العلم الإلكترونية - بقلم هشام بن ثابت
يواصل النظام الجزائري انزلاقاته الخطيرة وحقده الكبير على المغرب، إذ لا تكاد تمر مناسبة كيفما كان نوعها حتى وإن كانت رياضية أو فنية، إلا ويزيد التأكيد فيها للعالم أن عقدته الأزلية هي "المملكة المغربية".
وآخر ما جادت به قريحة نظام "عجائز قصر المرادية"، منعهم لوفد إعلامي رياضي مغربي، من دخول التراب الجزائري، عبر مطار أحمد بن بلة بوهران، الذي وصلته البعثة الرياضية المغربية المشاركة في دورة الألعاب المتوسطية.
الوفد الإعلامي المغربي المكون من تسعة صحافيين، بينهم صحافي جريدة "العلم"، أصيب بصدمة كبيرة، وهو يتلقى خبر منعه من مرافقة رياضيي بلاده وتغطية مشاركتهم في مختلف المسابقات المتوسطية، بدعوى عدم توفره على الاعتمادات الضرورية الخاصة بهذه التظاهرات الرياضية، فتم احتجازه في إحدى قاعات مطار وهران لأزيد من 30 ساعة في ظروف لا إنسانية تدينها الأعراف والمواثيق الدولية.
ورغم كل المحاولات التي قامت بها اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، وممثلين عن القنصلية المغربية بوهران وكذا اللجنة الدولية لألعاب البحر الأبيض المتوسط، من أجل إنهاء احتجاز الصحافيين المغاربة، خصوصا بعد تقديم كل الإثباتات الدامغة على أن هؤلاء قاموا بكل الإجراءات القانونية اللازمة لتأدية مهامهم الصحفية في هذه التظاهرات الرياضية، لكن السلطات الجزائرية تمادت في تعنتها ورفضت الاستجابة لكل النداءات، فحسمت الموضوع بقرار "ترحيل" الإعلاميين المغاربة في جنح الظلام وبعيدا عن الأنظار إلى تونس ومن تم إلى المغرب في واقعة كان صداها مدويا في مختلف وسائل الإعلام الدولية.
والمثير للسخرية أنه، غداة رفض دخول الصحافيين المغاربة إلى الأراضي الجزائرية، طلعت صحف وقنوات جزائرية، وقامت بما لا يخطر على بال، فادّعت أن من بين أعضاء الوفد الإعلامي عملاء وجواسيس تابعين للمخابرات المغربية، وخصّوا بالذكر صحافي جريدة "العلم"، الذي ركبوا له صورة بـ "الفوتوشوب" وهو مقيد اليدين من قبل الشرطة الجزائرية، في مشهد مضحك / مُبكي، يؤكد بالملموس الحضيض الذي وصلت إليه الأجهزة "الكرغولية" وإفلاسها سياسيا وأخلاقيا.
وفي هذا التقرير الذي نورده في ما يلي، يروي صحافي "العلم"، من الألف إلى الياء، تفاصيل حكاية احتجاز الوفد الإعلامي المغربي في مطار وهران ومنعه من تغطية حدث رياضي لا علاقة له بكل ما هو سياسي.
* من الدار البيضاء إلى تونس إلى وهران:
كما هو معلوم، تغلق الجزائر أجواءها أمام الطائرات المغربية، فما كان من اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية من سبيل سوى اختيار تونس كمحطة عبور لدخول التراب الجزائري، فاستأجرت طائرة خاصة، نقلت الوفد الرياضي ومعه الوفد الإعلامي المرافق له، من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، في اتجاه تونس، وصلت إلى مطار قرطاج في حدود الساعة الحادية عشرة و35 دقيقة، ومكثت هناك حوالي خمس ساعات كاملة، قبل الانتقال إلى الجزائر عبر طائرة أخرى هذه المرة تونسية، حطت بمطار بن بلة بوهران في حدود السادسة والنصف مساء.
* صدمة الطائرة التونسية:
أصيب الوفد المغربي، بالذهول والصدمة للحالة المزرية التي كانت عليها الطائرة التونسية التي نقلتهم إلى وهران الجزائرية، مقاعد مهترئة ومتسخة لدرجة لا تُتصور، حتى إن المضيفات بالطائرة كنا نحس بهن "حشمانات" من منظر الرياضيين المغاربة وهم متفاجئين من حالة مقاعد الطائرة، في مشهد مسيء وخادش لصورة وسمعة بلد "متحضر" مثل تونس، بل إن هناك من شبّه وضعية هذه الطائرة بالأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر منها بلاد "ثورة الياسمين".
* مرحبا بـ "خاوتنا" المغاربة":
فور وصولنا، إلى مطار وهران، سادت حركية غير عادية بهذا الأخير، تأهب كبير لاستقبال الوفد المغربي المكون من 99 فردا، كل مكاتب ختم الجوزات تم تشغيلها، وبعبارة مرحبا بـ "خاوتنا" المغاربة" وبالابتسامة استقبلنا العاملون بالمطار (أمن ومستخدمون)، تقدم شرطي الحدود إلى رئيس الوفد المغربي وسلمه مجموعة من الأوراق، عبارة عن اعتمادات مؤقتة près-accréditation، وزعت على الرياضيين والمؤطرين المرافقين لهم قصد تسهيل ولوجهم إلى التراب الجزائري، لكن المفاجأة / الصدمة، كانت استثناء الصحافيين من هذه الاعتمادات المؤقتة، لتنطلق فصول الحكاية الأخرى ومعها المعاناة التي بدأت بانتظار لمدة خمس دقائق وتحولت إلى احتجاز لأزيد من 30 ساعة.
* خمس دقائق ويتم حل المشكل :
بحسن نية، وبقد السعادة التي أحسسنا بها ونحن نتلقى الترحاب والابتسامة من موظفي المطار، بقدر الصدمة التي أصبنا بها ونحن نتلقى نبأ أن أسماءنا غير مدرجة في الاعتمادات المؤقتة التي وزعت على الرياضيين والمؤطرين المغاربة، في البداية اعتقدنا أن الأمر سهوا أو خطأ في الطباعة، نظرا، للعدد الكبير من أعضاء الوفد المغربي، لكن تبين فيما بعد أن الأمر ليس كذلك.
تمكن الرياضيون من ختم جوازاتهم بسرعة متناهية، وعبروا إلى الجهة الأخرى، حيث كنا نسمع الزغاريد في استقبالهم، واستبشرنا خيرا أننا سنلحق بهم في غضون دقائق، خصوصا بعد أن استفسرنا شرطيا في المطار عن سبب استثنائنا، فأخبرنا أن المشكل بسيط وسيتم حله في خمس دقائق، طلب منا جوازات سفرنا وقال لنا "ارتاحوا" سآتيكم باعتماداتكم في الحال، لكنه غاب عن الأنظار.
