2022 نونبر 28 - تم تعديله في [التاريخ]

افتتاحية: الالتزام‭ ‬المغربي‭ ‬بقيم‭ ‬تحالف‭ ‬الحضارات‭ ‬للسلام


العلم الإلكترونية - الرباط 

أكد‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬سامية‭ ‬موجهة‭ ‬إلى‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬المنتدى‭ ‬العالمي‭ ‬لتحالف‭ ‬الحضارات،‭ ‬الذي‭ ‬يعقد‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬فاس،‭ ‬ثبات‭ ‬الاختيار‭ ‬المتجدد‭ ‬باستمرار‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬صورة‭ ‬المغرب‭ ‬باعتباره‭ ‬أرضاً‭ ‬للتسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬والانفتاح‭ ‬وإقامةشعائر‭ ‬الدين‭ ‬والعمل‭ ‬بتعاليمه‭ ‬لكونه‭ ‬آلية‭ ‬لإشاعة‭ ‬السلام،‭ ‬موضحاً‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬قد‭ ‬انخرطت،‭ ‬باعتبارها‭ ‬من‭ ‬الأعضاء‭ ‬المؤسسين‭ ‬لتحالف‭ ‬الحضارات،‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المعارك‭ ‬التي‭ ‬خاضها‭ ‬المنتدى،‭ ‬وذلك‭ ‬لأسباب‭ ‬جوهرية‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬الهوية‭ ‬المغربية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الانفتاح‭ ‬والانسجام‭ ‬والتلاحم‭ ‬والموحدة‭ ‬بانصهار‭ ‬مكوناتها‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬والأمازيغبة‭ ‬والصحراوية‭ ‬الحسانية‭ ‬والغنية‭ ‬بروافدها‭ ‬الأفريقية‭ ‬والأندلسية‭ ‬والعبرية‭ ‬والمتوسطية‭ .‬
 
وجاءت‭ ‬الرسالة‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬إلى‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المنتدى‭ ‬العالمي‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬والذي‭ ‬يعقد‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬أفريقية،‭ ‬مناسبة‭ ‬للتأكيد‭ ‬القوي‭ ‬على‭ ‬مفاهيم‭ ‬تتطلب‭ ‬بلورتها‭ ‬و‭ ‬إبرازها‭ ‬و‭ ‬إشاعتها‭ ‬و‭ ‬توسيع‭ ‬دوائر‭ ‬انتشارها‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬منها‭ ‬إعلاء‭ ‬ثقافة‭ ‬الحوار‭ ‬وقيمه‭ ‬و‭ ‬مضامينه‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬يضطلع‭ ‬به‭ ‬تحالف‭ ‬الحضارات،‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬سبل‭ ‬نجاحه،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬سبيل‭ ‬إلى‭ ‬الخلاص‭ ‬إلا‭ ‬بالحوار‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬رسالته‭ ‬السامية،‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حواراً‭ ‬بين‭ ‬الحضارات‭ ‬ويشمل‭ ‬الجميع‭ ‬و‭ ‬يراعي‭ ‬مصلحة‭ ‬البشرية‭ ‬بكل‭ ‬مكوناتها،‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬يسمح‭ ‬باستيعاب‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬تعدديته‭ ‬،‭ ‬والعمل‭ ‬وفق‭ ‬منهج‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف،‭ ‬وتجسيد‭ ‬مفهوم‭ ‬العالمية‭ ‬بمعناها‭ ‬الحقيقي‭ . ‬
 
