العلم الإلكترونية - الرباط
أوضحت المندوبية السامية للتخطيط، من خلال توقعاتها أن الاقتصاد الوطني عرف تحسنا، مؤكدة على نسبة نمو الاقتصاد الوطني التي تجاوزت 3,2 في المائة رغم الإكراهات الدولية والمناخية. وأشارت المندوبية إلى تراجع معدل نمو التضخم لأول مرة بعد ارتفاع استمر لستة فصول. وهو ما يؤكد وفق محللين، أن قرارات الحكومة الاقتصادية وتوقعاتها كانت صائبة، وأدت فعلا إلى تحسن هذه المؤشرات خلال الفصول الثلاثة الأولى من 2023 .
أوضحت المندوبية السامية للتخطيط، من خلال توقعاتها أن الاقتصاد الوطني عرف تحسنا، مؤكدة على نسبة نمو الاقتصاد الوطني التي تجاوزت 3,2 في المائة رغم الإكراهات الدولية والمناخية. وأشارت المندوبية إلى تراجع معدل نمو التضخم لأول مرة بعد ارتفاع استمر لستة فصول. وهو ما يؤكد وفق محللين، أن قرارات الحكومة الاقتصادية وتوقعاتها كانت صائبة، وأدت فعلا إلى تحسن هذه المؤشرات خلال الفصول الثلاثة الأولى من 2023 .
وبينما تباطأ النمو الدولي، لا سيما على مستوى الولايات المتحدة التي تشير التوقعات إلى تحقيقها نسبة نمو 2 في المائة، والمنطقة الأوروبية 1، وتراجع الطلب الخارجي المطبوع بتبعات الأزمة الروسية – الأوكرانية، عرفت الأشهر الأخيرة ابتداء من شهر مارس، حركية اقتصاد مرتبطة بالطلب الداخلي، وهو ما كانت الحكومة واعية بضرورة التدخل لتحسينه، مما جعل الأسر المغربية تسترجع الثقة في الاقتصاد الوطني، مع عودة للاستهلاك والإنفاق بحلول الصيف، وحركية في المقاولات، وفي القطاع العام على مستوى الإنفاق العمومي، والتي تمكن من تحريك عجلة الاقتصاد والخروج من الركود التضخمي
وأفادت المندوبية السامية للتخطيط بأن نمو الاقتصاد الوطني سيبلغ 3,3 في المائة في سنة 2023، بعد تباطؤه خلال سنة 2022، حيث لم تتجاوز وتيرته 1,3 في المائة.
وأوضحت المندوبية، في الميزانية الاقتصادية الاستشرافية لسنة 2024 أن هذا النمو المحقق بناء على زيادة الضرائب والرسوم على المنتجات الصافية من الإعانات بـ 2,9 في المائة، سيكون مدعوما بالأساس بأنشطة القطاعين الثاني والثالث، مضيفة أن التضخم، المقاس بالمؤشر الضمني للناتج الداخلي الإجمالي، سيعرف تباطؤا ليستقر في حدود 2,8 في المائة بعدما بلغ 3,1 في المائة سنة 2022.
الخبير الاقتصادي محمد الشرقي لا ينكر دور الحكومة على مستوى وضع الآليات والترتيبات والتشريعات لملاءمة الاقتصاد الوطني مع المناخ العام. وأوضح الشرقي في تصريح لجريدة «العلم» أن الاقتصاد المغربي متنوع إذا ما قارناه باقتصاديات عدد من الدول الإفريقية أو الأوربية لأنها لا يعتمد على منتوج واحد.
وقال الخبير الاقتصادي إن نسبة النمو التي يشهدها الاقتصاد الوطني تعود إلى توافر ثلاث معطيات إيجابية، فيها ما يرتبط بالفلاحة، وفيها ما يرتبط بالتساقطات المطرية، بالإضافة إلى عامل ثالث، وهو ما يتعلق بالانتعاش الذي يشهده مجال السياحة.
وأكد المصدر ذاته، أن من العوامل المساعد أيضا في ارتفاع نسبة نمو الاقتصادي المغربي، ما يرتبط باستقرار الأسعار على المستوى الدولي، الشيء الذي يجعل المغرب في وضع اقتصادي مريح، وأعطى أمثلة على ذلك بالأوضع التي مر منها الاقتصاد الوطني طيلة الثلاثين سنة الماضية.
وفي مجال السياحة قال الشرقي إن المغرب حقق انتعاشا سياحيا محترما، موضحا أن عدد الوافدين السياح وصل 6.5 مليون، بزيادة تقدر ب 21 في المائة، مقارنة بسنة 2019 (التي تعد مرجعية)، أي قبل تفشي جائحة كورونا، حيث استقبل فيها 13 مليون سائح.
