ، و التي زادت من حجم و معاناة شعوب العالم في ضمان شروط العيش الكريم .
لكن مع كل ذلك يمكن المجازفة بالحكم بأن التكلفة جد مرتفعة، و تكاد تكون غير مسبوقة في التاريخ الانساني المعاصر، من حيث حجم الخسائر البشرية و المادية التي ترتفع بوتيرة سريعة ومذهلة، و التي لا يمكن تقدير تكلفتها المالية، و هي التكلفة المالية التي تكفي لسد العديد من حاجيات العيش للملايين من الأشخاص في العالم، الذين يعانون ضنك العيش في مختلف ربوع المعمور . فشح الموارد المالية يظهر حينما يتعلق الأمر بتحقيق منسوب مقبول من تجويد شروط و ظروف العيش الكريم في العالم ، و حينما يهم الرهان إيجاد الحلول الملائمة و المناسبة لرزمة الإشكاليات و القضايا و التحديات التي تهم العالم ، في القضايا التي تتعلق بالأمن الغذائي العالمي و مواجهة تداعيات التغير المناخي الذي يلقي بألغام خطيرة في العالم ، و بالقضاء على جميع مظاهر الهشاشة الاجتماعية التي تنخر بنيات العديد من المجتمعات ، و لكنها تظهر بسخاء كبير حينما يتعلق الأمن بكل ما يمكن أن يدمر هذا العالم ، و يعمق أزماته المركبة و يزيد في معاناة الشعوب . إنها إحدى المفارقات العجيبة التي تطبع العلاقات الدولية المعاصرة و تميز النظام العالمي السائد . كما يمكن أن نتحدث عن الحصيلة الأولية المؤقتة لهذه الحرب التي اشتعلت في عمق القارة العجوز التي كان يسود الاعتقاد إلى وقت قريب أنها محصنة من مثل هذه المواجهات المسلحة.
فقد تراجعت جميع المؤشرات الاقتصادية المتعلقة في العالم ، حيث اضطرت جميع الأوساط الاقتصادية و المالية المختصة إلى مراجعة جميع مؤشراتها الخاصة بالنمو الاقتصادي في العالم ، ووجدت نفسها مضطرة الى إلغاء توقعاتها السابقة و الإقرار بأن معدلات النمو الاقتصادي في العالم ستتراجع بمستويات قياسية غير مسبوقة تجاوزت في بعض الحالات ما ترتب عن الأزمة الصحية العالمية التي هزت العالم طيلة أكثر من سنتين ، حينما تعطلت الحركة الاقتصادية والتجارية في العالم بسبب تدابير العزل و الإغلاق و سد شرايين الإمداد والتسويق و الانتاج .و حينما يقع الإقرار بتراجع معدلات النمو في العالم ، فإن ذلك يعني بصفة مباشرة التحاق جحافل بالملايين من الأشخاص بالبطالة ، بينما يجد ملايين آخرين من الأشخاص أنفسهم في مواجهة نقص كبير في المداخيل ، و بالتالي فإن تراجع معدلات النمو يعني بصفة مباشرة ارتفاعا مهولا في معدلات الفقر و العوز و الهشاشة الاجتماعية ، و بالتالي فإن الاستقرار السياسي في العديد من المناطق في العالم يصبح مهددا . ثم أن العديد من الاستثمارات و الأصول التجارية في العالم ، خصوصا في الدول المعنية مباشرة بهذه الحرب أصبحت تواجه مخاطر المصادرة و التأميم ، خصوصا من طرف الدول المشاركة في الحرب التي تسودها انظمة سياسية شمولية و مغلقة .و لنا أن نستدل مثلا بأن استثمارات بلدان الاتحاد الأوربي التي اختارت ، أو فرضت عليها التطورات مواقف و خيارات معينة تصل قيمة استثماراتها المالية في روسيا إلى أكثر من 311 مليار دولار أورو ( ما يعادل 340 مليار دولار ) ، و حوالي 60 مليار دولار قيمة مستحقات بنوك أوروبية من كيانات روسية ، في حين تقدر الأوساط الاقتصادية المتخصصة حجم الاستثمارات الروسية في دول هذا الاتحاد ب136 مليار أورو ، و أن أكثر من 23 مليار دولار قيمة السندات الأوكرانية من أوروبا معرضة لمخاطر عدم القدرة عن السداد .و هذا يعني أن قيمة إجمالية تناهز 600 مليار دولار معرضة لتهديدات حقيقية جراء المواجهة ، و ستكون لها تداعيات خطيرة على سوق الشغل و على الحركة التجارية و الرواج المالي و العائدات الجمركية و على الأرباح .
ليس هذا فقط ، بل إن الأمن الطاقي في العالم معرض لاهتزازات عنيفة جدا ترتبت عنها لحد الآن تقلبات قوية في أسعار المنتجات الطاقية التي أفرزت تحديات هائلة ، و لا أحد يمكنه التنبؤ بما سيحدث في هذا السياق في المدى المتطور .كما أن التداعيات المباشرة طالت الأمن الغذائي العالمي ، لأن الأطراف المتورطة في هذه المواجهة تعتبر مصدرا نابضا لمنتوجات الغذاء العالمي ، و هذا ما يفسر اتجاه مؤشرات العديد من المنتجات الغذائية الأساسية إلى الارتفاع المهول الذي أضحى يلقي بظلال مجاعة حقيقية في العديد مناطق العالم . يضاف إلى ذلك الأضرار العميقة و المباشرة التي طالت قطاعات اقتصادية استراتيجية من قبيل السياحة و حركة الطيران و النقل البحري و غيرها كثير ، و التي ما أن خرجت من أزمة خطيرة ترتبت عن انتشار وباء كورونا ، و بدأت تشعر بقليل من التعافي ، حتى وجدت نفسها في أزمة أخطر و أعمق من سابقتها .
لم تقتصر بقعة انتشار زيوت الحرب على المجالات و القطاعات الاقتصادية ، بل امتدت إلى مناطق أخرى لا تقل خطورة ، حيث كان من الطبيعي أن تتسبب الحرب في حالة خوف و هلع لدى الأشخاص الذين كانوا يعتقدون أنهم في وضع آمن ، خصوصا في منطقة الحرب ، في أوكرانيا و في الدول المجاورة لها ، و الذين أجبرتهم المضامين الإعلامية التي تسوق للتغول الروسي على الخوف و القلق و بالتالي الفرار نحو المجهول ، و تشير الإحصائيات المؤقتة و الأولية في هذا الصدد أن أكثر من أربعة ملايين شخص نزحوا من أوكرانيا لوحدها في اتجاه الدول الأوربية ، التي أضحت مجبرة ، على غير عادتها و سلوكها في التعاطي مع حركة الهجرة ، على استقبالهم و ضمان حدود دنيا من العيش لهم .
ثم أن معدلات الثقة في طبيعة العلاقات الدولية اهتزت بشكل خطير جدا ، فلا أحد في العالم ، بما في ذلك داخل الدول العظمى التي كان يسود الاعتقاد و الاقتناع في قوة و متانة استقرارها ، أضحى مطمئنا و واثقا من علاقات دولية معقدة و تحفل بالمخاطر و التهديدات ، و هذا يعني ضعف منسوب الثقة في الاستقرار و الاطمئنان إلى المستقبل .
هذا فيض من غيض مما يحدث و يجري ، و هذه حصيلة أولية و موقتة لمًا يقترفه العظماء من حماقات في حق البشرية جمعاء.
