العلم الإلكترونية - الرباط
ترأس الأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال زوال اليوم 29 يناير 2022، افتتاح أشغال الدورة العاشرة للجنة المركزية للحزب المنعقدة عبر تقنية التناظر المرئي عن بعد، تكريسا لنهج التقيد بالتدابير الاحترازية المعتمدة بالمغرب، وبهذه المناسبة قدم الأمين العام كلمة افتتاحية وجهها لكل مناضلات ومناضلي حزب الاستقلال نستعرضها كاملة :
"بسم الله الرحمان الرحيم
ترأس الأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال زوال اليوم 29 يناير 2022، افتتاح أشغال الدورة العاشرة للجنة المركزية للحزب المنعقدة عبر تقنية التناظر المرئي عن بعد، تكريسا لنهج التقيد بالتدابير الاحترازية المعتمدة بالمغرب، وبهذه المناسبة قدم الأمين العام كلمة افتتاحية وجهها لكل مناضلات ومناضلي حزب الاستقلال نستعرضها كاملة :
"بسم الله الرحمان الرحيم
الأخ رئيس المجلس الوطني؛
الأخوات والإخوة أعضاء اللجنة التنفيذية؛
الأخوات والإخوة أعضاء اللجنة المركزية؛
أخواتي، إخواني؛
طبقا لمقتضيات النظام الأساسي للحزب، يسعدني أن أجدد اللقاء بكم في دورة جديدة للجنة المركزية للحزب التي نعقدها عبر تقنية التناظر عن بعد، تكريسا من حزبنا لنهج التقيد بالتدابير الاحترازية المعتمدة ببلادنا للحد من تفشي جائحة كورونا. وفي هذا الإطار نتوجه بالدعوة إليكم ومن خلالكم إلى كل المناضلات والمناضلين وإلى عموم المواطنين بضرورة الحرص على التقيد التام بتلك التدابير الاحترازية والإقبال بكثافة على تلقي الجرعة الثالثة في أفق الوصول إلى المناعة الجماعية الكفيلة بضمان الحماية للجميع ومواصلة الاستفادة من الحرية التي ننعم بها في بلادنا.
نعود إليكم مرة أخرى، كما هو دأبنا من قبل، باعتباركم هيئة تنظيمية منصهرة في تحولات المجتمع وتطوراته، متفاعلة دائما مع همومه وانشغالاته، متأهبة دوما لإنتاج وتقديم البدائل والاقتراحات الرزينة والحلول والتطورات الوجيهة المشبعة بقيم ومبادئ الفكر التعادلي المتجدد.
لقد درجنا على جعل مناسبة انعقاد دورات اللجنة المركزية فرصة لتدارس القضايا الراهنة ببلادنا، شحذ الذكاء الاستقلالي للمساهمة بتحليله العميق وتفكيره الرصين في إبداع وصياغة المبادرات والحلول والبدائل المعبرة عن تطلعات المواطنات والمواطنين، والمستجيبة لانتظاراتهم ولمطالبهم الملحة والمشروعة.
وفي هذا السياق، اخترنا أن نخصص هذه الدورة لموضوع لا تخفى عنكم راهنيته وأهميته في صدارة الأولويات التنموية، ألا وهو موضوع: "الحماية الاجتماعية: التطورات وسبل النجاح".