وأفاد أن «الأرقام المسجلة في شهر يونيو تؤكد مواصلة القطاع السياحي وتيرته التصاعدية «، أي إذا استمرت الأمور على هذا المنوال ( وهو ما يحدث عادة) فإن المملكة ستستقبل ما يقرب من 16 مليون سائح في عام 2023.
نمو استثنائي في قطاع السياحة
وتوقف عند مداخيل الأرباح الصافية من العملات الأجنبية التي وضلت 41 مليون درهم خلال الأشهر الستة الأولى من 2023، واعتبر ذلك نموا استثنائيا بنسبة 42 بالمائة مقارنة مع 2019. ويعود الفضل في ازدياد عدد الوافدين السياح القياسي جزئيًا في هذه السنة إلى انفتاح المغرب على أسواق جديدة، وخاصة إسبانيا التي نما عدد السياح القادمين منها بنسبة 79 بالمائة مقارنة مع يونيو 2019، والمملكة المتحدة بزيادة 23 بالمائة، والبرتغال 16 بالمائة. وبهذا المعدل، سيتجاوز المغرب 20 مليون سائح بحلول عام 2025، 26 مليون سائح سنويا في أفق عام 2030، حسب توقعات الوزارة.
وأضاف أن الترويج والاستثمار يشكلان معا رافعتين أساسيتين في خارطة طريق 2023-2026 للسياحة، والتي عرفت بالإضافة إلى ذلك إطلاق العديد من الأوراش المهيكلة منها تعزيز الكفاءات وتأهيل العرض الفندقي وتقوية التنشيط السياحي والخدمات.
في السياق الاقتصادي، أبرزت وثيقة للمندوبية السامية للتخطيط تهم الوضع الاقتصادي في 2023 وآفاقه في سنة 2024، أن التحسن المتأخر للظروف المناخية خلال الموسم الفلاحي 2022/2023، بعد فترة الجفاف النسبي، سيمكن من تغطية العجز من الموارد المائية المسجل خلال بداية الموسم ومن تحسن طفيف في نسبة ملء السدود الرئيسية على المستوى الوطني.
وأضاف المصدر ذاته أن هذه الظروف ستكون مفيدة بشكل طفيف لإنتاج الحبوب الذي عرف زيادة ب 62 في المائة مقارنة بالموسم الماضي، ليصل إلى حوالي 55,1 مليون قنطار. بالإضافة إلى ذلك، سيستفيد إنتاج الخضر وزراعة الأشجار، وخاصة إنتاج الحوامض والزيوت والتمور، من تحسن الظروف المناخية رغم تأخره.
وأوردت المندوبية أنه رغم تحسن الغطاء النباتي والنتائج الجيدة المرتقبة للمحاصيل الكلئية، فستتأثر أنشطة تربية الماشية بالصعوبات المرتبطة بانخفاض عدد رؤوس الماشية، نتيجة تعاقب سنوات الجفاف وارتفاع تكاليف الإنتاج، معتبرة أن هذه الوضعية استدعت اللجوء المكثف إلى استيراد الأبقار والأغنام لتلبية الطلب الداخلي.
وهكذا، ستسجل القيمة المضافة للقطاع الفلاحي تحسنا بـ 6,7 في المائة سنة 2023، بعد انخفاض ملحوظ بـ 12,9 في المائة سنة 2022. وبناء على تطور أنشطة الصيد البحري بـ 5,3 في المائة، سيسجل القطاع الأولي زيادة بـ 6,6 في المائة.
تراجع صادرات الملابس الجاهزة
وستستفيد الأنشطة غير الفلاحية من دينامية الأنشطة الثالثية، غير أنها ستتأثر بتباطؤ الطلب الأجنبي واستقرار أسعار المواد الأولية في مستويات عالية.
وستعرف أنشطة الصناعات التحويلية نموا معتدلا بنسبة 1,1 في المائة. ويتوقع أن تسجل القيمة المضافة لأنشطة الصناعات الغذائية تباطؤا نتيجة تأثير تباطؤ صادرات الفواكه والمنتجات البحرية.
بدوره سيعرف نشاط صناعة النسيج تباطؤا بسبب تراجع صادرات الملابس الجاهزة. وستواصل صناعة معدات النقل وتيرة نموها بناء على استمرار تحسن الطلب الأجنبي الموجه لهذه الأنشطة.
