2024 أغسطس/أوت 14 - تم تعديله في [التاريخ]

استرجاع وادي الذهب:الرقم الصعب الذي صحح المعادلة


العلم _ الرباط
 
إذا كان استرجاع إقليم وادي الذهب، هو الانتصار الذي استكمل به المغرب التحرير التام لصحرائه، فإنه بالمقياس الرياضي العلمي، الرقم الصعب الذي صحح المعادلة . فلولا الانتصار الكاسح الذي حققته القوات المسلحة الملكية، في معركة بئر أنزارن التاريخية، التي أراد بها خصوم الوحدة الترابية للمملكة المغربية، فرض الأمر الواقع، بدخول البوليساريو  إلى مدينة الداخلة غزواً واكتساحاً، على إثر انسحاب الإدارة الموريتانية من إقليم وادي الذهب، لكان هذا الجزء الغالي من التراب الوطني قد ضاع، ولكان تاريخ المنطقة قد تغير، و الأوضاع قد سارت في الاتجاه المعاكس للإرادة الوطنية ، فجاء الانتصار الساحق في تلك المعركة التي صارت إحدى الملاحم البطولية المغربية العظمى،  ليرد الحق إلى نصابه، وإقليم وادي الذهب إلى الوطن الأم .
 
 إن استرجاع إقليم وادي الذهب بفضل القيادة الملكية الحكيمة و بطولة القوات المسلحة الملكية العتيدة ، هو التعديل الموضوعي لاتفاقية مدريد  في الرابع عشر من نوفمبر سنة 1975، التي بموجبها تم تقسيم الإقليمين الصحراويين اللذين كانا خاضغين للاستعمار الإسباني، إلى منطقتين، الأولى الشمالية للمغرب، والثانية الجنوبية لموريتانيا. وطبقاً لتلك الاتفاقية المجحفة، اقتطع إقليم وادي الذهب من التراب الوطني، و فرض على المغرب أن يقبل، على مضض ، بالوضع غير الطبيعي، و أن يرضى  بما اتفق عليه في مفاوضات مدريد التي جرت في ظروف لم تكن في صالح الحقوق المشروعة  للمملكة المغربية  ، في تحرير كامل الصحراء المغربية بإقليميها الساقية الحمراء و وادي الذهب .
 
  و لذلك كان استرجاع  منطقة وادي الذهب إلى الوطن الأم، قضاءً مبرماً على ما أرادت الجزائر، ومعها موريتانيا الخاضعة في تلك الفترة لهيمنتها و سيطرتها،  أن تفتح الطريق أمام جبهة البوليساريو للوصول إلى المحيط الأطلسي، و إعلان الداخلة عاصمة للجمهورية الوهمية. ولكن تلك الأحلام أجهضت، وتلك المؤامرة  أحبطت،  في ملحمة بئر أنزارن، التي كانت مفخرةً دونها أية مفخرة، للقوات المسلحة الملكية المجيدة .
 
لقد بدأ الاحتلال الإسباني للصحراء المغربية في سنة 1884 ، من إقليم وادي الذهب وتمدد الاحتلال الإسباني في 6 أبريل سنة 1887 ليشمل إقليم الساقية الحمراء في الشمال . وفي 27  يونيو سنة 1900 وقعت إسبانيا و فرنسا معاهدة باريس التي رسمت الحدود بين وادي الذهب و موريتانيا الواقعة عهدئذ تحت الاحتلال الفرنسي . وفي 4 أكتوبر سنة 1904 ، حددت (اتفاقية باريس ( وهي الثانية حدود الساقية الحمراء مع الجنوب الجزائري المحتل من فرنسا ، أما اتفاقية مدريد التي عقدت بين إسبانيا و فرنسا يوم  27 نوفمبر سنة 1912  ، فقد أكدت هذه الحدود ، وثبتت حدود جيب إفني حيث لم تكن إسبانيا قد تمكنت من السيطرة عليه قبل ذلك .
 
وهذا التواطؤ السافر بين مدريد وباريس ضداً على المصالح الحيوية للمغرب، تكرر في عملية إكوفيون في شهر فبراير سنة 1958، حين اشتبك الجيش الإسباني والجيش الفرنسي مع جيش التحرير المغربي، حيث شملت تلك العملية الاستعمارية عدداً من مدن الجنوب المغربي، منها سيدي إفني وطرفاية والعيون والسمارة . ولكن القوات الاستعمارية دمرت الحياة والأحياء في تلك المناطق من الوطن .
 
هذا هو المعنى العميق لاسترجاع إقليم وادي الذهب الذي نحتفل اليوم بذكراه المجيدة، والدلالة السياسية للمراحل التي مرت بها جهود العرش والشعب ، التي لم تنقطع قط، من أجل استكمال تحرير كامل الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية ، بقيادة ملوك المغرب، من أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، إلى عهدي الملكين البطلين، محمد الخامس والحسن الثاني، رحمهما الله، وصولاً  إلى هذا العهد الميمون لجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله وأيده، باني المغرب الجديد، ومجدد المسيرة الخضراء، في أطوارها الحديثة، للدفاع عن الوحدة الترابية، وللذود عن المصالح الحيوية والاستراتيجية للبلاد.



في نفس الركن