صحيح أنه سبق أن تدارسنا هذا الموضوع في دورة سابقة للجنة المركزية، لكننا آثرنا تجديد التداول فيه لما يشكله من أولوية لمغرب اليوم والغد بعد أن بادر جلالة الملك محمد السادس حفظه الله إلى هيكلة هذا الإصلاح كورش استراتيجي يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافه التعادلية الطموحة.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛
تنعقد هذه الدورة وبلادنا لازالت تعاني من وطأة تداعيات أزمة كورونا، التي يتواصل انعكاسها السلبي على العديد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، في ظل استمرار تفشي الوباء بمتحوراته، وهو الأمر يجعل من خيار "الدولة الاجتماعية" الذي راهنت عليه الحكومة في برنامجها مطلبا مُلحًّا أكثر من أي وقت مضى، من خلال:
تعبئة البعد التضامني للتخفيف مما تخلفه الأزمة من ارتفاع في مؤشرات الهشاشة والتي من أول ضحاياها الفئات الفقيرة والمعوزة والطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود، وهو ما يتطلب:
* رفع منسوب الحس التضامني لدى الفئات الميسورة للبذل والعطاء والمساهمة أكثر في المجهود التنموي، وهو ما درجت عليه الحكومة عبر إقرار الضريبة التضامنية التي تُقْتَطَعُ من أرباح الشركات الصناعية والفلاحية الكبرى بهدف تمويل مشاريع تستهدف الفئات الهشة في المجتمع؛
* اعتماد إصلاح ضريبي قَمِينٌ بإرساء عدالة ضريبية منصفة عبر الشروع في تفعيل توجهات ومقتضيات القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي بكيفية هادفة، والعمل على مراجعة الضريبة على الدخل في المدى القريب؛
* تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، من أجل تحقيق الكرامة والعيش اللائق؛
* تفعيل صندوق التضامن بين الجهات مع ضمان التوزيع المنصف لموارده، واعتماد معايير موضوعية، شفافة لتوزيع عائدات القيمة المضافة بين الجماعات الترابية؛
* تكريس مقومات المواطنة الكاملة التي يضمنها الدستور، تقوم على الاقتسام العادل والمنصف بين الواجبات والالتزامات والتضحيات من جهة، وبين الحقوق والمنافع المشتركة من جهة أخرى، وضمان فعلية التمتع بالحقوق المنصوص عليها في الدستور.
تعبئة بُعد تكافؤ الفرص، من خلال:
* إعادة هيكلة العمل الاجتماعي للحكومة، وتجاوز حالة الشتات التي كانت تطبع برامج الدعم الاجتماعية وضعف التناسق وعدم قدرتها على استهداف الفئات التي تستحقها، والتي زادت أزمة كورونا من حدتها وضعفها، وهو ما يتطلب تجميع تلك البرامج وتكاملها مع عمل الجهات وبرامجها الاجتماعية، ومع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ضمانا لالتقائية التدخلات العمومية فضلا عن تسريع وتيرة مراحل إخراج السجل الاجتماعي الموحد لتحقيق استهدافٍ أكبر وفعال وأقل كلفة للمساعدات الاجتماعية الموجهة إلى المستفيدين المستحقين للدعم، بالإضافة إلى ترشيد النفقات وتحسين الشفافية المالية وتيسير التتبع والتقييم وضمان استدامة تلك البرامج.
تعزيز محاربة الفقر، من خلال:
* تقوية القدرات للنهوض بالإنسان المغربي والارتقاء به وتثمين الرأسمال البشري لضمان تأهيله وتكوينه وإدماجه في دورة التنمية مع ما يتطلبه ذلك من:
* استعادة الدور الريادي للمدرسة العمومية وضمان جودة التعليم (خصوصا الأولي والابتدائي والإعدادي) واسترجاع الثقة فيها كمصعد اجتماعي، حتى تستوعب جميع الفئات الاجتماعية، تعزيزا لتكافؤ الفرص والتماسك والتمازج الاجتماعيين؛
* النهوض بالجامعة المغربية وبمناهجها التدريسية ومسالكها التكوينية لتضطلع بأدوارها في بناء القدرات والخبرات الضرورية، وتطوير البحث العلمي والابتكار في خدمة رفاه المواطن ونمو الاقتصاد.