من السابق لأوانه عد الخسائر التي تكبدتها أطراف الحرب الروسية الأوكرانية لحد الآن ، لأنها لا تزال ملتهبة و تكاليفها تتعاظم مع مرور الوقت ، و لا أحد من المختصين ، و لا من الخبراء بإمكانه أن يجازف بتقديم الفاتورة النهائية لها .و كل ما يمكن الحديث عنه حاليا يقتصر على التداعيات المباشرة و غير المباشرة التي خلفتها ، و لاتزال تخلفها هذه المواجهة المشتعلة بين القوى الأكثر تأثيرا في الأوضاع العالمية السائدة ، و التي زادت من حجم و معاناة شعوب العالم في ضمان شروط العيش الكريم .
لكن مع كل ذلك يمكن المجازفة بالحكم بأن التكلفة جد مرتفعة، و تكاد تكون غير مسبوقة في التاريخ الانساني المعاصر، من حيث حجم الخسائر البشرية و المادية التي ترتفع بوتيرة سريعة ومذهلة، و التي لا يمكن تقدير تكلفتها المالية، و هي التكلفة المالية التي تكفي لسد العديد من حاجيات العيش للملايين من الأشخاص في العالم، الذين يعانون ضنك العيش في مختلف ربوع المعمور . فشح الموارد المالية يظهر حينما يتعلق الأمر بتحقيق منسوب مقبول من تجويد شروط و ظروف العيش الكريم في العالم ، و حينما يهم الرهان إيجاد الحلول الملائمة و المناسبة لرزمة الإشكاليات و القضايا و التحديات التي تهم العالم ، في القضايا التي تتعلق بالأمن الغذائي العالمي و مواجهة تداعيات التغير المناخي الذي يلقي بألغام خطيرة في العالم ، و بالقضاء على جميع مظاهر الهشاشة الاجتماعية التي تنخر بنيات العديد من المجتمعات ، و لكنها تظهر بسخاء كبير حينما يتعلق الأمن بكل ما يمكن أن يدمر هذا العالم ، و يعمق أزماته المركبة و يزيد في معاناة الشعوب . إنها إحدى المفارقات العجيبة التي تطبع العلاقات الدولية المعاصرة و تميز النظام العالمي السائد . كما يمكن أن نتحدث عن الحصيلة الأولية المؤقتة لهذه الحرب التي اشتعلت في عمق القارة العجوز التي كان يسود الاعتقاد إلى وقت قريب أنها محصنة من مثل هذه المواجهات المسلحة.
فقد تراجعت جميع المؤشرات الاقتصادية المتعلقة في العالم ، حيث اضطرت جميع الأوساط الاقتصادية و المالية المختصة إلى مراجعة جميع مؤشراتها الخاصة بالنمو الاقتصادي في العالم ، ووجدت نفسها مضطرة الى إلغاء توقعاتها السابقة و الإقرار بأن معدلات النمو الاقتصادي في العالم ستتراجع بمستويات قياسية غير مسبوقة تجاوزت في بعض الحالات ما ترتب عن الأزمة الصحية العالمية التي هزت العالم طيلة أكثر من سنتين ، حينما تعطلت الحركة الاقتصادية والتجارية في العالم بسبب تدابير العزل و الإغلاق و سد شرايين الإمداد والتسويق و الانتاج .و حينما يقع الإقرار بتراجع معدلات النمو في العالم ، فإن ذلك يعني بصفة مباشرة التحاق جحافل بالملايين من الأشخاص بالبطالة ، بينما يجد ملايين آخرين من الأشخاص أنفسهم في مواجهة نقص كبير في المداخيل ، و بالتالي فإن تراجع معدلات النمو يعني بصفة مباشرة ارتفاعا مهولا في معدلات الفقر و العوز و الهشاشة الاجتماعية ، و بالتالي فإن الاستقرار السياسي في العديد من المناطق في العالم يصبح مهددا . ثم أن العديد من الاستثمارات و الأصول التجارية في العالم ، خصوصا في الدول المعنية مباشرة بهذه الحرب أصبحت تواجه مخاطر المصادرة و التأميم ، خصوصا من طرف الدول المشاركة في الحرب التي تسودها انظمة سياسية شمولية و مغلقة .و لنا أن نستدل مثلا بأن استثمارات بلدان الاتحاد الأوربي التي اختارت ، أو فرضت عليها التطورات مواقف و خيارات معينة تصل قيمة استثماراتها المالية في روسيا إلى أكثر من 311 مليار دولار أورو ( ما يعادل 340 مليار دولار ) ، و حوالي 60 مليار دولار قيمة مستحقات بنوك أوروبية من كيانات روسية ، في حين تقدر الأوساط الاقتصادية المتخصصة حجم الاستثمارات الروسية في دول هذا الاتحاد ب136 مليار أورو ، و أن أكثر من 23 مليار دولار قيمة السندات الأوكرانية من أوروبا معرضة لمخاطر عدم القدرة عن السداد .و هذا يعني أن قيمة إجمالية تناهز 600 مليار دولار معرضة لتهديدات حقيقية جراء المواجهة ، و ستكون لها تداعيات خطيرة على سوق الشغل و على الحركة التجارية و الرواج المالي و العائدات الجمركية و على الأرباح .
