الافـتتاحية
أكدت كلمة المملكة المغربية التي ألقاها عزيز أخنوش رئيس الحكومة أمام القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية التي عقدت أول أمس بالرياض، على الرؤية الملكية النيرة والسديدة، التي عبر عنها جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله وأيده، في الخطاب السامي بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش المجيد، في أن تفاقم الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، يتطلب الخروج من منطق تدبير الأزمة إلى منطق العمل على إيجاد حل نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتلك رؤية تطرح للمرة الأولى في القمم العربية والإسلامية، تتمحور حول ثلاثة مخارج لا بديل عنها، أولها إذا كان التوصل إلى وقف الحرب في غزة أولوية عاجلة، فإنه يجب أن يتم بموازاة مع فتح أفق سياسي كفيل بإقرار سلام عادل ودائم في المنطقة، وثانيها إن اعتماد المفاوضات لإحياء عملية السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، يتطلب قطع الطريق على المتطرفين من أية جهة كانت، وثالثها أن إرساء الأمن والاستقرار بالمنطقة، لن يكتمل إلا في إطار حل الدولتين تكون فيه غزة جزءاً لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وانطلاقاً من هذه المحددات، التي هي في الوقت نفسه مخارج من أجواء الصراع المحتدم ومن الأوضاع المتفجرة، أكدت كلمة المملكة المغربية، أن بلادنا، ومن منطلق تشبثها بالسلام كخيار استراتيجي، تحرص على التأكيد في مختلف المحافل الدولية، على أن السلام الحقيقي في منطقة الشرق الأوسط، يجب أن يضمن للفلسطينيين حقوقهم المشروعة، في ظل حل الدولتين، كما تدين المملكة قرار إنهاء عمل وكالة الأونروا التابعة للأمم المتحدة، وتعد ذلك تهديداً مباشراً لوجود الشعب الفلسطيني.
بهذه اللغة الواضحة والقوية، خاطبت كلمة المملكة المغربية القادة العرب والمسلمين، جامعةً بين التنديد بالعدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية وعلى لبنان، وعدت توسيعَ إسرائيل لدائرة التصعيد العسكري إلى الأراضي اللبنانية، دليلاً واضحاً على أن المنطقة برمتها أضحت تتجه إلى مرحلة يصعب التكهن بملامحها وبمآلاتها، مما يدفعنا، تقول كلمة المملكة، إلى التساؤل عن الأهداف الحقيقية من وراء هذا التصعيد، وعن المستفيد من هذا الوضع المأساوي، لاسيما وأن المجهودات لا تزال مستمرة على أكثر من صعيد، لنزع فتيل الحرب المتواصلة بقطاع غزة منذ أكثر من سنة. وهو السؤال المهم والمحوري الذي لم يطرحه أحد من المتدخلين في الصراع الدائر، ومن الواجب الأخلاقي والمسؤولية السياسية أن يطرح ويبحث له عن الإجابة.
وفي الموقف الرسمي للمملكة المغربية، يكون التضامن مع الجمهورية اللبنانية واجباً مؤكداً. ولذلك ضم المغرب صوته، في كلمته أمام القمة، إلى بقية الدول العربية والإسلامية، ليعبر عن تضامنه مع لبنان، من أجل الحفاظ على سيادته على كامل أراضيه، ودعم مؤسساته الدستورية في ممارسة سلطتها، بما يعزز الوحدة اللبنانية. وينطوي هذا التضامن مع لبنان في هذه المرحلة، على رسالة يعيها و يدركها الشعب اللبناني، الذي اغتصبت منه سيادة دولته على كامل أراضيه الوطنية.
لقد عبرت كلمة المملكة المغربية أمام القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، عن الموقف المغربي إزاء القضية الفلسطينية، التي يضعها جلالة الملك، نصره الله، ضمن ثوابت السياسة الخارجية المغربية، إذ خصص جلالته، وفقه الله، مساحة مهمة للقضية الفلسطينية، في الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش المجيد، حيث جدد العاهل الكريم التأكيد على مواصلة دعم المبادرات البناءة التي تهدف لإيجاد حلول عملية لتحقيق وقف ملموس ودائم لإطلاق النار في الأراضي الفلسطينية المحتلة. والتذكير بهذه المواقف المغربية حيال القضية الفلسطينية، أمام قمة الرياض، فيه الرد المفحم على المزايدين الذين يحلمون ولا يعلمون ولا هم يعملون.
إن التأكيد على الأولويات الملحة والمسلمات البديهية، التي طرحها جلالة الملك، أعز الله أمره، في القمة العربية الإسلامية المشتركة المنعقدة قبل سنة، في النسخة الثانية لهذه القمة، يؤكد أن الرؤية الملكية المستنيرة والواضحة للقضية الفلسطينية، تشكل عماد الاستراتيجية التي يتوجب على العرب والمسلمين، اعتمادها لإيجاد حل عادل ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عبر فتح أفق سياسي، واعتماد المفاوضات لإحياء عملية السلام، باعتبار ذلك خروجاً من منطق تدبير الأزمة إلى منطق العمل على إيجاد حل نهائي لهذا الصراع.
العلم