* حديث ذو شجون مع مواطنين جزائريين:
إبان انتظارنا وصول اعتماداتنا ومعها جوازات سفرنا، تزامن ذلك مع وصول عدة طائرات نزل منها أجانب وجزائريون، كانت النظرات ترمقنا ونحن جالسون في ركن من أركان المطار، نرتدي زيّا موحدا بألوان المغرب الحمراء والخضراء تزينه النجمة الشريفة، أهدته لنا اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، إشارات التحية كانت تصلنا من هنا وهناك من مواطنين جزائريين فرحوا لقدومنا إلى بلدهم في ظل الأزمة السياسية الحالية، من تمكن منهم من الاقتراب منا لم يتوان في السلام علينا والترحيب بنا والتعبير لنا عن حبه للمغاربة متمنيا لنا مقاما طيبا في وهران، العديد من المتحدثين إلينا أخبرونا أن أصول آبائهم أو أجدادهم مغربية، وخصوا بالذكر مدينتي وجدة وبركان وإحداهم أكدت لنا أنها علوية جدها من الراشيدية.
ورغم أننا كنا نتحاشى الحديث في الأمور السياسية، إلا أن بعض المواطنين الجزائريين، أثاروا الموضوع وتحسروا على ما آلت إليه العلاقات الجزائرية المغربية وتأسفوا لقطع صلة الرحم بين أشقاء تجمع بينهم روابط أسرية ودينية وثقافية.
* عجوز جزائرية تؤكد "مسؤولونا أصل المشكلة":
وهي تعبر عن حبها للمغاربة، وتسرد بعض ذكرياتها مع صديقاتها المغربيات في الماضي، لم تتوان سيدة عجوز جزائرية كانت في انتظار نقلها عبر كرسي متحرك إلى الطائرة المتوجهة إلى الحج، عن التعبير عن سخطها على مسؤولي بلدها الذين فصلوا وفرقوا بين أشقاء في الدم والدين.
و بنبرة في الكثير من الآهات قالت السيدة العجوز بالحرف: "المشكل فينا احنا وسمحوا لينا، المشكل في دوك اللي يحكموا فينا"، وهنا همست لها سيدة بجانبها يبدو أنها ابنتها وقالت لها اصمتي سوف يسمعونك، فردّت عليها العجوز بقوة: "أنا باقي لي غي القبر ما عندي مناش نخاف نقول الحقيقة واللي يصْرا يصًرا"، ذهلنا من شجاعتها وقبل أن نحييها على موقفها، جاء مستخدم لنقلها إلى الطائرة التي تنتظرها، لتغادر وهي تبتسم لنا وتدعوا لنا بالتوفيق.
* الجميلة الماكرة:
سيدة جميلة في الثلاثينات من عمرها، بلباس مدني، تتنقل بين مكاتب المطار، وتتحدث في الهاتف، لاحظنا أنها تحوم حولنا وتراقبنا بطريقة غريبة، إلى أن تقربت من أحدنا وبادرته بكلمات الترحاب وأخبرته بأن أصول أجدادها من مدينتي وجدة وبركان، ثم بدأت تستفسر بطريقة فطنا لها بأنها تحاول "ماكرة" جمع أكبر قدر من المعلومات عنا وعن مشكلتنا، ذهبت وشاهدناها تتحدث الى مجموعة من زملائها في المطار بدورهم بزي مدني تظهر تحت ملابسهم أجهزة الراديو وكذا المسدسات، والأكيد أنهم من الشرطة أو من استعلامات البلد، كانوا يتهامسون فيما بينهم وينظرون إلينا بنظرات غريبة، لم يتحدثوا إلينا، ولم نفهم شيئا في البداية ، لكننا بدأنا نتأكد أن الأمر سيطول وهو ما حصل بالفعل.
يواصل النظام الجزائري انزلاقاته الخطيرة وحقده الكبير على المغرب، إذ لا تكاد تمر مناسبة كيفما كان نوعها حتى وإن كانت رياضية أو فنية، إلا ويزيد التأكيد فيها للعالم أن عقدته الأزلية هي "المملكة المغربية".
وآخر ما جادت به قريحة نظام "عجائز قصر المرادية"، منعهم لوفد إعلامي رياضي مغربي، من دخول التراب الجزائري، عبر مطار أحمد بن بلة بوهران، الذي وصلته البعثة الرياضية المغربية المشاركة في دورة الألعاب المتوسطية.
الوفد الإعلامي المغربي المكون من تسعة صحافيين، بينهم صحافي جريدة "العلم"، أصيب بصدمة كبيرة، وهو يتلقى خبر منعه من مرافقة رياضيي بلاده وتغطية مشاركتهم في مختلف المسابقات المتوسطية، بدعوى عدم توفره على الاعتمادات الضرورية الخاصة بهذه التظاهرات الرياضية، فتم احتجازه في إحدى قاعات مطار وهران لأزيد من 30 ساعة في ظروف لا إنسانية تدينها الأعراف والمواثيق الدولية.
ورغم كل المحاولات التي قامت بها اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، وممثلين عن القنصلية المغربية بوهران وكذا اللجنة الدولية لألعاب البحر الأبيض المتوسط، من أجل إنهاء احتجاز الصحافيين المغاربة، خصوصا بعد تقديم كل الإثباتات الدامغة على أن هؤلاء قاموا بكل الإجراءات القانونية اللازمة لتأدية مهامهم الصحفية في هذه التظاهرات الرياضية، لكن السلطات الجزائرية تمادت في تعنتها ورفضت الاستجابة لكل النداءات، فحسمت الموضوع بقرار "ترحيل" الإعلاميين المغاربة في جنح الظلام وبعيدا عن الأنظار إلى تونس ومن تم إلى المغرب في واقعة كان صداها مدويا في مختلف وسائل الإعلام الدولية.
والمثير للسخرية أنه، غداة رفض دخول الصحافيين المغاربة إلى الأراضي الجزائرية، طلعت صحف وقنوات جزائرية، وقامت بما لا يخطر على بال، فادّعت أن من بين أعضاء الوفد الإعلامي عملاء وجواسيس تابعين للمخابرات المغربية، وخصّوا بالذكر صحافي جريدة "العلم"، الذي ركبوا له صورة بـ "الفوتوشوب" وهو مقيد اليدين من قبل الشرطة الجزائرية، في مشهد مضحك / مُبكي، يؤكد بالملموس الحضيض الذي وصلت إليه الأجهزة "الكرغولية" وإفلاسها سياسيا وأخلاقيا.