خلق فرص الشغل، وتحرير الطاقات، وتعزيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتنويع وسائل الارتقاء الاجتماعي، خاصة في العالم القروي، من خلال التعليم والخدمات الصحية ذات الجودة، والتشغيل اللائق، وتنويع الأنشطة الاقتصادية، والإنصاف في الولوج إلى التشغيل وتمويل المشاريع من قبيل:
+ برنامج "أوراش" الذي أعطت الحكومة انطلاقته مؤخرا في 10 أقاليم في مرحلة أولى، وتلتزم من خلاله بخلق 250 ألف فرصة شغل مباشر خلال سنتي 2022 و2023 في أوراش ذات منفعة عامة، وبدون شرط التوفر على مؤهلات محددة، وسيتم تعميمه تدريجيا على جميع أقاليم المملكة، وذلك من أجل تقديم إجابات فورية للذين عانوا من الآثار الاقتصادية التي خلفتها جائحة كوفيد 19؛
+ برنامج "فرصة" الذي تقدم من خلاله الحكومة قروضا بدون فوائد وبدون ضمانات مسبقة تصل إلى 100 ألف درهم لتمويل المبادرات الفردية وللشباب حاملي الشهادات المؤهلين، وحاملي المشاريع بهدف إنعاش التشغيل والمبادرة المقاولاتية وتحسين الولوج لخدمات برنامج "انطلاقة" الذي كرسته الحكومة لدعم مشاريع المقاولات الصغرى؛
+ فضلا عن تأهيل التجهيزات التحتية ومرافق الخدمات العمومية الأساسية (الطرق+المرافق الصحية والتعليمية والثقافية والرياضية والترفيهية)، وبما يساهم في مكافحة التوريث الجيلي للفقر في المناطق القروية.
العمل على دعم القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، وذلك من خلال تحسين دخل الأسر برفع الأجور وتخفيف الضغط الجبائي، والتقليص من تكاليف المعيشة المرهقة للقدرة الشرائية. وقد عكست التدابير الحكومية الأخيرة جزئيا هذا التوجه الذي يعزز موقف حزبنا المعلن بهذا الخصوص، حيث خصصت الحكومة 8 ملايير درهم لأداء المتأخرات المتعلقة بترقية الموظفين لسنتي 2020 و2021، تم ضخها في كتلة الأجور بعد سنتين من التجميد، جراء أزمة كورونا، كما قامت، بتعبئة 4 مليار درهم إضافية في صندوق المقاصة ضمن إجراءات قانون المالية لسنة 2022، لضمان استقرار أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية (السكر، الغاز، الدقيق)، فضلا عن تعليقها للرسوم الجمركية على واردات القمح الصلب والطري وتخصيص تعويض إضافي للمستوردين حفاظا على أسعار جميع مشتقات القمح على المستوى الوطني. والحكومة مدعوة إلى اتخاذ كل التدابير الممكنة من أجل الحد من وَقْعِ تقلبات الأسعار الدولية على التضخم المستورد والتصدي للمضاربات في الأسعار من خلال تقوية وتفعيل أدوار مجلس المنافسة ولجن مراقبة الأسعار.
العمل على تقوية الطبقة المتوسطة والحفاظ على قاعدتها، وتبديد المخاوف على مستقبلها، لما تشكله من محرك أساسي للتنمية وشريك رئيسي في التعبئة والمشاركة وفي تفعيل وإنجاح أوراش الإصلاح والتطور الديمقراطي والسياسي ببلادنا؛
الشروع في تفعيل ميثاق المرافق العمومية، بما يتضمنه من مبادئ وقواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير الإدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية الأخرى والأجهزة العمومية، وذلك لتمكين هذه المرافق من تقديم خدمات عمومية في مستوى تطلعات المواطنات والمواطنين بأقل تكلفة؛
وضع إطار قانوني جديد لميثاق الاستثمار بما يحفز الاستثمار ببلادنا على المستوى الوطني والترابي ويُمَكِّنُ من رفع تنافسية الاقتصاد الوطني، لخلق الثرورة، وفرص الشغل وتقليص البطالة، وتقليص الفوارق المجالية وتوفير شروط ملائمة لإحداث جيل جديد من التعاقدات الاجتماعية، وتحسين المعيش اليومي للمواطنات والمواطنين وضمان الحياة الكريمة لهم؛
العزم المعقود على مأسسة الحوار الاجتماعي بالكيفية التي تضمن الانتظامية وإبرام اتفاقات ملزمة، وأن تكون جولاته التي ستنطلق في شهر فبراير القادم فرصة سانحة لتعزيز الثقة بين مختلف الفرقاء لما فيه مصلحة الشغيلة والمقاولة معا، وبما يحقق السلم الاجتماعي ويساهم في التنمية وتوفير المناخ المناسب لتعزيز قدرات الاقتصاد الوطني وتقوية جاذبية الاستثمار وتحفيز الموارد البشرية وضمان الشغل اللائق وتوفير شروط السلامة المهنية.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛
إن أفق الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس أيده الله، كان دائما خيارا استقلاليا ينعكس في قيمه ومبادئه وأدبياته، وتجلى بوضوح في صياغته لتصوره للنموذج التعادلي، وفي برنامجه الانتخابي الذي حظي بثقة فئات واسعة من الشعب المغربي.
