2023 نونبر 9 - تم تعديله في [التاريخ]

استراتيجية‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬لتطوير‭ ‬تنمية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬وازدهارها


العلم الإلكترونية - الرباط 

ربط‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬السامي‭ ‬بمناسبة‭ ‬الاحتفال‭ ‬بذكرى‭ ‬المسيرة‭ ‬الخضراء‭ ‬،‭ ‬ربطاً‭ ‬محكماً‭ ‬متداخل‭ ‬الحلقات‭ ‬،‭ ‬بين‭ ‬الوفاء‭ ‬لقسم‭ ‬المسيرة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬دلالات‭ ‬عميقة‭ ‬،‭ ‬وبين‭ ‬استثمار‭ ‬المؤهلات‭ ‬التي‭ ‬تزخر‭ ‬بها‭ ‬بلادنا‭ ‬،‭ ‬وخاصة‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬المسيرة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬مكنت‭ ‬من‭ ‬استكمال‭ ‬الوحدة‭ ‬الترابية‭ ‬للمملكة‭ ‬المغربية‭ ‬،‭ ‬مبرزاً‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مواكبة‭ ‬التقدم‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتوسع‭ ‬الحضري‭ ‬اللذين‭ ‬تعرفهما‭ ‬مدن‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬،‭ ‬ينبغي‭ ‬مواصلة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬اقتصاد‭ ‬بحري‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬المنطقة‭ ‬ويكون‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬سكانها‭ ‬،‭ ‬واصفاً‭ ‬هذا‭ ‬الاقتصادَ‭ ‬بأنه‭ ‬متكامل‭ ‬،‭ ‬قوامُه‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬البحر‭ ‬،‭ ‬ومواصلةُ‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الصيد‭ ‬البحري‭ ‬وتحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تشجيع‭ ‬الأنشطة‭ ‬الفلاحية‭ ‬والنهوض‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬الأزرق‭ ‬و‭ ‬دعم‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة‭ ‬،‭ ‬فيما‭ ‬يعد‭ ‬بحق‭ ‬طفرةً‭ ‬إنمائيةً‭ ‬لا‭ ‬عهد‭ ‬للمنطقة‭ ‬بها‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬تعرفها‭ ‬أية‭ ‬منطقة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬أفريقيا‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الإطلاق‭ . ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الطموح‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬المغرب‭ ‬لتحقيقه‭ ‬في‭ ‬أقاليمنا‭ ‬الجنوبية‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬له‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬أن‭ ‬الرؤية‭ ‬التي‭ ‬يعتمدها‭ ‬للنهوض‭ ‬بهذا‭ ‬الجزء‭ ‬الغالي‭ ‬من‭ ‬الوطن‭ ‬،‭ ‬مستقبليةٌ‭ ‬تتجاوز‭ ‬المرحلةَ‭ ‬الراهنةَ‭ ‬إلى‭ ‬المراحل‭ ‬القادمة‭ ‬،‭ ‬بمسافات‭ ‬بعيدة‭ .‬
 
و‭ ‬يمثل‭ ‬هذا‭ ‬الطموحُ‭ ‬المعقلنُ‭ ‬ركناً‭ ‬واحداً‭ ‬للاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬المغرب‭ ‬لتطوير‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬أقاليمنا‭ ‬الجنوبية‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬،‭ ‬أما‭ ‬الركن‭ ‬الثاني‭ ‬لهذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬،‭ ‬فهو‭ ‬خاص‭ ‬بالسياحة‭ ‬الأطلسية‭ ‬،‭ ‬ويقوم‭ ‬على‭ ‬استثمار‭ ‬المؤهلات‭ ‬الكبيرة‭ ‬للمنطقة‭ ‬المطلة‭ ‬على‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬،‭ ‬بقصد‭ ‬تحويلها‭ ‬إلى‭ ‬وجهةٍ‭ ‬جاذبةٍ‭ ‬للسياحة‭ ‬الشاطئية‭ ‬و‭ ‬الصحراوية‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬و‭ ‬الخارج‭ . ‬و‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬السامي‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اعتماد‭ ‬استراتيجية‭ ‬خاصة‭ ‬بالسياحة‭ ‬الأطلسية‭ . ‬و‭ ‬هذا‭ ‬شكل‭ ‬متطور‭ ‬من‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬المؤهلات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تتوفر‭ ‬عليها‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬،‭ ‬ينبني‭ ‬على‭ ‬افتراضات‭ ‬موثوقة‭ ‬بأن‭ ‬مستقبل‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬الشاطئين‭ ‬الأفريقي‭ ‬و‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجنوبي‭ ‬و‭ ‬الشمالي‭ ‬،‭ ‬رهين‭ ‬بتطوير‭ ‬السياحية‭ ‬الأطلسية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬استثمار‭ ‬المؤهلات‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬البر‭ ‬والبحر‭ ‬،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬،‭ ‬بأحدث‭ ‬الطرق‭ ‬العلمية‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحقل‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بها‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ .‬
 