بالمقابل، ستتأثر أنشطة الصناعات الكيمائية بانخفاض الطلب الخارجي على الأسمدة منذ منتصف سنة 2022، خاصة الطلب الوارد من الهند والبرازيل. وبالتالي، ستواصل القيمة المضافة لقطاع المعادن تراجعاتها، نتيجة ضعف الطلب الخارجي على منتجات الفوسفاط، في سياق يتسم باستقرار أسعار التصدير في مستويات مرتفعة.
وستعرف أنشطة قطاع البناء والأشغال العمومية سنة 2023 نموا متواضعا بوتيرة لن تتجاوز 0,4 في المائة. ويعزى ذلك إلى ارتفاع أسعار مواد البناء والعقار، ومن جهة أخرى إلى تشديد الشروط التمويلية التي ستؤدي إلى إضعاف طلب الخواص على العقارات.
غير أن أنشطة الأشغال العمومية ستتمكن جزئيا من تغطية ركود قطاع البناء، مستفيدا من زيادة حجم الاستثمارات العمومية المخصصة للبنية التحتية.
وفي ظل هذه الظروف، ستعرف القيمة المضافة للقطاع الثانوي تحسنا طفيفا بـ 0,3 في المائة سنة 2023.
من جهة أخرى، تتوقع المندوبية السامية للتخطيط، أن تعرف القيمة المضافة للخدمات التسويقية سنة 2023 نموا بوتيرة 4,2 في المائة نتيجة الانتعاش الملحوظ لأنشطة السياحة والنقل.
وتعزى هذه الدينامية الجيدة في قطاع السياحة إلى انتعاش السياحة العالمية، وتعزيز سمعة وجهة «المغرب» نتيجة الإنجاز الذي حققه أسود الأطلس في كأس العالم ونجاح حملة «المغرب أرض الأنوار» التي أطلقها المكتب الوطني المغربي للسياحة.
وبذلك ستتعزز دينامية رواج النقل الجوي سنة 2023، نتيجة انتعاش الأنشطة السياحية. غير أن أنشطة النقل البحري ستعرف انكماشا، على خلفية تباطؤ التجارة الخارجية، خاصة تلك المرتبطة بصادرات الفوسفاط ومنتجات مشتقاته.
استشراف آفاق الاقتصاد الوطني
وستعرف الخدمات التسويقية الأخرى إجمالا تطورا معتدلا نتيجة الانتعاش الطفيف للطلب الداخلي. وستواصل الخدمات غير التسويقية نموها المدعم، نتيجة الزيادة في نفقات موظفي الإدارات العمومية.
وبناء على هذه التطورات، سيعرف القطاع الثالثي ارتفاعا بـ 4,2 في المائة سنة 2023، لتبلغ مساهمته في نمو الناتج الداخلي الإجمالي حوالي 2,3 نقط.
ووفقا للمندوبية، سيعرف سوق الشغل انخفاضا مستمرا في معدل النشاط ب0,8 في المائة سنة 2023، بعد أن سجل تراجعا بـ 2,2 في المائة سنة 2022.
وهكذا، بناءا على الزيادة المتوقعة في فرص الشغل الصافية، سيستقر معدل البطالة على المستوى الوطني في حدود 12,2 في المائة سنة 2023.
وتقوم المندوبية السامية للتخطيط بإعداد الميزانية الاقتصادية الاستشرافية لسنة 2024، التي تقدم مراجعة للنمو الاقتصادي الوطني لسنة 2023 وكذا استشراف آفاق تطوره خلال سنة 2024. وستمكن هذه الميزانية، الحكومة وأصحاب القرار، عبر التطور الاقتصادي المرتقب لسنة 2024، من تسطير توجهات سياساتهم، حيث تشكل إطارا مرجعيا لتحديد الأهداف الاقتصادية، مدعمة بالتدابير المرتقب تنفيذها، خاصة في إطار القانون المالي لسنة 2024.
ويرتكز إعداد هذه الميزانية الاقتصادية على المؤشرات والمعطيات المؤقتة لسنة 2022 الصادرة عن المحاسبة الوطنية وعلى نتائج البحوث الفصلية وأشغال تتبع وتحليل الظرفية التي قامت بها المندوبية السامية للتخطيط خلال النصف الأول من سنة 2023. كما تعتمد هذه التوقعات على مجموعة من الفرضيات المتعلقة بتطور العوامل الخارجية التي تؤثر على الاقتصاد المغربي، سواء على الصعيدين الوطني او العالمي.
وتعتمد الآفاق الاقتصادية لسنة 2024، على سيناريو متوسط لإنتاج الحبوب خلال الموسم الفلاحي 2023-2024 وعلى فرضية نهج نفس السياسة المالية المتبعة خلال سنة 2023، خاصة السياسات العمومية التي يتعين تنفيذها لتحقيق الإقلاع الاقتصادي.