وفي هذا التقرير الذي نورده في ما يلي، يروي صحافي "العلم"، من الألف إلى الياء، تفاصيل حكاية احتجاز الوفد الإعلامي المغربي في مطار وهران ومنعه من تغطية حدث رياضي لا علاقة له بكل ما هو سياسي.
* من الدار البيضاء إلى تونس إلى وهران:
كما هو معلوم، تغلق الجزائر أجواءها أمام الطائرات المغربية، فما كان من اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية من سبيل سوى اختيار تونس كمحطة عبور لدخول التراب الجزائري، فاستأجرت طائرة خاصة، نقلت الوفد الرياضي ومعه الوفد الإعلامي المرافق له، من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، في اتجاه تونس، وصلت إلى مطار قرطاج في حدود الساعة الحادية عشرة و35 دقيقة، ومكثت هناك حوالي خمس ساعات كاملة، قبل الانتقال إلى الجزائر عبر طائرة أخرى هذه المرة تونسية، حطت بمطار بن بلة بوهران في حدود السادسة والنصف مساء.
* صدمة الطائرة التونسية:
أصيب الوفد المغربي، بالذهول والصدمة للحالة المزرية التي كانت عليها الطائرة التونسية التي نقلتهم إلى وهران الجزائرية، مقاعد مهترئة ومتسخة لدرجة لا تُتصور، حتى إن المضيفات بالطائرة كنا نحس بهن "حشمانات" من منظر الرياضيين المغاربة وهم متفاجئين من حالة مقاعد الطائرة، في مشهد مسيء وخادش لصورة وسمعة بلد "متحضر" مثل تونس، بل إن هناك من شبّه وضعية هذه الطائرة بالأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر منها بلاد "ثورة الياسمين".
* مرحبا بـ "خاوتنا" المغاربة":
فور وصولنا، إلى مطار وهران، سادت حركية غير عادية بهذا الأخير، تأهب كبير لاستقبال الوفد المغربي المكون من 99 فردا، كل مكاتب ختم الجوزات تم تشغيلها، وبعبارة مرحبا بـ "خاوتنا" المغاربة" وبالابتسامة استقبلنا العاملون بالمطار (أمن ومستخدمون)، تقدم شرطي الحدود إلى رئيس الوفد المغربي وسلمه مجموعة من الأوراق، عبارة عن اعتمادات مؤقتة près-accréditation، وزعت على الرياضيين والمؤطرين المرافقين لهم قصد تسهيل ولوجهم إلى التراب الجزائري، لكن المفاجأة / الصدمة، كانت استثناء الصحافيين من هذه الاعتمادات المؤقتة، لتنطلق فصول الحكاية الأخرى ومعها المعاناة التي بدأت بانتظار لمدة خمس دقائق وتحولت إلى احتجاز لأزيد من 30 ساعة.
* خمس دقائق ويتم حل المشكل :
بحسن نية، وبقد السعادة التي أحسسنا بها ونحن نتلقى الترحاب والابتسامة من موظفي المطار، بقدر الصدمة التي أصبنا بها ونحن نتلقى نبأ أن أسماءنا غير مدرجة في الاعتمادات المؤقتة التي وزعت على الرياضيين والمؤطرين المغاربة، في البداية اعتقدنا أن الأمر سهوا أو خطأ في الطباعة، نظرا، للعدد الكبير من أعضاء الوفد المغربي، لكن تبين فيما بعد أن الأمر ليس كذلك.
تمكن الرياضيون من ختم جوازاتهم بسرعة متناهية، وعبروا إلى الجهة الأخرى، حيث كنا نسمع الزغاريد في استقبالهم، واستبشرنا خيرا أننا سنلحق بهم في غضون دقائق، خصوصا بعد أن استفسرنا شرطيا في المطار عن سبب استثنائنا، فأخبرنا أن المشكل بسيط وسيتم حله في خمس دقائق، طلب منا جوازات سفرنا وقال لنا "ارتاحوا" سآتيكم باعتماداتكم في الحال، لكنه غاب عن الأنظار.
* حديث ذو شجون مع مواطنين جزائريين:
إبان انتظارنا وصول اعتماداتنا ومعها جوازات سفرنا، تزامن ذلك مع وصول عدة طائرات نزل منها أجانب وجزائريون، كانت النظرات ترمقنا ونحن جالسون في ركن من أركان المطار، نرتدي زيّا موحدا بألوان المغرب الحمراء والخضراء تزينه النجمة الشريفة، أهدته لنا اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، إشارات التحية كانت تصلنا من هنا وهناك من مواطنين جزائريين فرحوا لقدومنا إلى بلدهم في ظل الأزمة السياسية الحالية، من تمكن منهم من الاقتراب منا لم يتوان في السلام علينا والترحيب بنا والتعبير لنا عن حبه للمغاربة متمنيا لنا مقاما طيبا في وهران، العديد من المتحدثين إلينا أخبرونا أن أصول آبائهم أو أجدادهم مغربية، وخصوا بالذكر مدينتي وجدة وبركان وإحداهم أكدت لنا أنها علوية جدها من الراشيدية.
ورغم أننا كنا نتحاشى الحديث في الأمور السياسية، إلا أن بعض المواطنين الجزائريين، أثاروا الموضوع وتحسروا على ما آلت إليه العلاقات الجزائرية المغربية وتأسفوا لقطع صلة الرحم بين أشقاء تجمع بينهم روابط أسرية ودينية وثقافية.
* عجوز جزائرية تؤكد "مسؤولونا أصل المشكلة":
وهي تعبر عن حبها للمغاربة، وتسرد بعض ذكرياتها مع صديقاتها المغربيات في الماضي، لم تتوان سيدة عجوز جزائرية كانت في انتظار نقلها عبر كرسي متحرك إلى الطائرة المتوجهة إلى الحج، عن التعبير عن سخطها على مسؤولي بلدها الذين فصلوا وفرقوا بين أشقاء في الدم والدين.
و بنبرة في الكثير من الآهات قالت السيدة العجوز بالحرف: "المشكل فينا احنا وسمحوا لينا، المشكل في دوك اللي يحكموا فينا"، وهنا همست لها سيدة بجانبها يبدو أنها ابنتها وقالت لها اصمتي سوف يسمعونك، فردّت عليها العجوز بقوة: "أنا باقي لي غي القبر ما عندي مناش نخاف نقول الحقيقة واللي يصْرا يصًرا"، ذهلنا من شجاعتها وقبل أن نحييها على موقفها، جاء مستخدم لنقلها إلى الطائرة التي تنتظرها، لتغادر وهي تبتسم لنا وتدعوا لنا بالتوفيق.