بل إن مقومات الدولة الاجتماعية التي تروم تقوية القطاعات الاجتماعية وتنسيق العمل الاجتماعي وتحقيق الإنصاف والكرامة والعدالة الاجتماعية، في ظل مناخ اقتصادي مُدر للشغل، كل ذلك يتماهى تماما مع المرجعية التعادلية الاقتصادية والاجتماعية لحزبنا بمرونتها وفكرها المتجدد، المتفاعل مع سياقات العصر والمواكب للتطورات المجتمعية التي تعرفها بلادنا، بحكم:
ارتباطها بقضايا الوطن وبتطلعات ومطالب المواطنين؛
وتركيزها على إحداث التوازن الاجتماعي والاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة وضمان تكافؤ الفرص للجميع في الاستفادة من ثمار التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛
وتشجيع المبادرات الفردية المتوافقة مع احتياجات المجتمع ومتطلباته، وتقوية الاقتصاد التضامني وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بين الطبقات لتحقيق مجتمع متوازن ومتضامن.
ونعتز في حزبنا، بكون هذه الحمولة الاجتماعية وهذا المضمون الإصلاحي الذي حفلت به المرجعية التعادلية التي أبدعها الزعيم علال الفاسي رحمه الله في 11 يناير 1963، والتي شكلت مشروعا مجتمعيا قائم الذات، ينعكس ويتردد صداه ضمن أسس ومرتكزات الدولة الاجتماعية التي تنكب الحكومة الحالية على إرسائها وتفعيل مضامينها تنفيذا للتوجيهات الملكية السديدة.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛
يمثل الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، ركيزة أساسية لإرساء وتكريس الدولة الاجتماعية بأبعادها المختلفة.
وقد شكل خطاب العرش لسنة 2020، والخطاب الملكي في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة (الجمعة 9 أكتوبر 2020)، محور الرؤية المتبصرة والخلاقة لتنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية في أفق زمني يمتد إلى سنة 2026، بما تضمنته من تحديد لأهداف وأجندة هذا الورش الاجتماعي الهام وخاصة ما تعلق منها بتعزيز وتطوير برامج المساعدة الاجتماعية المختلفة وتجويد حكامتها ونجاعتها، وإصلاح منظومة الاستهداف وتنويع وتوسيع وسائل وآليات دعم الفئات الهشة، وتعميم التغطية الصحية الأساسية لتشمل 22 مليون مستفيد إضافي، والتعويضات العائلية، وتوسيع الانخراط في أنظمة التقاعد لدمج 5 مليون مستفيد جديد من الساكنة النشيطة التي لا تستفيد حاليا من تغطية التقاعد أو مخاطر الشيخوخة، وتطوير نظام التعويض عن فقدان الشغل.
إنه ثورة اجتماعية حقيقية، يقودها جلالة الملك، لما ينطوي عليه من آثار مباشرة وملموسة في تحسين ظروف عيش المواطنين، وصيانة كرامتهم، وتحصين الفئات الهشة، لاسيما في سياق ما أصبح يعرفه العالم من تقلبات اقتصادية ومخاطر صحية.
وقد حرصنا في الحكومة على تسريع وتيرة تنزيل القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية وفق رؤية مندمجة تروم تحقيق أعلى مستويات الالتقائية والنجاعة وانخراط جماعي واسع، حيث عملنا، ضمانا لتوسيع قاعدة المستفيدين من الفئات النشيطة، على تسريع وتيرة إخراج والمصادقة على المراسيم التطبيقية الخاصة بفئات عريضة من المستقلين (الفلاحون، الصناع التقليديون، التجار، الفنانون، المقاولون الذاتيون، الأطباء، الصيادلة، الموثقون، المرشدون السياحيون، المهندسون، المساحون الطبوغرافيون، البياطرة، أطباء الأسنان، القوابل، وممارسو مهن التمريض والتأهيل وإعادة التأهيل الوظيفي...).
