العلم الإلكترونية - إدجا ياو دريسا
الجزء الأول: دول غرب أفريقيا الفرنكوفونية.
الجزء الثاني: الترجمة وأصالتها.
الجزء الثالث: التجديد في الترجمة في دول غرب أفريقيا الفرنكوفونية.
الجزء الأول: دول غرب أفريقيا الفرنكوفونية.
الجزء الثاني: الترجمة وأصالتها.
الجزء الثالث: التجديد في الترجمة في دول غرب أفريقيا الفرنكوفونية.
مقدمة:
إن من الواضح أن علاقة غرب أفريقيا الفرنكوفونية مع فرنسا بدأت بالاستعمار والذي دام لسنين وتمت على زمنه زعزعة كثير من ثقافات هذه البلاد وسقوط كثير من الأرواح، لقد تمكن المستعمر من إرغام هذه البلاد وتقسيمها كما يريد، تمكن من إرضاخ الناس وممارسة كل ما يحلو له على هذه الأراضي لكن القلوب لم تكن راضخة قط لتلك الممارسات فكان الهدف الوحيد استعادة الأرض واستقبال الحرية من جديد.
وفعلا، تحققت الأماني وقطف الشعب المرام الكبير، لكن كيف حدث أننا حتى اليوم ما زلنا نعاني من الوجود الأجنبي لغة وثقافة وسياسة كأن شيئا لم يحدث، ما الذي لم يتم فهمه من الفرنكوفونية، ما هي الأسرار الدفينة فيها التي لم تتضح في ذلك الوقت؟ ولماذا تم خلق فكرة وأيديولوجية الفرنكوفونية أصلا ؟
الإجابات عن هذه التساؤلات في الجزء الأول من هذا البحث.
الجزء الأول: دول غرب أفريقيا الفرنكوفونية.
السؤال الذي يفرض نفسه عندما نسعى للدخول في عمق هذا المصطلح وفي تفاصيله الدقيقة هو: ما هي الفرنكوفونية ؟
هذا المصطلح يحمل في مفهومه إشكالية كبيرة ولقد أرق حوله النخب المثقفة والمفكرة والباحثة، وربما يعود السبب في الغموض الذي يحتويه المصطلح، إلى اعتباره رمزا مغلقا يسعى كل لفكه وفتحه حسب فهمه، ولقد أتت تعريفات عدة متقاربة أحيانا ومتفاوتة في بعض الأحايين، إليكم بعضها بدءاً من التعريفات اللغوية.
الفرنكوفونية مجموعة من الشعوب والأمم التي تتحدث باللغة الفرنسية، جاء في القاموس لاروس بأنها: " التجمع الذي يضم الشعوب الناطقة باللغة الفرنسية".1
نفهم في لاروس أن الفرنكوفونية تجمع لغوي بحت، أما الموسوعة الفرنسية الشاملة ( Encyclopedie universalis ) فقد تجاوزت هذا الحد لتضيف الجانب الثقافي والحضاري إذ ورد فيها أن الفرنكوفونية:
« مجموعة تقوم على شعور الانتماء إلى جماعة تتقاسم لغة هي الفرنسية - مع ما تحمل من ثقافة وحضارة».2
نلاحظ أن المفهوم اللغوي في القواميس الفرنسية ليست موافقة تماما فيما بينها يرى البعض الأمر لغويا بحتا فيما يراه غيره أعمق من ذلك.
هذا عن القواميس الفرنسية ماذا عن القواميس العربية، وهل توافق على هذه المفاهيم أم لا؟
يعرف معجم عربي عربي معجم المعاني الجامع الفرنكوفونية بأنها " رابطة تضم الدول والشعوب التي تتحدث الفرنسية كلغة رسمية أو حتى كلغة عادية، وقد ظهر هذا المصطلح لأول مرة في القرن التاسع عشر".3
ندرك من جميع التعريفات الواردة أن القاسم المشترك بينها هي اللغة. لا تختلف التعريفات أن الفرنكوفونية سياسة لغوية أما الأبعاد الأخرى فكل يشرحها حسب فهمه ونفس الشيء تقريبا حدث مع المفهوم الاصطلاحي.
الفرنكوفونية في الاصطلاح:
"مجموع أنصار اللغة التي تمثل تيارا ثقافيا نودي به في أعقاب استقلال البلاد التي كانت خاضعة للسيادة الفرنسية قصد الإبقاء على الصلات الثقافية المشتركة المتمثلة في معرفة اللغة الفرنسية وثقافتها، وتطور الأمر في إنشاء حركة أو منظمة فرانكوفونية وتشكيل أمانة عامة لها على مستويات مختلفة من القمة الفرانكوفونية والتوسع في توثيق الصلات العامة و الصلات العسكرية والسياسية والاقتصادية بين دول الأعضاء وفرنسا الأم".4
هذا المفهوم للفرنكرفونية أعمق من غيره، فلقد تجاوز الحد اللغوي بشكل كبير ووصل إلى الأهداف وراء إنشاء هذا النظام، والنظر الدقيق يكاد يثبت بأن هذه الفرنكوفونية هي الاستعمار بعينه، والفرق الوحيد هو الاسم، وزمن المناداة بهذا النظام يثبت ذلك إذ نودي به زمن الاستقلال كأنه كان البديل للاستعمار، ولهذا ضمت كل الجوانب الاستعمارية تقريبا، الجانب اللغوي والثقافي والسياسي والاقتصادي والعسكري فهو إذن نظام كامل مدروس بأهداف واضحة ومرسومة من قبل أصحابها، ولقد أجاب هذا التعريف الشامل إجابة شافية عن تساؤلاتنا في بداية المقالة، وإليكم بعض الأهداف العامة للفرنكوفونية.
1- تأكيد دور القيادي لفرنسا في هذه البلاد.
2- حفظ القيادة الاقتصادية والسياسية واللغوية والثقافية.
3- عولمة تسعى لجمع هذه الدول لخدمة أغراضها ومصالحها الذاتية.
4- منافسة الأمركة.
5- اقتطاف الشعبية والداعمين على الصعيد العالمي.5
هذا وغيرها من الأهداف الخفية التي لم تتضح في البداية لقادة هذه البلاد أو تم إخفاؤها عنهم إذا صح التعبير ولم يكتشفها إلا الزمن والممارسات العيان التي قامت فرنسا الأم تحت هذا الغطاء، فقد تم كشف الجانب اللغوي البحت للناس وبعدما آمنوا به ورحبوا به أدركوا في النهاية أن الأمر أعمق من مجر اللغة وأنها سياسة استعمارية جديدة تم حفرها ليسقطوا فيه وحينها كانوا داخل الحفرة من زمان.
الجزء الثاني: الترجمة وأصالتها.
يقول الله جل علاه بسم الله الرحمن الرحيم: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ".6
ندرك في الآية الكريمة أن الاختلاف جبلة فينا وذلك لغرض واضح في الآية وهو التعارف، أن تأخذ مما عند غيرك لتستفيد به على الحد الذي يناسبك، وفي هذا السياق بالذات تأتي الترجمة لتنزع الأثواب عن مفاهيم من لغة إلى أخرى ليتمكن أهل اللغة الثانية من الوصول إلى تلك المفاهيم ولولا ذلك الاختلاف الجبلي لما كان هناك أصلا داع للترجمة، وسنعرض في هذا الجزء من مقالتنا مفاهيم الترجمة لغة واصطلاحا:
الترجمة لغة:
ترجم الكلام بينه ووضحه، وترجم كلام غيره نقله من لغة إلى أخرى ، ذكر ترجمته ، والترجمان: المترجم جمع تراجم وتراجمة7، وورد حديث هرقْل: قال لترجمانه، الترجمان بالضم والفتح هو الذي يترجم الكلام ّأي ينقله من لغة إلى أخرى ، والجمع التراجم).8
وللترجمة أربع معان لغوية على التخليص من كتب اللغويين:
1- تبليغ الكلم لمن يبلغه ، ومنه قول الشاعر :-
إن الثمانين وبلغتها قد أحوجت سمعي إلى ترجمان.9
2- تفسير الكلام بلغته التي جاء بها ، ومن هذا الباب عرف ابن عباس بأنه ترجمان القرآن.