* الجميلة الماكرة:
سيدة جميلة في الثلاثينات من عمرها، بلباس مدني، تتنقل بين مكاتب المطار، وتتحدث في الهاتف، لاحظنا أنها تحوم حولنا وتراقبنا بطريقة غريبة، إلى أن تقربت من أحدنا وبادرته بكلمات الترحاب وأخبرته بأن أصول أجدادها من مدينتي وجدة وبركان، ثم بدأت تستفسر بطريقة فطنا لها بأنها تحاول "ماكرة" جمع أكبر قدر من المعلومات عنا وعن مشكلتنا، ذهبت وشاهدناها تتحدث الى مجموعة من زملائها في المطار بدورهم بزي مدني تظهر تحت ملابسهم أجهزة الراديو وكذا المسدسات، والأكيد أنهم من الشرطة أو من استعلامات البلد، كانوا يتهامسون فيما بينهم وينظرون إلينا بنظرات غريبة، لم يتحدثوا إلينا، ولم نفهم شيئا في البداية ، لكننا بدأنا نتأكد أن الأمر سيطول وهو ما حصل بالفعل.
* الجوازات محجوزة ولا نعرف مصيرنا:
مع طول الانتظار (خمس ساعات)، ورغم محاولاتنا ضبط أنفسنا وعدم الوقوع في فخ الغضب، إلا أننا لم نقوَ على المقاومة وظهر بعض التوتر والقلق علينا، خصوصا وأن الشرطي الذي تسلم جوازاتنا لم يظهر له أثر وعناصر شرطة الحدود الموجودين في المكتب الذي كنا ننتظر أمامه تغيروا وحلت محلهم عناصر أخرى، بادر اثنان منا إلى دخول المكتب ليستفسر الأمر لتكون المفاجأة أن هذه العناصر ليس لديها أي فكرة عن موضوعنا ولم يخبرها أحد به، ليبدأ احتجاجنا وتبدأ معه الاتصالات من جديد بين مسؤولي المطار إلى أن حضر مدير المطار الذي حاول طمأنتنا بأن الأمر ليس له أية خلفيات أخرى غير عدم توفرنا على الاعتمادات الخاصة بالألعاب المتوسطية، استغربنا في البداية، لحسن الحظ أن زميلا لنا كان يتوفر على خدمة "الرومينغ" في هاتفه، اتصل بالمنسق الإعلامي باللجنة الأولمبية المغربية (أحمد نعيم) ونقل له غضب الزملاء، ثم استفسره عن حقيقة عدم بعث اعتماداتنا للجنة المنظمة للدورة، ليرد عليه بتفنيد هذا الادعاء ويخبره بأن كل الإجراءات القانونية اللازمة تم القيام بها وأن الجزائريين أكدوا لهم أن الاعتمادات جاهزة وسيتم تسليمها لنا في المطار، لكنهم أخلفوا وعدهم وظهرت نواياهم الحقيقية بتعمد إقصاء الوفد الإعلامي المغربي من حضور الدورة المتوسطية.
* منع مسؤول باللجنة الأولمبية المغربية من البقاء مع الصحافيين:
إضافة إلى الزميل أحمد نعيم المنسق الإعلامي باللجنة الأولمبية المغربية، ظهر مسؤول آخر باللجنة (شاب)، حاول الوصول إلينا، حيث كان في الجهة الأخرى خلف مكاتب ختم الجوازات، لكن تم منعه، وبعد محاولات عديد وتصاعد احتجاجنا، تم السماح له بالالتحاق بنا، وأخبرنا أن مجهودات كبيرة تتم من طرف رئيس البعثة المغربية وكذا من ممثلة عن القنصلية المغربية بوهران، هذه الأخيرة حضرت ومعها بعض الأطعمة حاولت إيصالها لنا لكن أمن المطار رفض تواصلها معنا أو حتى تسليم الأكل لنا.
المسؤول "الشاب" من اللجنة الأولمبية المغربية، وبعد استنفاذ كل محاولاته حل المشكل، آثر المكوث معنا ورفض المغادرة قبل أن تحل مشكلتنا، لكن أمن المطار كان له رأي آخر وأصر على مغادرته وأخبروه أن تواجده معنا غير قانوني خصوصا وأن جوازه تم ختمه وعليه الالتحاق بالجهة الأخرى، فما كان منه إلا الانصياع للقرار وهو يتحسر لعدم تمكنه من البقاء معنا.
مع طول الانتظار (خمس ساعات)، ورغم محاولاتنا ضبط أنفسنا وعدم الوقوع في فخ الغضب، إلا أننا لم نقوَ على المقاومة وظهر بعض التوتر والقلق علينا، خصوصا وأن الشرطي الذي تسلم جوازاتنا لم يظهر له أثر وعناصر شرطة الحدود الموجودين في المكتب الذي كنا ننتظر أمامه تغيروا وحلت محلهم عناصر أخرى، بادر اثنان منا إلى دخول المكتب ليستفسر الأمر لتكون المفاجأة أن هذه العناصر ليس لديها أي فكرة عن موضوعنا ولم يخبرها أحد به، ليبدأ احتجاجنا وتبدأ معه الاتصالات من جديد بين مسؤولي المطار إلى أن حضر مدير المطار الذي حاول طمأنتنا بأن الأمر ليس له أية خلفيات أخرى غير عدم توفرنا على الاعتمادات الخاصة بالألعاب المتوسطية، استغربنا في البداية، لحسن الحظ أن زميلا لنا كان يتوفر على خدمة "الرومينغ" في هاتفه، اتصل بالمنسق الإعلامي باللجنة الأولمبية المغربية (أحمد نعيم) ونقل له غضب الزملاء، ثم استفسره عن حقيقة عدم بعث اعتماداتنا للجنة المنظمة للدورة، ليرد عليه بتفنيد هذا الادعاء ويخبره بأن كل الإجراءات القانونية اللازمة تم القيام بها وأن الجزائريين أكدوا لهم أن الاعتمادات جاهزة وسيتم تسليمها لنا في المطار، لكنهم أخلفوا وعدهم وظهرت نواياهم الحقيقية بتعمد إقصاء الوفد الإعلامي المغربي من حضور الدورة المتوسطية.
* منع مسؤول باللجنة الأولمبية المغربية من البقاء مع الصحافيين:
إضافة إلى الزميل أحمد نعيم المنسق الإعلامي باللجنة الأولمبية المغربية، ظهر مسؤول آخر باللجنة (شاب)، حاول الوصول إلينا، حيث كان في الجهة الأخرى خلف مكاتب ختم الجوازات، لكن تم منعه، وبعد محاولات عديد وتصاعد احتجاجنا، تم السماح له بالالتحاق بنا، وأخبرنا أن مجهودات كبيرة تتم من طرف رئيس البعثة المغربية وكذا من ممثلة عن القنصلية المغربية بوهران، هذه الأخيرة حضرت ومعها بعض الأطعمة حاولت إيصالها لنا لكن أمن المطار رفض تواصلها معنا أو حتى تسليم الأكل لنا.
المسؤول "الشاب" من اللجنة الأولمبية المغربية، وبعد استنفاذ كل محاولاته حل المشكل، آثر المكوث معنا ورفض المغادرة قبل أن تحل مشكلتنا، لكن أمن المطار كان له رأي آخر وأصر على مغادرته وأخبروه أن تواجده معنا غير قانوني خصوصا وأن جوازه تم ختمه وعليه الالتحاق بالجهة الأخرى، فما كان منه إلا الانصياع للقرار وهو يتحسر لعدم تمكنه من البقاء معنا.
* خدعة الانتقال إلى صالة (VIP):
فيما يبدو أن مسؤولي مطار وهران توصلوا بالقرار الحاسم تجاهنا من قبل سلطات بلادهم العليا، تم نقلنا إلى قاعة قيل لنا أنها VIP وهي في الحقيقة لا تحمل من الـ VIP إلا الإسم، أخبرونا في البداية أننا سنمكث بها وقتا قصيرا في انتظار أن يتم ايجاد حل لمشكلتنا، لكن تبين لنا أنه تم إبعادنا عن الأنظار في القاعة الأولى تمهيدا لمبيتنا هناك .
* حضور ممثلة القنصلية المغربية بوهران.. ولكن !
مجهودات كبيرة قامت بها ممثلة القنصلية المغربية بوهران من أجل إيجاد حل لمشكلتنا، تمكنا من التواصل معها عن طريق المنسق الإعلامي للجنة الوطنية الأولمبية المغربية الذي كان ينتظر رفقتها بالمطار، وأخبرتنا بأنها تحاول إيصال الطعام لنا لكن مسؤولي المطار رفضوا ذلك، في هذه الأثناء حضر مسؤول جزائري رفيع وقال لنا إنه في حال توصله بوثائقنا من طرف المسؤولين المغاربة سيسمح لنا بالالتحاق بالوفد الرياضي، أجبناه بأن ممثلة القنصلية موجودة في المطار ولديها المطلوب فسمح لها بالدخول واللقاء به، دون اللقاء بنا (كنا في القاعة الأخرى)، لكن هذا اللقاء لم يسفر عن أية نتيجة وأصر المسؤولون على موقفهم المتعنت بعدم مغادرتنا للمطار.
* ليلة بيضاء في قاعة الانتظار:
مع مرور الساعات والوقت المتأخر من الليل، تأكدنا من عدم حل المشكل في يومنا الأول بالمطار حيث أخبرنا مسؤولو هذا الأخير بأن ذلك سيكون في الصباح، فما كان منا إلا محاولة التقاط بعض الأنفاس بعد سفر شاق من الدار البيضاء مرورا بتونس ووصولا إلى وهران، وبما أننا لم نحصل على طعام، أخرج كل منا ما لديه من بعض الحلويات المنزلية والفواكه الجافة لسد بعض الجوع الذي نال منا، ثم بعدها حاولنا النوم بعض الشيء بملابسنا التي علينا، لكن لم نتمكن من ذلك، بفعل عدم وجود الظروف الملائمة، حيث كانت توجد فقط "أريكات" صغيرة يصعب النوم عليها، واثنان منا كانا محظوظين واكتشفا وجود مسجد صغير لا تتعدى مساحته مترا ونصف وافترشا سجادتين كانتا به وحصلا على قسط من النوم عكسنا نحن الذين قضينا ليلة بيضاء ظللنا فيها نتقلب في كراسينا.
* أقبل الصبح وحدث ما كنا نخشاه:
مع إقبال الصبح وانقشاع بعض أشعة الشمس، حدث ما كنا نخشاه، حيث انتابتنا حالة من القلق على حالة الزميل "مصطفى ياسين" موفد جريدة لوبينيون، الذي بدا عليه التعب واصفر وجهه وأحس بآلام في جسده، فتم استدعاء طبيب المطار الذي فحص دقات قلبه وقاس درجة الضغط لديه وكذا نسبة السكر في دمه، وهذا أقصى ما كان يمكن أن يفعله، حيث أكد لنا أنه موجود فقط من أجل الحالات التي تتطلب تدخلات بسيطة والحالات الصعبة يتم نقلها خارج المطار، أما في حالتنا فلم يكن ممكنا معها نقل الزميل ياسين بحكم عدم ختم جواز سفره، طلبنا من طبيب المطار بأن يستدعي طبيب البعثة الرياضية المغربية وأخبرنا بأنه سيقوم بذلك، لكن لم يحدث ذلك، وهنا ظهرت حالة زميل آخر مصاب بالسكري، تم قياس نسبة السكر في دمه وظهرت النتيجة أن هذه النسبة عالية، تتطلب الأكل وتناول الدواء، لحسن الحظ كانت "كافتيريا" صغيرة مفتوحة، توجهنا إليها وطلبنا الفطور، ولمّا عرف المشرف عليها أننا مغاربة وعلم بحكايتنا تضامن معنا ورفض أن يحاسبنا على فطورنا كما يحاسب الآخرين، فاحتسب ثمنا زهيدا رغم أننا طلبنا منه أن يحصل على المزيد..
نفس التعاطف والتضامن وحسن المعاملة تلقيناها من العاملين البسطاء في القاعة التي مكثنا، ما يؤكد أن ما يجمع بين الشعبين أكبر مما يفرق بينهما.
* هلع وسط عائلات الصحافيين في المغرب:
بطريقة ذكية، تمكن المصور الصحافي "أمين مرجون" من العثور على "ويفي" مفتوح، ولجناه كلنا دفعة واحدة، فإذا بنا نفاجأ أن خبر احتجازنا انتشر في المغرب وأن عائلاتنا قلقة علينا، وكل واحد منا وجد في بريده الالكتروني أو "الواتساب" اتصالات كثيرة تحاول الاطمئنان على حالنا، وحتى نثير قلق عائلاتنا أرسلنا لهم رسائل تفيد بأننا بخير وعلى خير، ويبدو أن أصحاب "الويفي" اكتشفوا أمرنا وقطعوه عنا، لتبدأ معاناتنا من نوعها الآخر (الانقطاع عن العالم الخارجي).