بل وانتقلنا من منطق التأطير القانوني إلى منطق التفعيل الميداني، من خلال فتح باب التأمين الصحي أمام 11 مليون مغربية ومغربي من العمال غير الأجراء وذوي الحقوق المرتبطين بهم وضمان استفادتهم من نفس سلة الخدمات والعلاجات التي يستفيد منها موظفو القطاع العام وأجراء القطاع الخاص، فيما يرتقب إدخال 11 مليون من المستفيدين من نظام المساعدة الطبية "راميد" في التغطية الصحية ابتداء من شهر يوليوز 2022.
وفي هذا الإطار، خصصت الحكومة ما مجموعه 23.5 مليار درهم من الميزانية العامة للدولة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أي بزيادة 3 ملايير درهم مقارنة مع سنة 2021، وذلك من أجل التنزيل الأمثل لالتزامها بتأهيل البنيات الاستشفائية العمومية والاستجابة لتطلعات المواطنات والمواطنين على مستوى ضمان جودة خدمات القطاع الصحي العمومي.
لقد انطلق التحول المنشود للمنظومة الصحية العمومية، بحيث لم تعد مرتكزة أساسا على ميزانية الدولة فقط، بل تم تدعيمها بتمويل من صناديق الضمان (CNSS-CNOPS) لحل إشكالية الولوج للخدمات الصحية المقدمة.
ولضمان الإنصاف الصحي للجميع على الصعيد الوطني، يتعين علينا إصلاح وتقوية المنظومة الصحية العمومية مع اعتماد خريطة صحية تشمل القطاعين العام والخاص على حد سواء، تمكن من فتح المجال أمام أي مواطن للاستفادة من تلك الخدمات الصحية، في إطار تكامل بين القطاعين.
وحرصنا على تعزيز العرض الصحي بالموارد البشرية من خلال إحداث، ولأول مرة، 5500 منصب شغل في القطاع الصحي، لكن بالنظر لإكراهات القطاع التي تحول دون استقطاب الأطباء والممرضين للعمل بالقطاع العمومي، يتعين علينا القيام بإصلاح جذري للنظام الخاص بمهنيي الصحة، لتحسين جاذبية القطاع العمومي وضمان التوفر على الموارد البشرية الضرورية.
وقد عملنا على تنزيل هذا الإصلاح وفق مقاربة ترابية، كما نص على ذلك البرنامج الحكومي المستلهم من البرامج الانتخابية للأحزاب المكونة للأغلبية الحكومية، وهو يقتضي اعتماد منظور جهوي للحصول على عمل مترابط ومتكامل ومشترك بين المستشفى الجامعي والجهوي والإقليمي والمستوصفات والمراكز الصحية والوحدات المتنقلة للخدمات الصحية في المناطق القروية.
على أن يكون ذلك، مسنودا بمجهود خاص في التكوين وتعزيز القدرات والكفاءات، وخلق مستشفيات جهوية على المستوى الوطني بما يمكن كل جهة من التوفر على مستشفى جامعي خاص بها، ضمانا للتوازن على الصعيد الجهوي، وللعدالة الجهوية الترابية التي نتطلع لتنزيلها على أرض الواقع.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛
لتحقيق السيادة الوطنية في المجال الصحي، التي يدافع عنها حزب الاستقلال، ويضعها في صدارة أولوياته كقطاع استراتيجي كشفت هشاشته أزمة الجائحة، يجب تطوير صناعة الأدوية ليواكب وتيرة التطور الحاصل في تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وخاصة ما تعلق منها بإصلاح المنظومة الصحية وتحسين الخدمات الصحية.
لقد سجلت بلادنا تراجعا كبيرا على مستوى تغطية احتياجات المواطنين من الأدوية، حيث تراجع الإنتاج الوطني من 80% إلى 53%، ومن المرتقب أن يتراجع إلى أقل من 50% خلال هذه السنة، لذلك ستعمل الحكومة على تطوير المنظومة الخاصة بالصناعة الدوائية وفق مقاربة تشاركية بين وزارة الصناعة والتجارة ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية لتقوية سلسلة الإنتاج في المجال الدوائي والصحي وضمان الترابط وتقوية الاستثمارات في هذا القطاع.