3- تفسير الكلام بلغة غيره.
4- نقل الكلم من لغة إلى أخرى .
الترجمة اصطلاحا:
التعبير عن معنى كلام في لغة بكلام آخر من لغة أخرى مع الوفاء بجميع معانيه ومقاصده.10
أنماط الترجمة:
هناك ثلاثة أنماط للترجمة اختلف العلماء فيما إذا كان كلها ترجمة أم لا، وتلك الأنماط كالتالية:
1- الترجمة داخل اللغة نفسها ويسميها البعض إعادة الصياغة:
هذا النمط هو أن يفسر الإنسان لغيره كلام غيره في نفس اللغة وذلك لعدة أسباب، إما لأن المترجم إليه له مستوى ضعيف في تلك اللغة أم أنه ليست له معلومات كافية عن الموضوع المتحدث عنه أو طالب يدرس على يد أستاذه يحتاج لأن يفهم الدرس في لغة دراسته وما إلى ذلك، هذه الأسباب تجعل المترجم يعيد صياغة الكلام إلى المترجم إليه بمستوى اللغة الذي يفهمه، ويعرف هذا النمط بـ: newording .
2- الترجمة بين الرسوم السيموطيقية:
هذا النمط من الترجمة يتعلق بالرموز اللغوية يفكها المترجم من خلال رموز غير لغوية وهذا النمط معروف بـ: Transmutation .
3- الترجمة بين اللغات المختلفة:
ويعني هذا النمط نقل معاني النصوص من لغة إلى أخرى مع الاحتفاظ التام بمضمون النص الأصلي، وهذا موضوعنا ويعرف هذا النمط بـ: Transition proper:.11
إن الأساس والدافع للترجمة هو الاختلاف بين اللغات والثقافات، فكلما أردنا الاطلاع على ما عند الآخرين نحتاج إلى فهم ما يقولون وما يكتبون وهذه الحاجة تقضيها الترجمة بأحسن وجه، فتطلع على لغات وثقافات الآخرين خلالها ونوعية تفكيرهم وما إلى ذلك.
ومن الدوافع للترجمة الغاية الاتصالية، فعندما نضطر للاتصال مع من يختلف عنا لغة وثقافة نضطر لترجمة كلامه لنتفاهم إذ لا سبيل غير ذلك للتفاهم.12
أنواع الترجمة:
الترجمة الأدبية: تُعتبر الترجمة الأدبية ذات صعوبة بالغة من بين أنواع الترجمة، فنجد أن المترجم ملزم بنقل معان من لُغة إلى أخرى، وكذلك وصف الحالة الشعورية والأحاسيس التي عاشها المؤلف الأصلي، وبالتَّبعية انتقلت إلى المواطنين في البلد الأصلي، بما جعله يرتقي ويتفوق ويظهر في بلده ويُصبح ذا صيت واسع، ومن هذا المنطلق ينبغي على المترجم أن يتحرى الدقة؛ من خلال ما يتمتَّع بها من مهارة وخبرة.
الترجمة الدينية: تُعد الترجمة الدينية من أنواع الترجمة التي لها أهمية كبيرة؛ فهي وسيلة مهمة لنشر ديانة معيَّنة في ربوع العالم، وكذلك التَّعرف على القواعد والشرائع التي تتعلق بتلك الديانة بالنسبة للمنتسبين إليه في مناطق أخرى، فعلى سبيل المثال هناك احتياجات كبيرة للترجمة الدينية المتعلقة بالأحاديث النبوية الشريفة والفقه الإسلامي وتفسير القرآن بالنسبة للمسلمين في الدول غير الناطقة باللغة العربية، مثل الصين، أو الهند، أو اليابان، أو دول إفريقيا....13
الترجمة العلمية: من بين أنواع الترجمة المهمة، ويلزم للترجمة العلمية مقومات تختلف عن غيرها من التراجم؛ نظرا للحاجة إلى تغير المصطلحات العلمية، وقضية إيجاد بدائل في اللغة المستهدفة، وخاصة في ظل ظهور الجديد من تلك المصطلحات في كل فترة.