* الشاي المغربي من يد العدلاني وحضور المسؤول الأمني:
مع تصاعد القلق والتوتر لدينا، لم يخفف من وطأة ذلك، إلا إبريق من الشاي المغربي أعده لنا زميلنا المصور الصحافي محمد العدلاني من الأحداث المغربية الذي أحضر معه الشاي والسكر وحتى جهاز تسخين الماء (ريشو) من المغرب، فتحول القلق إلى مرح وتبادل للقفشات بيننا، قبل أن يدخل علينا مسؤول أمني رفيع لم يكن من الذين التقيناهم في يومنا الأول، حاول تهدئتنا واختصر لنا الطريق فأخبرنا أننا مع حلول صلاة المغرب سنتوصل بالقرار النهائي، إما بدخولنا التراب الجزائري، أو الترحيل الى المغرب، واعترف لنا المسؤول الأمني بحسرة أن الأمر لا علاقة له بالاعتمادات الصحافية وإنما هو قرار سيادي اتخذته الدولة الجزائرية.
* تبون يصل إلى المطار:
في الأثناء التي كنا نمرر فيه الوقت في القاعة، كنا بين الفينة والأخرى نلقي نظرة على مدرج المطار، والطائرات التي تهبط فيه، كانت الحركة غير عادية، تحركات أمنية كثيرة وفرقة موسيقية في المدرج، علمنا من بعض المستخدمين أن الرئيس "تبون" سيحل بالمطار لتدشين محطة جديدة، الملفت أن القائمين على المطار، وحتى لا نشاهد لحظة وصول الرئيس، أحضروا سيارات كبيرة ووضعوها أمام القاعة لحجب الرؤية عنا عبر الزجاج المطل على المدرج (الذكاء/الغباء)، ومع ذلك تابعنا لحظة وصول "تبون" كما تابعنا الطائرات الحربية التي كانت تحلق من مسافة قريبة من موكب الرئيس.
* الخبر اليقين أتى:
انتصف النهار ومرت الساعات واقترب العصر، وحالة الترقب تزداد لدينا، وأخيرا تم إحضار "سندويتشات" لنا، ونحن نتناولها، حضر مسؤول في المطار وأحضر معه الخبر اليقين، "وجودكم في الجزائر غير مرحب به، وستغادرون المطار في الطائرة المتوجهة إلى تونس في الساعة الواحدة صباحا، هنا أصيب الجميع بالذهول لأنهم جاؤوا من أجل أداء مهمة صحافية رياضية فتحولت إلى قضية سياسية، مباشرة بعدها اتصل الزميل أحمد نعيم وأخبرنا بدوره بالقرار، وأكد لنا حجز الفندق في تونس وتذاكر العودة إلى المغرب.
بعدما استوعبنا الخبر، لم يُخف بعضنا فرحه بقرار الترحيل، لا لشيء سوى لتأكده أن مهمتنا لن تكون مفروشة بالورود، فإذا كانت البداية هكذا فكيف ستون النهاية؟ !
* ترحيل على طريقة أخطر المجرمين:
عندما حل موعد الطائرة التي ستنقلنا إلى تونس، دبّت الحركة من جديد في القاعة التي كنا نمكث بها، جاءت حافلة المطار، ترافقها سيارة الشرطة، نزل ضابط منها وتواصل مع شرطي في القاعة فتح له الباب، تحدثا معا، وأخبرانا بأن نحضر أمتعنا، ودون إجراء تسجيل لهذه الأمتعة غادرنا القاعة وحملناها معنا، وفي الحافلة وأخيرا استعدنا جوازات سفرنا، رافقنا الشرطي في الحافلة ولم يغادر إلا بعد تأكده من صعونا الطائرة، المفاجأة أنه تم إحضارنا مبكرا جدا إلى الطائرة (على طريقة أخطر المجرمين)، وخصصت لنا المقاعد الخلفية فيها بالقرب من العاملين بها، بعد ذلك بدأ ولوج المسافرين الآخرين لتنطلق الرحلة إلى تونس التي وصلنا مطارها "قرطاج" في حدود الساعة الثالثة صباحا.
* سفارة المغرب في تونس قامت بالواجب:
عند الوصول إلى مطار قرطاج، وبعد القيام بالإجراءات اللازمة، وجدنا في استقبالنا موظفين من سفارة المغرب بتونس، نقلونا وأمتعتنا مشكورين إلى الفندق وضربوا لنا موعدا في السفارة في الغد، وبالفعل بعد صلاة الجمعة انتقلنا إلى السفارة واستقبلنا السفير حسن طارق وتبادل معنا أطراف الحديث وأكد لنا تضامنه معنا ورفع من معنوياتنا.
فيما يبدو أن مسؤولي مطار وهران توصلوا بالقرار الحاسم تجاهنا من قبل سلطات بلادهم العليا، تم نقلنا إلى قاعة قيل لنا أنها VIP وهي في الحقيقة لا تحمل من الـ VIP إلا الإسم، أخبرونا في البداية أننا سنمكث بها وقتا قصيرا في انتظار أن يتم ايجاد حل لمشكلتنا، لكن تبين لنا أنه تم إبعادنا عن الأنظار في القاعة الأولى تمهيدا لمبيتنا هناك .
* حضور ممثلة القنصلية المغربية بوهران.. ولكن !
مجهودات كبيرة قامت بها ممثلة القنصلية المغربية بوهران من أجل إيجاد حل لمشكلتنا، تمكنا من التواصل معها عن طريق المنسق الإعلامي للجنة الوطنية الأولمبية المغربية الذي كان ينتظر رفقتها بالمطار، وأخبرتنا بأنها تحاول إيصال الطعام لنا لكن مسؤولي المطار رفضوا ذلك، في هذه الأثناء حضر مسؤول جزائري رفيع وقال لنا إنه في حال توصله بوثائقنا من طرف المسؤولين المغاربة سيسمح لنا بالالتحاق بالوفد الرياضي، أجبناه بأن ممثلة القنصلية موجودة في المطار ولديها المطلوب فسمح لها بالدخول واللقاء به، دون اللقاء بنا (كنا في القاعة الأخرى)، لكن هذا اللقاء لم يسفر عن أية نتيجة وأصر المسؤولون على موقفهم المتعنت بعدم مغادرتنا للمطار.
