العلم الإلكترونية - الرباط
تدشين جلالة الملك محمد السادس ، حفظه الله ، لمدينة المهن والكفاءات الرباط سلا القنيطرة بمدينة تامسنا ، هو حدث وطني عالي المستوى رفيع القيمة ، يكرس الاستثمار في الإنسان ، ويرسخ القواعد للجيل الجديد من التكوين المهني المنفتح على المهن الجديدة، والمندمج في التطورات المتوالية التي يعرفها هذا القطاع على المستويين الوطني والدولي ، بما يجعله يواكب طفرة النمو التي أحدثت تغييرات هيكلية عميقة في اختصاصات مهن العصر التي تمهد للولوج إلى الابتكار والإبداع في مهن المستقبل .
فهذا مشروع حضاري من الطراز الرفيع من جملة المشروعات الكبرى التي تنبثق عن الرؤية الملكية الحكيمة والمتبصرة للنهوض بالمغرب من النواحي كافة ، والدفع بعجلة التنمية الشاملة المستدامة إلى الأمام ، في نقلةٍ نوعيةٍ رائدة وغير مسبوقة ، اعتباراً للقطاعات الثمانية للمهن التي حددت لهذه المدينة المتطورة ، لملاءمة خصوصيات النسيج الاقتصادي الجهوي ، و لمواكبة مستويات التطور الذي تعرفه جهة الرباط سلا القنيطرة . و بالنظر في قائمة المهن الجديدة المختارة لهذه المدينة ، نعرف قيمة التطور والتحديث اللذين يفتحان أمام الأجيال الصاعدة سبل الترقي في التعليم والتكوين والتأهيل والتدريب . فهي تشمل الرقمنة ، والذكاء الاصطناعي ، والصحة ، والفلاحة د والسياحة والفندقة ، والتجارة والتدبير ، والصناعة ، والصناعة الغذائية ، وخدمات الأشخاص ، مما يجعلها تستجيب لمتطلبات التنمية الصناعية والاقتصادية والتجارية و الصحية و العلمية والرقمية والخدماتية، التي تلبي حاجات سوق الشغل ، وتضع المواطن المنخرط في مدينة المهن والكفاءات ، في قلب عملية التغيير الذي يخدم أهداف بناء المغرب الجديد المتوثب في تطلعاته نحو صناعة المستقبل.
و تأتي مدينة المهن والكفاءات الرباط سلا القنيطرة ، لتعزز المشروع الكبير الفريد من نوعه على الصعيدين الأفريقي والعربي ، الرامي إلى الاستثمار في الإنسان ، لأنه الرصيد الباقي الذي ينمو ولا ينفد المدخر للأجيال القادمة ، ولتكون الرابعة بين مدن المهن والكفاءات ، بعد سوس ماسة ، والشرق ، والعيون- الساقية الحمراء . وهي محاضن للمواهب والطاقات الشابة ، ومصانع لتعزيز القدرات الفتية و تعهدها بالرعاية والعناية والصقل والتهذيب ، ومشاتل لاستنبات الجيل الجديد الذي سيحمل لواء التطوير والتحديث في هذه المجالات الحيوية .
وفي ضوء هذه المعطيات الواعدة ، فإن مدينة المهن والكفاءات الرباط سلا القنيطرة ، تشكل بحقٍ ، ثمرةَ مقاربةٍ مشتركةٍ قامت على أساس الذكاء الجماعي للفاعلين والمتدخلين في منظومة التكوين المهني التي تعرف تطوراً شاملاً وعميقاَ في فلسفة التكوين و طبيعته و خصوصياته و أبعاده و أهدافه و مآلاته ، على النحو الذي جعله يجذب إليه الشباب ويغريهم بالإندماج في أسلاكه و الانتساب إليه . وهو الأمر الذي يؤكد المقولة التي يرددها علماء الاجتماع الصناعي وفقهاء الاقتصاد السياسي ، ومفادها أن مستقبل التعليم يسير نحو تفعيل منظومة التكوين المهني و تحديث مضامينها لتكون جاذبة للكفاءات الشابة ذات القدرات الذهنية العالية ، وهو ما يعني أن المستقبل لهذه المهن والكفاءات ، لأنها الاستثمار المضمون في الإنسان وفي بناء التنمية الشاملة المستدامة التي ترقى بالحياة وترفع من مكانة المواطن في وطنه ، وتصنع المستقبل الآمن المشرق للإنسانية فوق الكوكب الأخضر .