Quantcast
2023 ديسمبر 28 - تم تعديله في [التاريخ]

الاستثمار في الإنسان مشروع حضاري مضمون العوائد


الافـتتاحية

الاستثمار في الإنسان مشروع حضاري مضمون العوائد

يحيل الإضراب في قطاع التعليم الذي يشهده المغرب، على أحد الموضوعات الاستراتيجية التي تهتم بها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو، هو الاستثمار في الإنسان الذي بات اليوم قضية الساعة على الصعيد الدولي، باعتبار أنه يركز على تأهيل الموارد البشرية وإعدادها للمستقبل، ويهتم بتطوير الأجيال الناشئة وتهيئتها لتكون أعمدة التقدم وبناة للتنمية الشاملة والمستدامة في جوانبها المتنوعة، من خلال التربية البانية للشخصية الإنسانية، والتعليم المنتج المساهم في النماء الاقتصادي والبناء الاجتماعي، والعلوم والتكنولوجيا والابتكار التي تصقل المواهب وتعزز القدرات للإبداع في مجالات الصناعة والفلاحة والتجارة والتعليم بكل فروعه، لإنهاض الهمم وحفز العزائم وتشجيع المبادرات وإنعاش أسواق المال والأعمال وخلق فرص الشغل أمام الطاقات القادرة على الإسهام في تنمية المجتمع والنهوض به وتحريك دواليب النشاط الاقتصادي في أجواء ملائمة مشجعة على البذل والعطاء والتضحية من أجل الصالح العام.

لقد نظمت اليونسكو، وهي إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة، سنوات للاستثمار في الإنسان، والاستثمار في الشباب، والاستثمار في المعلمين، والاستثمار في ذوي المواهب المبدعة في حقول الإنتاج العلمي والإبداع الفني والأدبي. ولعل الاستثمار في المعلمين على نطاق دولي، الذي انطلق من اليوم العالمي للمعلمين الذي تحييه اليونسكو سنوياً في يوم 5 أكتوبر ، وذلك ابتداء من سنة  1994، لإحياء ذكرى توقيع توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية لعام 1966 بشأن أوضاع المدرسين، وتضع  هذه التوصية مؤشرات مرجعية تتعلق بحقوق المعلمين ومسؤولياتهم ومعايير إعدادهم الأولي وتدريبهم اللاحق وحشدهم وتوظيفهم وظروف التعليم والتعلم.

والاستثمار في المعلمين هو في الوقت نفسه استثمار في الإنسان من حيث هو، واستثمار في المستقبل، من منطلق الاستثمار في القوة الناعمة بكل معانيها ودلالاتها ومفاهيمها. ولأن المعلمين هم صناع الأجيال الصاعدة، كان التركيز عليهم في برامج اليونسكو وخططها يأخذ حيزاً أكبر في الأنشطة التي تقوم بها . ومعلوم أن في كل دولة عضو في اليونسكو، لجنة وطنية للتربية والعلوم والثقافة، هي ضابط الاتصال بين حكومة تلك الدولة وبين المنظمة الدولية.

إن الاستثمار في الإنسان، أو بعبارة أخرى الاستثمار في المواطنين والمواطنات المغاربة يبدأ من الأقسام الدراسية الأولى ولا ينتهي، إذ لا سن محددة لعملية الاستثمار في الإنسان، وإنما لكل مرحلة عمرية صيغة ملائمة لهذا النوع من الاستثمار.

 ولقد بادر المغرب بتطوير الاستثمار في الإنسان، فأنشأ مشروع مدن المهن والكفاءات التي تقرر أن تشمل جهات المغرب الإثنتي عشرة ، وهو مشروع متطور من مشروعات الاستثمار في الإنساني.

وهكذا نصل إلى أن استمرار الإضراب في قطاع التربية والتعليم، يسير في الاتجاه المعاكس للمشروع الحضاري الذي أبدعته الرؤية الملكية المتبصرة والحكيمة، في مجالات عدة، وهو بالتالي يتعارض مع المفهوم الذي تعتمده اليونسكو في الاستثمار في المعلمين، الذين هم المدرسون وليسوا أساتذة بحسب التصنيف الذي وضعته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو، الواجب الاحترام واعتماده والتقيد به، حتى لا نخرج عن المعايير الدولية.

وكثيرة هي الميادين الحيوية التي يتم فيها الاستثمار في الإنسان بالمغرب، ولكن أكثرها أهمية المؤسسات التعليمية من المرحلة الدراسية الأولى إلى مرحلة التعليم العالي الذي يتجاوز التعليم الجامعي التقليدي. وبقدرما تتواصل عمليات الاستثمار في الإنسان ببلادنا، تتزايد فرص جني العوائد المادية والمعنوية لتأهيل الموارد البشرية وتدريبها و حشدها لتساهم في التنمية الشاملة المستدامة، للأجيال الحالية وللأجيال القادمة. وهو الأمر الذي يفتح أمام المغرب الآفاق الواسعة لتعزيز التقدم الذي وصل إليه، و لدعم النهضة التي يواصل بناءها، وللدفع ببلادنا نحو الأمام اليوم وغداً وأبداً.

العلم

              

















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار