2023 مارس 29 - تم تعديله في [التاريخ]

الباحث المغربي السباعي يكشف أسباب تأخر التعليم بالمغرب

إصدار أكاديمي جديد ضمن منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير للدكتور بوعلام السباعي بعنوان "التعليم بالمغرب خلال النصف الثاني من القرن 19 الميلادي: دوافع الإصلاح ومعيقاته"


العلم الإلكترونية - الرباط 

تُقدم منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير للقراء، كتاب جديد أعده الباحث الدكتور بوعلام السباعي بعنوان "التعليم بالمغرب خلال النصف الثاني من القرن 19 الميلادي: دوافع الإصلاح ومعيقاته"، والذي يعتبر محاولة أكاديمية جادة لفهم أسباب تأخر التعليم بالمغرب رغم المجهودات المبذولة من قبل السلاطين الذين تعاقبوا على حكمه خلال النصف الثاني من القرن 19م. 
 
وتناول الكتاب مشاكل القطاع الذي بقي في حاجة إلى قطع أشواط كبيرة لمجاراة نظيره بالدول الأوروبية، رغم المجهودات الرامية إلى تقوية ميدان التعليم وإصلاحه، إذ غلبت العلوم الشرعية على العلوم الـمُدَرسة، وحتى علم الرياضيات الذي شهد اهتماما من قبل السلطانين محمد بن عبد الرحمان والحسن الأول، لم يشهد انتشارا إلا بالحواضر الكبرى مثل فاس ومراكش وسلا. وإذا كان الطب من الدروس المبرمجة في القرويين، فإن علم الكيمياء بقي حكرا على النخبة داخل الجهاز المخزني.
 
وأبرز الباحث في إصداره أن الهدف من وراء إصلاح التعليم والإصلاح بشكل عام، الوقوف في وجه الأطماع الأوروبية، وهو الأمر الذي لم يتحقق بسقوط البلاد تحت سلطة الحماية سنة 1912م، مما يدل على فشل محاولات إصلاح التعليم بسبب تعدد العقبات الداخلية التي واجهته، ولعل أولها الأوضاع الاجتماعية، التي جسدها شيوع الجهل وغلبته على فئات عريضة من المجتمع المغربي، مما جعلها بعيدة عن امتلاك محفزات الأخذ بالعلوم. وزاد الموقف التقليدي من تعليم المرأة في حرمان النساء من التعليم، مما انعكس سلبا على المجتمع بأكمله، حيث أنه لا يمكن لعملية الإصلاح أن تنجح دون إشراك المرأة التي تشكل طرفا رئيسا ومؤثرا داخل المجتمع.
 
وتناول الباحث ثاني المعضلات، حيث كانت الأوضاع الاقتصادية التي أفرزتها شروط الصلح مع الإسبان بعد حرب تطوان التي كان من أبرزها تقديم المغرب لـ 100 مليون بسيطة كغرامة أفرغت خزينة الدولة وأضعفت الاقتصاد المغربي الذي كانت أركانه قد بدأت تتهاوى بفعل المنافسة الخارجية في مجال التجارة والصناعة. كما ساهم توالي سنوات الجفاف في إفقار الفلاحين وتراجع مداخيل الضرائب، ولم يعد بذلك المغرب قادرا على توفير الأموال اللازمة لمواكبة أي عملية إصلاح.  
   
والعقبة الثالثة حسب ذات الكتاب، تمثلت في الحالة السياسة التي كان عنوانها الأبرز صغر سن السلطان مولاي عبد العزيز، والصراع حول الحكم بين المتشبثين بهذا الأخير، والمؤيدين للسلطان مولاي عبد الحفيظ التي تمت توليته وفق شروط منها القيام بإصلاحات في مجال التعليم، لكن الحالة التي وصلها المغرب ما كانت لتساعده على الإيفاء بذلك الشرط.
   
وبخصوص العقبات الخارجية فيجملها هذا الكتاب في الأخطار الخارجية المحدقة بالبلد التي ابتدأت بضغوط عسكرية تمثلت في حربي إيسلي وتطوان، ثم الضغوط الدبلوماسية التي رسختها الاتفاقيات الموقعة بعد الحربين، والتي منحت امتيازات تجارية ودبلوماسية للدول الأوروبية، كما ساهمت المؤتمرات التي عقدتها الدول الأوروبية الاستعمارية لتقسيم مناطق النفوذ في زيادة هذه الضغوط، لا سيما مؤتمر مدريد سنة 1880م الذي ثبت الحماية القنصلية، ومؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906م الذي تضمن بنودا أفقدت المغرب سيادته، كالسماح بوجود شرطة فرنسية وإسبانية بالموانئ المغربية، وإنشاء بنك مخزني غالبية أسهمه فرنسية. 
 
كانت تلك هي مفاصل هذا العمل الأكاديمي الذي يشكل لبنة أخرى ضمن الصرح المعرفي الذي ترعاه المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بما يقتضيه واجب الحرص على الذاكرة التاريخية الوطنية من تدقيق وتمحيص وجدة، آملين أن يجد فيه الباحثون الأكاديميون والمهتمون ما تروقهم مطالعته ويستجيب لرغبتهم في مزيد من المعرفة والاطلاع.
 



في نفس الركن