الترجمة الاقتصادية: تنتشر في الوقت الحالي المعاملات التجارية بين الدول بعضها البعض، سواء بشكل مباشر، أو من خلال الشركات متعددة الجنسيات، أو عن طريق البورصات العادية... إلخ، لذا ظهرت وانتشرت الترجمة الاقتصادية؛ من أجل تحقيق التوازن في ضوء المصالح المشتركة بين رجال الأعمال في الدول المختلفة.14
الترجمة القانونية: والترجمة القانونية من بين أنواع الترجمة المهمة، والتي أصبحت تتخذ مكانة كبيرة داخل أزقة المجتمعات في مختلف الدول، والحاجة إليها تزداد يوما بعد آخر؛ نظرا للتعامل والتواصل بين الألسنة المختلفة، ومن ثم يلزم ذلك التَّعرف على القوانين والعقود والبنود التي تُؤِصل الحقوق فيما بين الدول.
الترجمة الإعلامية: تعد الترجمة الإعلامية من أنواع الترجمة التي اقتضتها متطلَّبات العصر، وذلك في ظل انتشار العشرات من وسائل الإعلام، سواء التقليدية التي تتمثل في الصحف والمجلات، أوالإلكترونية التي تتمثل في شبكات الإنترنت والمواقع والتطبيقات التي توجد بها، وكذلك القنوات الفضائية التي لا حصر لها لذا في الفترة الراهنة، يتم تناقُل الأخبار بسرعة البرق في كل البلدان، لذا زاد الاهتمام بالترجمة الإعلامية، في الوقت الراهن.
الترجمة الفورية: تُعتبر الترجمة الفورية أحد أنواع الترجمة، والتي تُستخدم في التواصل الفوري بين الأشخاص، وتوسعت استخدامات الترجمة الفورية في الوقت الحالي؛ للتواصل الفعال بين ممثلي البلاد في المجال السياسي والاقتصادي والثقافي وغيرها.
الترجمة الحرفية: Literal Translation وهي نوعان السليم والسقيم، أما السليم منها فهو الذي تتطابق فيه اللغة المنقول منها والمنقول إليها تطابقا كليا أو شبه كلي ، وهو أمر نادر الوقوع ، سواء من حيث المعجم أو من حيث التركيب، لأسباب تاريخية حضارية كما في اللغتين الانجليزية والفرنسية أحيانا.
كانت هناك ترجمتان، حرفية ومعنوية، الحرفية تُحاول أن تكون طِبق الأصل، حرفًا بحرف، وكلمة بكلمة، وعبارة بعبارة، حَذْو القُذَّة بالقُذَّة؛ حفاظًا على الأصل، فكانت تحافظ على الشكل دون المضمون، تُبقي على اللفظ وتفقد المعنى، وتحرص على اللغة على حساب الفكر؛ فالنص لا ينقل لفظًا، بل النص و المعنى؛ أي كائنٌ حي، في حين أن النص كلغةٍ نص ميت.
إنما النص ينقل معنى من الداخل وليس من الخارج، ومن المعنى وليس من اللفظ، من الفكر وليس من اللغة، من القلب وليس من الأطراف؛ لذلك كانت هناك ترجمتان لكل نص، ترجمة حرفية من اللفظ إلى اللفظ، ومن اللغة إلى اللغة، ومن شكلٍ إلى شكلٍ من أجل رعاية النقل الخارجي، فمجرد النقل أي الحركة من لغةٍ إلى لغة، ومن لغة الوافد إلى لغة الموروث، وليس بالضرورة من ثقافة الوافد إلى ثقافة الموروث، فتنشأ الثقة بالنفس على هذا الانتقال من لغةٍ إلى لغة، وعلى التعامل مع اللغتين.