* ليلة بيضاء في قاعة الانتظار:
مع مرور الساعات والوقت المتأخر من الليل، تأكدنا من عدم حل المشكل في يومنا الأول بالمطار حيث أخبرنا مسؤولو هذا الأخير بأن ذلك سيكون في الصباح، فما كان منا إلا محاولة التقاط بعض الأنفاس بعد سفر شاق من الدار البيضاء مرورا بتونس ووصولا إلى وهران، وبما أننا لم نحصل على طعام، أخرج كل منا ما لديه من بعض الحلويات المنزلية والفواكه الجافة لسد بعض الجوع الذي نال منا، ثم بعدها حاولنا النوم بعض الشيء بملابسنا التي علينا، لكن لم نتمكن من ذلك، بفعل عدم وجود الظروف الملائمة، حيث كانت توجد فقط "أريكات" صغيرة يصعب النوم عليها، واثنان منا كانا محظوظين واكتشفا وجود مسجد صغير لا تتعدى مساحته مترا ونصف وافترشا سجادتين كانتا به وحصلا على قسط من النوم عكسنا نحن الذين قضينا ليلة بيضاء ظللنا فيها نتقلب في كراسينا.
* أقبل الصبح وحدث ما كنا نخشاه:
مع إقبال الصبح وانقشاع بعض أشعة الشمس، حدث ما كنا نخشاه، حيث انتابتنا حالة من القلق على حالة الزميل "مصطفى ياسين" موفد جريدة لوبينيون، الذي بدا عليه التعب واصفر وجهه وأحس بآلام في جسده، فتم استدعاء طبيب المطار الذي فحص دقات قلبه وقاس درجة الضغط لديه وكذا نسبة السكر في دمه، وهذا أقصى ما كان يمكن أن يفعله، حيث أكد لنا أنه موجود فقط من أجل الحالات التي تتطلب تدخلات بسيطة والحالات الصعبة يتم نقلها خارج المطار، أما في حالتنا فلم يكن ممكنا معها نقل الزميل ياسين بحكم عدم ختم جواز سفره، طلبنا من طبيب المطار بأن يستدعي طبيب البعثة الرياضية المغربية وأخبرنا بأنه سيقوم بذلك، لكن لم يحدث ذلك، وهنا ظهرت حالة زميل آخر مصاب بالسكري، تم قياس نسبة السكر في دمه وظهرت النتيجة أن هذه النسبة عالية، تتطلب الأكل وتناول الدواء، لحسن الحظ كانت "كافتيريا" صغيرة مفتوحة، توجهنا إليها وطلبنا الفطور، ولمّا عرف المشرف عليها أننا مغاربة وعلم بحكايتنا تضامن معنا ورفض أن يحاسبنا على فطورنا كما يحاسب الآخرين، فاحتسب ثمنا زهيدا رغم أننا طلبنا منه أن يحصل على المزيد..
نفس التعاطف والتضامن وحسن المعاملة تلقيناها من العاملين البسطاء في القاعة التي مكثنا، ما يؤكد أن ما يجمع بين الشعبين أكبر مما يفرق بينهما.
* هلع وسط عائلات الصحافيين في المغرب:
بطريقة ذكية، تمكن المصور الصحافي "أمين مرجون" من العثور على "ويفي" مفتوح، ولجناه كلنا دفعة واحدة، فإذا بنا نفاجأ أن خبر احتجازنا انتشر في المغرب وأن عائلاتنا قلقة علينا، وكل واحد منا وجد في بريده الالكتروني أو "الواتساب" اتصالات كثيرة تحاول الاطمئنان على حالنا، وحتى نثير قلق عائلاتنا أرسلنا لهم رسائل تفيد بأننا بخير وعلى خير، ويبدو أن أصحاب "الويفي" اكتشفوا أمرنا وقطعوه عنا، لتبدأ معاناتنا من نوعها الآخر (الانقطاع عن العالم الخارجي).
* الشاي المغربي من يد العدلاني وحضور المسؤول الأمني:
مع تصاعد القلق والتوتر لدينا، لم يخفف من وطأة ذلك، إلا إبريق من الشاي المغربي أعده لنا زميلنا المصور الصحافي محمد العدلاني من الأحداث المغربية الذي أحضر معه الشاي والسكر وحتى جهاز تسخين الماء (ريشو) من المغرب، فتحول القلق إلى مرح وتبادل للقفشات بيننا، قبل أن يدخل علينا مسؤول أمني رفيع لم يكن من الذين التقيناهم في يومنا الأول، حاول تهدئتنا واختصر لنا الطريق فأخبرنا أننا مع حلول صلاة المغرب سنتوصل بالقرار النهائي، إما بدخولنا التراب الجزائري، أو الترحيل الى المغرب، واعترف لنا المسؤول الأمني بحسرة أن الأمر لا علاقة له بالاعتمادات الصحافية وإنما هو قرار سيادي اتخذته الدولة الجزائرية.
* تبون يصل إلى المطار:
في الأثناء التي كنا نمرر فيه الوقت في القاعة، كنا بين الفينة والأخرى نلقي نظرة على مدرج المطار، والطائرات التي تهبط فيه، كانت الحركة غير عادية، تحركات أمنية كثيرة وفرقة موسيقية في المدرج، علمنا من بعض المستخدمين أن الرئيس "تبون" سيحل بالمطار لتدشين محطة جديدة، الملفت أن القائمين على المطار، وحتى لا نشاهد لحظة وصول الرئيس، أحضروا سيارات كبيرة ووضعوها أمام القاعة لحجب الرؤية عنا عبر الزجاج المطل على المدرج (الذكاء/الغباء)، ومع ذلك تابعنا لحظة وصول "تبون" كما تابعنا الطائرات الحربية التي كانت تحلق من مسافة قريبة من موكب الرئيس.
* الخبر اليقين أتى:
انتصف النهار ومرت الساعات واقترب العصر، وحالة الترقب تزداد لدينا، وأخيرا تم إحضار "سندويتشات" لنا، ونحن نتناولها، حضر مسؤول في المطار وأحضر معه الخبر اليقين، "وجودكم في الجزائر غير مرحب به، وستغادرون المطار في الطائرة المتوجهة إلى تونس في الساعة الواحدة صباحا، هنا أصيب الجميع بالذهول لأنهم جاؤوا من أجل أداء مهمة صحافية رياضية فتحولت إلى قضية سياسية، مباشرة بعدها اتصل الزميل أحمد نعيم وأخبرنا بدوره بالقرار، وأكد لنا حجز الفندق في تونس وتذاكر العودة إلى المغرب.
بعدما استوعبنا الخبر، لم يُخف بعضنا فرحه بقرار الترحيل، لا لشيء سوى لتأكده أن مهمتنا لن تكون مفروشة بالورود، فإذا كانت البداية هكذا فكيف ستون النهاية؟ !
* ترحيل على طريقة أخطر المجرمين:
عندما حل موعد الطائرة التي ستنقلنا إلى تونس، دبّت الحركة من جديد في القاعة التي كنا نمكث بها، جاءت حافلة المطار، ترافقها سيارة الشرطة، نزل ضابط منها وتواصل مع شرطي في القاعة فتح له الباب، تحدثا معا، وأخبرانا بأن نحضر أمتعنا، ودون إجراء تسجيل لهذه الأمتعة غادرنا القاعة وحملناها معنا، وفي الحافلة وأخيرا استعدنا جوازات سفرنا، رافقنا الشرطي في الحافلة ولم يغادر إلا بعد تأكده من صعونا الطائرة، المفاجأة أنه تم إحضارنا مبكرا جدا إلى الطائرة (على طريقة أخطر المجرمين)، وخصصت لنا المقاعد الخلفية فيها بالقرب من العاملين بها، بعد ذلك بدأ ولوج المسافرين الآخرين لتنطلق الرحلة إلى تونس التي وصلنا مطارها "قرطاج" في حدود الساعة الثالثة صباحا.
* سفارة المغرب في تونس قامت بالواجب:
عند الوصول إلى مطار قرطاج، وبعد القيام بالإجراءات اللازمة، وجدنا في استقبالنا موظفين من سفارة المغرب بتونس، نقلونا وأمتعتنا مشكورين إلى الفندق وضربوا لنا موعدا في السفارة في الغد، وبالفعل بعد صلاة الجمعة انتقلنا إلى السفارة واستقبلنا السفير حسن طارق وتبادل معنا أطراف الحديث وأكد لنا تضامنه معنا ورفع من معنوياتنا.
* البعثة الإعلامية تتحول إلى جواسيس:
ونحن نتصفح الأخبار في هواتفنا، صعقنا بالأخبار الرائجة في الجزائر حولنا، حيث لم تتوان بعض الصحف والمواقع الالكترونية بإيعاز من السلطات الحاكمة، في اتهامنا بالجاسوسية، وقد نشروا صورا لنا مدعمة بعناوين ضخمة من قبيل "القبض على جاسوس مغربي في البعثة الإعلامية" أو "عميل المخزن حكموه في وهران"، بل إن صحيفة ذهبت بعيدا ونشرت أسماء كل الوفد الإعلامي مع تواريخ ميلاد أفراده ، وقالت إنها حصلت حصريا على أسماء الجواسيس الذين تم ضبطهم في وهران.
وقد استنكر العديد من الإعلاميين من بينهم جزائريون (أحرار)، هذا التضليل وهذه الفبركة المقيتة التي لا تمت للإعلام بصلة.
ونحن نتصفح الأخبار في هواتفنا، صعقنا بالأخبار الرائجة في الجزائر حولنا، حيث لم تتوان بعض الصحف والمواقع الالكترونية بإيعاز من السلطات الحاكمة، في اتهامنا بالجاسوسية، وقد نشروا صورا لنا مدعمة بعناوين ضخمة من قبيل "القبض على جاسوس مغربي في البعثة الإعلامية" أو "عميل المخزن حكموه في وهران"، بل إن صحيفة ذهبت بعيدا ونشرت أسماء كل الوفد الإعلامي مع تواريخ ميلاد أفراده ، وقالت إنها حصلت حصريا على أسماء الجواسيس الذين تم ضبطهم في وهران.
وقد استنكر العديد من الإعلاميين من بينهم جزائريون (أحرار)، هذا التضليل وهذه الفبركة المقيتة التي لا تمت للإعلام بصلة.
* حفيظ دراجي .. إذا نطق السفيه..
كعادته في الآونة الأخيرة، وللتزلف لأسياده من العسكر، خرج معلق قنوات بين سبورت، وناكر جميل المغاربة، الجزائري حفيظ دراجي بتعليقات غريبة تؤكد حقده على المغرب، حيث اتهم الإعلاميين الذين رافقوا الوفد الرياضي المغربي إلى وهران بالجاسوسية، فكتب تدوينة، قال فيها إن "الألعاب للرياضيين والفنيين والإعلاميين والإداريين، لا مكان فيها للمخابرات ورجال الأمن، من حق الجزائر أن ترفض دخول العسكر والبوليس، هذه ألعاب رياضية استقبل فيها الوفد الرياضي المغربي بحفاوة لا نظير لها رسميا وشعبيا"، وحتى لا نكون مثل هذا الدراجي الذي تناسى أن من بين الإعلاميين الذين اتهمهم بالجاسوسية من استضافوه في بيوتهم وأكرموه وفق الكرم المغربي الذي تربوا عليه، وندعوه لإتمام العبارة الشهيرة "إذا نطق السفيه ...".
* تضامن مغربي ودولي :
لم تمر فضيحة النظام الجزائري تجاه الصحافيين المغاربة، مرور الكرام، فقد توالت ردود الأفعال المحلية والدولية، منددة بما جرى من خلط للرياضة بالسياسة، وفي مقدمة المنددين نقابة الصحافيين المغاربة، والجمعيات الصحافية الرياضية المغربية والاتحاد الدولي للصحافة الرياضية والاتحادين الإفريقي والعربي للصحافة الرياضية ومنظمة مراسلون بلا حدود والعديد من المنابر الإعلامية العربية والأوروبية.
كعادته في الآونة الأخيرة، وللتزلف لأسياده من العسكر، خرج معلق قنوات بين سبورت، وناكر جميل المغاربة، الجزائري حفيظ دراجي بتعليقات غريبة تؤكد حقده على المغرب، حيث اتهم الإعلاميين الذين رافقوا الوفد الرياضي المغربي إلى وهران بالجاسوسية، فكتب تدوينة، قال فيها إن "الألعاب للرياضيين والفنيين والإعلاميين والإداريين، لا مكان فيها للمخابرات ورجال الأمن، من حق الجزائر أن ترفض دخول العسكر والبوليس، هذه ألعاب رياضية استقبل فيها الوفد الرياضي المغربي بحفاوة لا نظير لها رسميا وشعبيا"، وحتى لا نكون مثل هذا الدراجي الذي تناسى أن من بين الإعلاميين الذين اتهمهم بالجاسوسية من استضافوه في بيوتهم وأكرموه وفق الكرم المغربي الذي تربوا عليه، وندعوه لإتمام العبارة الشهيرة "إذا نطق السفيه ...".
* تضامن مغربي ودولي :
لم تمر فضيحة النظام الجزائري تجاه الصحافيين المغاربة، مرور الكرام، فقد توالت ردود الأفعال المحلية والدولية، منددة بما جرى من خلط للرياضة بالسياسة، وفي مقدمة المنددين نقابة الصحافيين المغاربة، والجمعيات الصحافية الرياضية المغربية والاتحاد الدولي للصحافة الرياضية والاتحادين الإفريقي والعربي للصحافة الرياضية ومنظمة مراسلون بلا حدود والعديد من المنابر الإعلامية العربية والأوروبية.