النائب البرلماني علال عمروي
العلم الإلكترونية - سمير زرادي
سجل النائب البرلماني علال عمروي عضو الفريق الاستقلالي بمجلس النواب يوم الاثنين الماضي أن إصلاح المنظومة الصحية الوطنية هي المدخل بل والمحدد الأساس لنجاح مشروع الحماية الاجتماعية برمته.
سجل النائب البرلماني علال عمروي عضو الفريق الاستقلالي بمجلس النواب يوم الاثنين الماضي أن إصلاح المنظومة الصحية الوطنية هي المدخل بل والمحدد الأساس لنجاح مشروع الحماية الاجتماعية برمته.
وقال خلال مناقشته عرض رئيس الحكومة برسم جلسة المساءلة الشهرية حول تأهيل المنظومة الصحية إن للجائحة دروس بليغة للاستخلاص، حيث لأول مرة في التاريخ المعاصر يتم فيها تجريب صمود résilience نظامنا الصحي، بل وصمود دولة ووطن أمام جائحة وبائية من هذا الحجم بأبعاد صحية وأمنية واقتصادية واجتماعية وحتى سياسية ودبلوماسية.
وتابع في نفس السياق "وجب التذكير والتأكيد أنه رغم محدودية منظومتنا الصحية، فنجاح بلادنا في مواجهة الجائحة هو نتيجة لاصطفاف دولة ومجتمع وأفراد صفا واحدا بقيادة وريادة جلالة الملك محمد السادس لمحاربة الوباء، حتى أننا نجحنا في تحويل التهديد إلى فرص، عندما فهمنا مبكرا أن تدبير ملف صحي ضخم هو يتعدى مسؤولية وزارة الصحة، بل يستوجب انخراط دولة، وانخراط ميداني لكل القطاعات، لكن والأهم انخراط واع لكل المغاربة.
خريف كورونا وربيع الحماية الاجتماعية
وإذا استطعنا أن نواجه بفضل هذا الانخراط الجماعي تحدي "خريف كورونا" فاليوم بنفس الحماس والانخراط يجب أن نرفع تحدي "ربيع الحماية الاجتماعية والصحية"، أي وضع الصحة في قلب كل السياسات العمومية، تحت إشرافكم، ولكم السيد الرئيس بمعية الأخ وزير الصحة، من الكفاءة والليدرشيب، ما يجعلنا متفائلين بنجاح الإصلاحات العميقة للمنظومة الصحية التي ناد بها صاحب الجلالة وينتظرها المواطن، حيث أن هذا الانخراط الجماعي هو ضروري اليوم لإنجاح الحماية الاجتماعية".
وأضاف أن من خلاصات الجائحة كذلك ضرورة اعتبار الأمن الصحي والسيادة الصحية أولوية دولة ومأسستها بإحداث مجلس أعلى لليقظة والأمن الصحي، يضطلع بمهام البت في القضايا الاستراتيجية المرتبطة بالأمن واليقظة الصحية في أبعادها الإنسانية، الاجتماعية، الاقتصادية. مع إحداث لجنة علمية مرجعية استشارية قارة.
وأشار كذلك أنه بعد إهمالها لفترة، تعود سياسات الوقاية وتعزيز الصحة إلى الواجهة في المجال الصحي، كركيزة أساسية لتطوير المنظومة الصحية، فيما يخص خدمات الوقاية والتشخيص والعلاج والترصد خاصة بالنسبة للأمراض المزمنة، مفيدا أنه من تحديات إنجاح الحماية الاجتماعية اليوم إيجاد إجابات لتمويل آمن ومستدام للتغطية للصحية، لكن كذلك إقرار حكامة مالية داخلية للمنظومة، ولعل إرساء نظام معلوماتي مندمج بين مؤسسات العلاج العمومية والخاصة والمؤسسات المدبرة للتأمين الصحي من صناديق وتعاضديات، سيكون أحد المداخل لتحقيق التوازن الميزانياتي من خلال الشفافية وتفادي إهدار الموارد المالية وسيساعد كذلك على اتخاذ القرارات السليمة وتحديد الاختيارات الكبرى لسلة العلاجات والتعريفات العلاجية المرجعية.
تكامل العمومي والخاص
بعد ذلك افاد أنه إذا كانت التغطية الصحية ستوفر الولوج المالي لإدراك الحق في الصحة، فإن الولوج الفعلي والجغرافي (effectivité) مقرون بحكامة العرض الصحي وإعادة النظر في القانون المنظم للخريطة الصحية، والمخططات الجهوية للعرض الصحي لتشمل القطاع الخاص من جهة، ومن جهة أخرى إعادة النظر في السياسة الاستشفائية، من خلال توفير الإمكانات اللازمة وابتكار حلول تدبيرية لترشيد وتجميع الإمكانات، خصوصا البشرية منها، بخصوصيات محلية وجهوية، تراعي التكامل بين العرض الاستشفائي العمومي والقطاع الخاص في مسارات العلاج والتكفل.
الحكامة الدوائية
ولفت أن من الخيوط الناظمة كذلك اليوم لإرساء نظام صحي أكثر فعالية، هو تنزيل سريع لحكامة دوائية، من خلال الإسراع بإحداث وكالة مستقلة لضبط وتقنين قطاع الأدوية والمستلزمات الطبية، تتولى ضمان جودة وسلامة وفعالية الأدوية ودقة المعلومات عنها. وتضمن توفير الأدوية في السوق الوطنية وتشجع على استعمال الأدوية الجنيسة مع ضبطها ومراقبتها(Bioéquivalence) ، مع توفير الظروف الملائمة لتطوير منظومة البحث العلمي في مجال العلوم الطبية، الصيدلية والوبائية لتدارك الخصاص الحاصل في هذا المجال من خلال لجنة الأخلاقيات الطبية.
وختم بقوله "يبقى الرأسمال البشري الصحي هو المحدد الرئيسي للنجاح، ولست بحاجة للتذكير بالخصاص المسجل، لكن لا بد من الإشارة إلى غياب آليات لتدبير ناجع لهذه الموارد على قلتها وبالتأكيد سيحمل قانون الوظيفة العمومية الصحية، الإجابات الشافية في هذا الصدد مع إقرار تحفيزات تتلاءم ومستوى التكوين والقدرات العلمية وطبيعة المهام وكذا المسؤوليات المنوطة بهم.
ولهذا حان الوقت لنعيد النظر في منظومة التكوين بشكل عام، نحو منظومة واحدة لكل المهن الطبية والتمريضية والتقنية كما وكيفا، تراعي المتطلبات الصحية الجهوية عبر جامعات العلوم الصحية، والأكيد أن تجربة الجامعات الخاصة ذات المنفعة العامة تفرض نفسها اليوم للإجابة عن عدد من المعيقات.
الأكيد كذلك أن كل هذا، لا يمكن أن يتم بمعزل عن القطاع الخاص، باعتباره مكونا رئيسيا ودعامة أساسية للمنظومة الصحية، مع إحداث الآليات القانونية والتنظيمية تمكن من إشراكه في صناعة القرار وتحفيزه وتعزيز قدراته، بما فيها مراجعة منظومة الضرائب ضمانا لديمومته، وذلك من خلال شراكات وتعاقدات إستراتيجية واضحة ناجعة ومربحة لجميع الأطراف.
تلكم إذن السيد الرئيس ستة مداخل نذكر بها لضمان انطلاق سليم ومستدام لمشروع الحماية الاجتماعية في شق الحماية الصحية، لنكون جميعا عند حسن ظن صاحب الجلالة بتلبية انتظارات الشعب المغربي في الولوج العادل والمنصف للصحة والعلاج".