وبعد هذا المران واكتشاف حدود اللغة واستقلال الفكر، وشكلية اللفظ وجوهرية المعنى، تأتي الترجمة الثانية من المعنى إلى المعنى، ومن الفكر إلى الفكر، ومن الجوهر إلى الجوهر، سواء من نفس المترجم أو من مترجم آخر، فتأتي الترجمة المعنوية الثانية أكثر سلاسة، وسهولة، وفهمًا، وكأنها مُؤلَّفة من جديدٍ بلغةٍ ثانية، وكأن اللغة الثانية المنقول إليها هي لغة التأليف الأول.
وأحيانًا يكون النص المنقول الثاني أكثر تعبيرًا عن المعنى من النص الأول؛ فكل لغةٍ لها إمكانياتها في التعبير، واللغة الجديدة قد تكون أكثر إمكانية في التعبير من لغة النص الأول.
ولمَّا كان المترجم الحرفي الأول قد اكتسب المران الكافي في النقل والحركة بين اللغات، فإنه في المرة الثانية يقفز إلى معنى النص الأول قفزًا، ويتجه إلى القلب مباشرةً، وبقوة الدفع هذه يُعبِّر عما فهِمَه بلغة النص الثاني، فيخرج التعبير وكأنه تأليف وليس ترجمة، يتجاوز حدود اللغة الأولى ويعتمد على إمكانيات التعبير في اللغة الثانية، فتخرج الترجمة المعنوية نصًّا جديدًا له وجود مستقل عن النص القديم.
مراحل الترجمة إذن تدل على الانتقال من اللفظ إلى المعنى، حتى وصل بنا الأمر إلى النصف الثاني من القرن الرابع، عصر الفارابي الشارح للمعنى والمُؤلِّف فيه.15
الجزء الثالث: الأصالة والتجديد في الترجمة في دول غرب أفريقيا الفرنكوفونية
إن مسيرة الترجمة في غرب أفريقيا قديما لم تتحرك كثيرا فقد انحصرت في مجالين كبيرين هما:
1- الترجمة الحرفية (مجال التجارة):
2- الترجمة الدينية:
الأصالة في الترجمة في غرب أفريقيا الفرنكوفونية:
الترجمة الحرفية (مجال التجارة): في غرب أفريقيا الفرنكوفونية:
كما سبق الذكر بأنها نوعان السليم والسقيم ، أما السليم منها فهو الذي تتطابق فيه اللغة المنقول منها والمنقول إليها تطابقا كليا أو شبه كلي ، وهو أمر نادر الوقوع ، سواء من حيث المعجم أو من حيث التركيب، لأسباب تاريخية حضارية كما في اللغتين الانجليزية والفرنسية أحيانا.
فاحتكت أمة هذه البلاد بغيرهم -وخاصة العرب- عن طريق التجارة فقد كانت قوافل العرب تتردد كثيرا في المنطقة وذلك لما يجمعهما من الاهتمام الكبير بالأخلاق واحترام الكبير والرأفة بالصغير فتوطدت العلاقة بينهما وحينها كان الحاجز اللغوي قائما فكانوا بحاجة إلى مترجمين ينقلون أفكار هؤلاء إلى هؤلاء ومن هنالك بدأ التعامل مع الترجمة بمعناها التقليدي.
وعندما أتى العرب بالإسلام استقبلوا بصدر رحب وذلك لما عرفوا عليه من الأخلاق النبيلة فلم يتردد البعض من الإسلام على أيديهم ومن هنا ستشهد العلاقة التي تجمع الأمتين تطورا غير معهود وأصبح الناس يدخلون في الإسلام أفواجا أفواجا ويزداد الاهتمام باللغة العربية في مكان وأصبحت الترجمة ضرورية لدى المسلمين لفهم دينهم الجديد.