ومن‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬المنظور‭ ‬الإنمائي‭ ‬،‭ ‬واعتماداً‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬،‭ ‬واستناداً‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬الاستثمارية‭ ‬،‭ ‬ندرك‭ ‬الأبعاد‭ ‬الاقتصادية‭ ‬و‭ ‬الاندماجية‭ ‬للمشروع‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الرائد‭ ‬لأنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬المغرب‭/ ‬نيجيريا‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬ينتظر‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬تغييراً‭ ‬عميقاَ‭ ‬في‭ ‬اقتصادات‭ ‬المنطقة‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬يحل‭ ‬المشاكل‭ ‬الإنمائية‭ ‬العويصة‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ . ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬مواصلة‭ ‬تطوير‭ ‬تنمية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬بخاصة‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬مجموع‭ ‬التراب‭ ‬الوطني‭ ‬بعامة‭ ‬،‭ ‬وبين‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إنعاش‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المشاركة‭ ‬،‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬العملاق‭ . ‬لأن‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬و‭ ‬أيده‭ ‬،‭ ‬مبدع‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المتكاملة‭ ‬ذات‭ ‬الأبعاد‭ ‬المتداخلة‭ ‬والمندمجة‭ ‬بعضها‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬،‭ ‬يعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بناء‭ ‬المستقبل‭ ‬،‭ ‬برؤية‭ ‬متبصرة‭ ‬تندمج‭ ‬فيها‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الأفريقية‭ ‬،‭ ‬باعتبار‭ ‬المغرب‭ ‬بلداً‭ ‬أفريقياً‭ ‬،‭ ‬وقطباً‭ ‬جاذباً‭ ‬،‭ ‬وقوةً‭ ‬إقليميةً‭ ‬تعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬و‭ ‬التقدم‭ ‬والازدهار‭ ‬في‭ ‬محيطه‭ ‬الإقليمي‭ ‬والقاري‭ ‬و‭ ‬الدولي‭ ‬أيضاً‭ .‬
 
إن‭ ‬النجاح‭ ‬المطرد‭ ‬للجهود‭ ‬التي‭ ‬يبذلها‭ ‬المغرب‭ ‬لتطوير‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬في‭ ‬أقاليمنا‭ ‬الجنوبية‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬خطط‭ ‬العمل‭ ‬المتكاملة‭ ‬لدعم‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الجهات‭ ‬الإثنتي‭ ‬عشرة‭ ‬للمملكة‭ ‬،‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬ينعكس‭ ‬إيجاباً‭ ‬،‭ ‬وبدرجةٍ‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭ ‬،‭ ‬على‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬بدول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المجالات‭ ‬الحيوية‭ . ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬فيه‭ ( ‬إن‭ ‬المغرب‭ ‬مستعد‭ ‬لوضع‭ ‬بنياته‭ ‬التحتية‭ ‬و‭ ‬المينائية‭ ‬والسكك‭ ‬الحديدية‭ ‬،‭ ‬رهن‭ ‬إشارة‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة‭ ( ‬دول‭ ‬الساحل‭ ) ‬،‭ ‬إيماناً‭ ‬منا‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ( ‬التي‭ ‬اقترح‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬إطلاقها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬لتمكينها‭ ‬من‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭) ‬ستشكل‭ ‬تحولاً‭ ‬جوهرياً‭ ‬في‭ ‬اقتصادها‭ ‬وفي‭ ‬المنطقة‭ ‬كلها‭ ) .‬
 
وهذا‭ ‬هو‭ ‬المفهوم‭ ‬العلمي‭ ‬والمدلول‭ ‬العملي‭ ‬للعمق‭ ‬الأفريقي‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬للتوجه‭ ‬الأفريقي‭ ‬،‭ ‬وللبعد‭ ‬الأفريقي‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬الطابع‭ ‬المميز‭ ‬للسياسة‭ ‬المغربية‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬القاري‭ ‬،‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ .‬
 



في نفس الركن