لقد‭ ‬صححت‭ ‬الرسالة‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬المغالطات‭ ‬المحرفة‭ ‬للحقائق‭ ‬الدينية،‭ ‬فأوضحت‭ ‬أن‭ ‬الدين‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حصناً‭ ‬ضد‭ ‬التطرف‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مطية‭ ‬له،‭ ‬مبرزةً‭ ‬دأب‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الاقتناع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الدينية‭ ‬للمملكة‭ ‬المغربية،‭ ‬وضربت‭ ‬الرسالة‭ ‬مثلاً‭ ‬بمؤسسة‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬للعلماء‭ ‬الأفارقة،‭ ‬ومعهد‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬لتكوين‭ ‬الأئمة‭ ‬المرشدين‭ ‬والمرشدات،‭ ‬وهي‭ ‬المهمة‭ ‬الحضارية‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬للتطرف‭ ‬المنتشر‭ ‬على‭ ‬مشارف‭ ‬أفريقيا‭ ‬،‭ ‬والتعريف‭ ‬بالإسلام‭ ‬دين‭ ‬الوسطية‭ ‬والاعتدال‭. ‬
 
وانطلاقاً‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنظور،‭ ‬واعتماداً‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس،‭ ‬يتصدى‭ ‬المغرب‭ ‬للإرهاب‭ ‬بكل‭ ‬أشكاله‭ ‬،‭ ‬التزاماً‭ ‬منه‭ ‬بأهداف‭ ‬تحالف‭ ‬الحضارات‭ ‬،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬حليفاً‭ ‬محورياً‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الإرهاب‭ ‬وشريكاً‭ ‬موثوقاً‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬بؤر‭ ‬الإرهاب‭ ‬واقتلاع‭ ‬جذوره‭ ‬بكسر‭ ‬شوكته‭ ‬ودحر‭ ‬فلوله‭ ‬ومحو‭ ‬آثاره‭ .‬
 
وهذا‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬بلورة‭ ‬التحالف‭ ‬بين‭ ‬الحضارات‭ ‬والحوار‭ ‬بين‭ ‬الثقافات‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬متفرد،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬حذا‭ ‬بالمغرب‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتقدم‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بالقرار‭ ‬الذي‭ ‬اعتمدته‭ ‬تحت‭ ‬رقم73‭/‬328‭ ‬بشأن‭ (‬النهوض‭ ‬بالحوار‭ ‬بين‭ ‬الديانات‭ ‬والثقافات‭ ‬وتعزيز‭ ‬التسامح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مناهضة‭ ‬خطاب‭ ‬الكراهية‭). ‬وهذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬الحضاري‭ ‬الإنساني‭ ‬الذي‭ ‬حققه‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭ ‬،‭ ‬يتمثل‭ ‬بالوضوح‭ ‬الكامل‭ ‬في‭ ‬فقرة‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬الرسالة‭ ‬الملكية‭ ‬السامية،‭ ‬تقول‭ (‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬السياسة‭ ‬تخاطب‭ ‬المواطنين‭ ‬،‭ ‬فإن‭ ‬الدين‭ ‬ينادي‭ ‬أرواحهم‭ ‬،‭ ‬والحوار‭ ‬يخاطب‭ ‬حضاراتهم،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نخاطب‭ ‬السلام‭ ‬بكل‭ ‬اللغات‭ ‬والتعبيرات‭) .‬
 
بهذه‭ ‬الرؤية‭ ‬الإنسانية،‭ ‬صارحت‭ ‬الرسالة‭ ‬الملكية‭ ‬السامية،‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬المنتدى‭ ‬العالمي‭ ‬لتحالف‭ ‬الحضارات‭ ‬بالحقيقة‭ ‬الساطعة،‭ ‬وهي‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لحضارتنا‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬معرضة‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬المخاطر،‭ ‬ولم‭ ‬يسبق‭ ‬للعيش‭ ‬المشترك‭ ‬أن‭ ‬واجه‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬يواجهه‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬تهديدات‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭) . ‬لذلك‭ ‬دعا‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬،‭ ‬نصره‭ ‬الله،‭ ‬إلى‭ ‬توجه‭ ‬مشترك‭ ‬هو‭ ‬تحالف‭ ‬للسلام،‭ ‬للاستجابة‭ ‬لمطلب‭ ‬العيش‭ ‬المشترك‭ . ‬



في نفس الركن