ويعتز حزبنا، بدخول بلادنا منعطفا حاسما في تحقيق السيادة اللقاحية والصحية بفضل الرؤية الملكية الحكيمة الرامية لجعل المملكة قطبا بيوتكنولوجيا لا محيد عنه على صعيد إفريقيا والعالم، قادرا على تأمين الاحتياجات الصحية على المديين القصير والطويل، وذلك من خلال ترؤس جلالة الملك يوم الخميس الماضي بإقليم بنسليمان حفل إطلاق أشغال إنجاز مصنع ضخم لتصنيع اللقاح المضاد لكوفيد 19 ولقاحات أخرى، لتمكين بلادنا من تعزيز اكتفائها الذاتي من هذه المادة وتصديرها.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛
إن تعميم الحماية الاجتماعية وتوفير الخدمات الصحية مدخل أساسي لإصلاح القطاع الصحي، كما أن تقوية قدراتنا في هذا المجال، وتحسين جاذبية القطاع الصحي العام في إطار تكامل مع القطاع الخاص، لا محيد عنه لتعزيز السيادة الوطنية وضمان الأمن الصحي وتمتع المواطنين بحقهم الدستوري في الصحة.
كما أن تعميم الحماية الاجتماعية سيقلص من التكاليف الصحية، ويحسن القدرة الشرائية، وينقذ العديد من المواطنات والمواطنين من الفقر، خاصة أولائك الذين لا يتوفرون على تغطية صحية ويعانون من نفقات الأمراض المزمنة والمُكلِّفة.
وهذا التعميم للحماية الاجتماعية، سيمكن من توفير دخل غير مباشر عبر تقليص التكاليف الصحية بالنسبة لأسر الطبقة المتوسطة والمعوزة.
إن قناعة حزبنا راسخة، في أن تعميم الحماية الاجتماعية بما يتضمنه هذا التعميم من تغطية صحية وتعويضات عائلية للجميع وتقاعد، والتعويض عن فقدان الشغل للأجراء والعاملين، ودعم الفئات الهشة من النساء والأشخاص ذوي القدرات الخاصة، وحد أدنى لحفظ كرامة المسنين، هو مدخل حاسم لتحقيق المواطنة الكاملة وتأمين مقومات وشروط الحياة الكريمة للمواطنات والمواطنين في إطار الدولة الاجتماعية.
ونعتز في حزبنا، أن العديد من التدابير الاستعجالية التي اتخذتها الحكومة في بداية ولايتها والمرتبطة أساسا بترسيخ أسس الدولة الاجتماعية، تحمل بصمات حزبنا كمكون أساسي في الحكومة وتترجم مساهمته الخلاقة في هذا الإطار.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛
إننا أمام مشروع مجتمعي كبير، نحن مدعوون جميعا للانخراط الواسع في إرسائه بحس مسؤول وروح وطنية عالية وتعبئة شاملة لإنجاحه، لما يتضمنه من أهداف نبيلة تنبني على استثمار اجتماعي يضمن العدالة الاجتماعية والإنصاف وتكافؤ الفرص للجميع ويعيد الاعتبار للإنسان المغربي الذي طالما دعونا في حزبنا إلى ضرورة جعله في صلب السياسات العمومية.
ونراهن على كل مكونات الحزب، من تنظيمات وفروع ومؤسسات موازية وروابط مهنية، وكل المناضلات والمناضلين، من أجل الانخراط الكامل في إنجاح هذا المشروع الملكي الكبير، وتعبئة الذكاء الاستقلالي، بما يتميز به من فكر متنور ورؤية استشرافية، وقوة اقتراحية مبدعة من أجل دعم حزبكم وتعزيز عرضه التعادلي الذي يشكل المشروع المجتمعي الذي ندافع عنه.
لقد عَوَّدْتُمُونَا على ربح الرهان، ورهان اليوم والغذ، هو رِفْعَةُ الوطن والارتقاء بحياة المواطنين، فلنكن في الموعد، كما كنا دائما وفي جميع المحطات الحاسمة من تاريخ بلادنا.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".