ليس هذا فقط ، بل إن الأمن الطاقي في العالم معرض لاهتزازات عنيفة جدا ترتبت عنها لحد الآن تقلبات قوية في أسعار المنتجات الطاقية التي أفرزت تحديات هائلة ، و لا أحد يمكنه التنبؤ بما سيحدث في هذا السياق في المدى المتطور .كما أن التداعيات المباشرة طالت الأمن الغذائي العالمي ، لأن الأطراف المتورطة في هذه المواجهة تعتبر مصدرا نابضا لمنتوجات الغذاء العالمي ، و هذا ما يفسر اتجاه مؤشرات العديد من المنتجات الغذائية الأساسية إلى الارتفاع المهول الذي أضحى يلقي بظلال مجاعة حقيقية في العديد مناطق العالم . يضاف إلى ذلك الأضرار العميقة و المباشرة التي طالت قطاعات اقتصادية استراتيجية من قبيل السياحة و حركة الطيران و النقل البحري و غيرها كثير ، و التي ما أن خرجت من أزمة خطيرة ترتبت عن انتشار وباء كورونا ، و بدأت تشعر بقليل من التعافي ، حتى وجدت نفسها في أزمة أخطر و أعمق من سابقتها .
لم تقتصر بقعة انتشار زيوت الحرب على المجالات و القطاعات الاقتصادية ، بل امتدت إلى مناطق أخرى لا تقل خطورة ، حيث كان من الطبيعي أن تتسبب الحرب في حالة خوف و هلع لدى الأشخاص الذين كانوا يعتقدون أنهم في وضع آمن ، خصوصا في منطقة الحرب ، في أوكرانيا و في الدول المجاورة لها ، و الذين أجبرتهم المضامين الإعلامية التي تسوق للتغول الروسي على الخوف و القلق و بالتالي الفرار نحو المجهول ، و تشير الإحصائيات المؤقتة و الأولية في هذا الصدد أن أكثر من أربعة ملايين شخص نزحوا من أوكرانيا لوحدها في اتجاه الدول الأوربية ، التي أضحت مجبرة ، على غير عادتها و سلوكها في التعاطي مع حركة الهجرة ، على استقبالهم و ضمان حدود دنيا من العيش لهم .
ثم أن معدلات الثقة في طبيعة العلاقات الدولية اهتزت بشكل خطير جدا ، فلا أحد في العالم ، بما في ذلك داخل الدول العظمى التي كان يسود الاعتقاد و الاقتناع في قوة و متانة استقرارها ، أضحى مطمئنا و واثقا من علاقات دولية معقدة و تحفل بالمخاطر و التهديدات ، و هذا يعني ضعف منسوب الثقة في الاستقرار و الاطمئنان إلى المستقبل .
هذا فيض من غيض مما يحدث و يجري ، و هذه حصيلة أولية و موقتة لمًا يقترفه العظماء من حماقات في حق البشرية جمعاء.