وكان الخطاب موجهاً إلى الدول التي تقف في المنطقة الضبابية وتلعب على الحبلين وتتخذ مواقف ضبابية إزاء قضية الصحراء المغربية، ولم يكن القصد من الخطاب السامي بعيداً عن الفهم، لأن الأمر يتعلق بحلفاء المغرب القدماء والجدد .
واليوم وقد أبانت إسرائيل عن موقفها الواضح واتخذت قراراً سيادياً اعترفت فيه بمغربية الصحراء، استناداً إلى الاتفاقية الثلاثية بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المغربية ودولة إسرائيل المبرمة بالرباط في 22 ديسمبر سنة 2020، و تأكيداً لاعتراف الإدارة الأمريكية بمغربية الصحراء، فإن الدور على الحلفاء القدماء الذين هم أكثر اطلاعاً و أوسع معرفةً بملابسات النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، ومنهم دول من أوروبا تأبى إلا أن تكون من ضمن الواقفين في المنطقة الرمادية ، الذين يتسترون خلف مواقف ضبابية زاعمين أن مصالحهم في المنطقة تقتضي منهم عدم الانحياز لا إلى هذا الطرف أو ذاك، وهي سياسة حلزونية رقطاء لا تليق بالدول التي تدعي الالتزام بمبادئ الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان.
إن اعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على صحرائه، يحمل رسالة إلى هؤلاء المترددين المتذبذبين الذين يخونون مبادئهم الديمقراطية و يرفضون أن يكونوا منسجمين مع القيم الإنسانية الخالدة التي يزعمون أنها الأساس لأنظمتهم والقاعدة الراسخة التي يبنون عليها سياستهم الداخلية والخارجية . إذ ليس مفهوماً بالقدر الكافي أن تواصل هذه الدول اتخاذ المواقف المستغربة منها تجاه قضية الصحراء المغربية ، وهي الشاهدة على المراحل التي قطعتها هذه القضية المغربية المركزية منذ أواخر القرن التاسع عشر وطيلة القرن العشرين .
والمغرب الذي سبق و أن قال عاهله جلالة الملك محمد السادس ، حفظه الله ، إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها إلى العالم ، قد عبر عن ترحيبه وارتياحه للقرار السيادي الإسرائيلي الذي وصفه جلالته ، نصره الله ، في الرسالة التي وجهها إلى بنيامين نتينياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي ، بالصائب لأنه يدعم الأسانيد القانونية والحقوق التاريخية الراسخة للمغرب في أقاليمه الجنوبية ، والمتبصر لأنه ينسجم مع الدينامية الدولية القوية التي اتخذتها دول عديدة من مختلف جهات العالم في اتجاه دعم حل سياسي نهائي لهذا النزاع الإقليمي الذي طال أمده ، على أساس المبادرة المغربية القاضية بمنح الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء في إطار سيادة المملكة و وحدتها الترابية .
ولقد جاء قرار دولة إسرائيل بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه ، في الوقت المناسب ليقطع الشك باليقين ، وليثبت للعالم أن المواقف الصريحة والواضحة والمسؤولة ، هي التي تخدم الأمن والسلام ، وتنهي النزاعات ، وتفضي إلى التسويات السياسية في إطار الشرعية الدولية .
واعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء يتضمن تأييد مخطط الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة ، باعتباره الحل الواقعي والجدي وذو المصداقية ، لا حل غيره .
أليست هذه رسالة ضمنية موجهة إلى المنتظم الدولي ، وبخاصة إلى هؤلاء الذين يضعون على عيونهم نظارات معتمة فلا يرون سوى الضباب الذي يخفي الحقائق ، ويحسبون أنهم إنما يخدمون مصالحهم ، بينما لا تحفظ تلك المصالح و تكون مأمونة إلا باتباع سياسة واضحة وواقعية وقائمة على مبادئ القانون الدولي .
نرجو أن تكون الرسالة قد وصلت إلى من يهمه الأمر ، والضمائر قد صحت، والعقول قد وعت ، والرؤى قد صفت واتضحت .
العلم