2025 مارس 18 - تم تعديله في [التاريخ]

الاتحاد الأوروبي يفاجئ المغرب بفرض رسوم جديدة على بعض صادراته

هشام معتضد: الأوروبيون متوجسون من اختراق المغرب لأسواقهم


العلم - أنس الشعرة

في خطوة تعكس تشديد سياساته الحمائية، أعلن الاتحاد الأوروبي عزمه على استخدام كافة الأدوات المتاحة لحماية صناعته المحلية والوظائف التي توفرها، عبر فرض رسوم تعويضية على واردات العجلات المصنوعة من الألمنيوم القادمة من المغرب.
 
وأعلنت المفوضية الأوروبية في بيان لها، "فرض رسوم تعويضية على واردات العجلات المصنوعة من الألمنيوم القادمة من المغرب، مما يساهم في حماية المنتجين في الاتحاد الأوروبي والدفاع عن 16,600 وظيفة في مواجهة الممارسات التجارية غير العادلة".
 
وتشير بيانات المفوضية إلى أن الرسوم المفروضة تتراوح بين 5.6 في المائة، على المنتجين الذين يستفيدون فقط من الدعم المغربي، بينما تصل إلى 31.4 في المائة، على أولئك الذين يحصلون على تمويل من المغرب والصين ضمن مبادرة "الحزام والطريق" (BRI)، وتضاف هذه الخطوة إلى رسوم سبق فرضها على نفس المنتج في 12 يناير 2023، والتي تراوحت بين 9 في المائة و17.5 في المائة.
 
وفي تعليقه على هذه الخطوة، اعتبر هشام معتضد، الخبير في السياسات العامة والتحليل الاستراتيجي، أن هذا الإجراء يجب قراءته في إطار استراتيجي أوسع، حيث "يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تقليل اعتماده على سلاسل التوريد الخارجية، لا سيما في القطاعات الصناعية ذات القيمة المضافة" مبرزًا في ذات السياق، أن بروكسل تدرك تمامًا أن "المغرب أصبح فاعلًا رئيسيًا في الصناعة التحويلية، خاصة في قطاع السيارات، حيث يحقق اختراقات نوعية في السوق الأوروبية، ما يثير قلق المنتجين المحليين".
 
وأضاف في تصريح لـ"العلم"، أن الربط بين هذه الرسوم والدعم الصيني الممنوح لبعض الشركات المغربية يكشف عن بُعد جيوسياسي مهم، حيث تُقرأ التحالفات الاقتصادية بين دول الجنوب العالمي في العواصم الغربية على أنها تحدٍّ مباشر لنفوذها الاقتصادي والصناعي، "ومن هذا المنطلق، يمكن اعتبار الإجراءات الأوروبية وسيلة للحد من تمدد هذا التأثير عبر فرض تكاليف إضافية على المنتجات المستفيدة من هذه الدينامايات الجديدة".
 
وأشار معتضد إلى أن المغرب يواجه اليوم تحديًا مزدوجًا: من جهة، الدفاع عن تنافسية قطاعه الصناعي المتنامي، خصوصًا بعد نجاحاته الكبيرة في صناعة السيارات والطيران. ومن جهة أخرى، "يحتاج إلى إدارة علاقاته التجارية والدبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي بذكاء، للحفاظ على المكتسبات التي راكمها داخل السوق الأوروبية، وهو ما يفرض على الرباط تعزيز قنوات التفاوض وإثبات أن سياساتها الصناعية تتماشى مع القواعد التجارية الدولية".
 
ويرى المتحدث أن هذا "التوجه الأوروبي قد لا يكون مجرد خطوة اقتصادية، بقدر ما هو مؤشر على إعادة ترتيب الأولويات داخل السوق العالمية، حيث لم تعد أوروبا قادرة على احتواء المنافسة القادمة من الاقتصادات الناشئة. هذا الوضع يفرض على الدول النامية تبني استراتيجيات أكثر ديناميكية لمواجهة مثل هذه السياسات الحمائية، سواء عبر اللجوء إلى المنظمات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية، أو عبر تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول الجنوب".
 
واختتم معتضد تحليله بالتأكيد على أن هذه الرسوم التعويضية تعكس تحولات أعمق في النظام الاقتصادي العالمي، إذ أصبحت المنافسة التجارية تتشابك مع الأبعاد الجيوسياسية، "وبالنسبة للمغرب، فإن التعامل مع هذا التحدي سيتطلب رؤية استراتيجية متكاملة، تجمع بين تعزيز القوة التفاوضية داخل المؤسسات الدولية، وتطوير قدرات الإنتاج والابتكار، للحفاظ على موقعه في السوق الأوروبية، مع توسيع خياراته الاقتصادية على المستوى العالمي".



في نفس الركن