الترجمة الدينية في غرب أفريقيا الفرنكوفونية:
أسلم الناس وأدركوا وجوب فهم دينهم الجديد والذي لغته العربية، بدأت الترجمة تنل رواجا كلما أسلم الناس، وبدأ الناس يتعلمون القرآن والأحاديث النبوية الشريفة ويترجمونها للمسلمين ليفهموا جيدا هذا الدين وليتمكنوا من الصلاة على الوجه الصحيح.
التجديد في الترجمة في غرب أفريقيا الفرنكوفونية :
لم تتطور الترجمة في غرب أفريقيا الفرنكوفونية كثيرا إلا مؤخرا حين انفتح العالم على كل البلاد وأصبح الاطلاع على ما عند الغير ضروريا جزئيا، فالآن نجد أصعدة كثيرة في هذه البلاد نالت الترجمة حظها فيها ومنها :
1- المجالات الدبلوماسية: تقريبا في المجالات الدبلوماسية الآن هناك فريق الترجمة بمختلف اللغات، وذلك لم يكن موجودا في القديم إلا نادرا، أما الآن ففكل مجال الدبلوماسي بحاجة إلى الترجمة بأنواعها المختلفة سواء كان المجال السياسي والاقتصادي أو الثقافي أو العلمي وما إلى ذلك.
2- في السفارات: نجد الآن الترجمة متطورة في السفارات الداخلية والخارجية، سواء كانت الترجمة الفورية أو الكتابية فكل السفارات مكتظة بالأعمال التي تدعو للترجمة وتدعو لإعادة النشاط في هذا المجال.
3- في المجال التعليمي: أصبحت الترجمة محورا أساسيا في التعليم الأساسي وحتى التعليم العالي أحيانا وصار الطلاب مزدوجي اللغة منا يفرض الترجمة بين حين وآخر.
الخاتمة:
هذه المقالة قدمت نظرة عامة عن الفرنكوفونية لغة ومعنى وفكرة كما تناول الترجمة من الناحية اللغوية والمعنوية ولم تهمل أنماط الترجمة ولا أنواعها.
كشفت المقالة كذلك أصالة الترجمة في غرب أفريقيا الفرنكوفونية والتجديد التي حدث فيها مؤخرا. ونرجو أن نكون قدمنا شيئا يفيد السالكين في هذا الحقل المهجور لدى علماء المنطقة وخاصة المستعربين منهم والله ولي التوفيق.
الهوامش:
[1] - La Rousse, Petit )Dictionnaire( Paris, 1989, P.437.
[2] Encyclopedie universalis, Paris, 1999, P.261.
[3] - معجم المعاني الجامع: https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar
[4] وليد كاصد الزيدي، الفرنكوفونية: دراسة في المصطلح والمفهوم والتطور التاريخي، الطبعة الأولى، ص 15.
[5] ينظر: المصدر نفسه، ص 85-86.
[6] سورة الحجرات، آية: 13.
[7] ينظر: المعجم الوسيط1/83. 2).
[8] ينظر: لسان العرب 12/66 .
[9] أنظر: محمد عبد العظيم الزرقاني ، من علماء الزهر بمصر ، من كتبه مناهل العرفان في علوم القرآن ، انظر العلم 6/210 .
[10] أنظر: ترجمة القرآن ، عبد الوكيل الدروبي ، ص 19.
[11] أنظر: أمبارو أوتادا ألبير، الترجمة ونظرياتها، تـ: علي إبراهيم المنوفي.2007، ص: 32.
[12] أنظر: المصدر السابق، ص 35.
[13] أنظر: مبتعث للدراسات والاستشارات الأكاديمية، الترجمة، تعريفها، أنواعها، صعوباتها.
[14] المصدر السابق.
[15] هنداوي، من النقل إلى الإبداع، المجلد الأول النقل، الإبداع، النص، الترجمة، المصطلح، التعليق.