و إذا كان الشق الثاني من هذه المبادرة لا يعنينا ، بحكم أن النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية موضوع على طاولة مجلس الأمن الدولي، مما يخرجه من اختصاصات مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بصفة رسمية ، فإن الشق الأول من هذه المبادرة يهمنا من حيث أنه يهدف إلى تسريع النمو الاقتصادي والتنمية بالقارة السمراء من جهة ، ودعم عمليات التحول الديمقراطي و رفض الانقلابات العسكرية وعدم الاعتراف بالأنظمة القائمة عليها من جهة ثانية، والامتناع القاطع عن استخدام القوة بين الدول الأعضاء و احترام سيادتها و سلامة أراضيها، من جهة ثالثة . وهذا الجزء الأخير من الشق الثاني يعد الشرط الأول لإسكات البنادق. كما لا نحتاج أن نقول.
هذه المبادرة الأفريقية تدين النظام الجزائري في الصميم ، باعتبار أنها لا تحترم الحدود ولا تمتنع عن استخدام القوة ولا تصون سيادتها وسلامة أراضيها. ذلك أن جبهة البوليساريو ما هي إلا القناع الذي تتستر خلفه الجزائر، وما يسمى الجيش الوطني الصحراوي إن هو إلا جزء لا يتجزأ من الجيش الجزائري يخضع للاستخبارات العسكرية الجزائرية. وهذا ما يؤكد أن النظام الجزائري هو الأصل، وما الجبهة الانفصالية إلا الفرع التابع له . فتهديد الأمن والسلم في هذه المنطقة الأفريقية إنما يأتي من الجزائر ، لأنها على الأرض تتحكم في المرتزقة وتسيرهم وتستخدمهم لأغراضها وتحقيق مصالحها في الهيمنة على المنطقة والوصول إلى المحيط الأطلسي .
هذا الجانب من الأزمة التي خلقها النظام الجزائري ينبغي أن يكون حاضراً دوماً في بناء القواعد لترسيخ الأمن والسلم في القارة الأفريقية، و أن يؤخذ بعين الاعتبار عند الشروع في تفعيل مبادرة إسكات البنادق ، لأن الجزائر هي التي تسير في الاتجاه المعاكس للأهداف المرسومة لهذه المبادرة.
لقد حان للاتحاد الأفريقي أن يتعامل مع الحقائق على الأرض ، و أن يعرف الدول التي تهدد الأمن و السلم من أعضائه ، و أن يكون في مستوى التحديات التي تحول دون مواصلة جهود التنمية الأفريقية في إطار من التوافق و التعاون بروح أفريقية، و بمنطق العصر ، و بفكر جديد.
العلم