العلم الإلكترونية - بقلم بدر بن علاش
"أعلم أن الأمر معقد، لكن لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو لـ40 عاما أخرى" هكذا أجاب صبري بوقدوم وزير خارجية الجزائر،بدون حشمة ولا حياء،على سؤال لصحيفة "إلباييس" الاسبانية،حول ما إذا كانت لإسبانيا مكانة فاعلة في الصراع الخاص بالصحراء .
"أعلم أن الأمر معقد، لكن لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو لـ40 عاما أخرى" هكذا أجاب صبري بوقدوم وزير خارجية الجزائر،بدون حشمة ولا حياء،على سؤال لصحيفة "إلباييس" الاسبانية،حول ما إذا كانت لإسبانيا مكانة فاعلة في الصراع الخاص بالصحراء .
بوقدوم،الذي يواصل جولاته المكوكية شمالا وجنوبا،وشرقا وغربا،للنيل من المغرب ومصالحه في محالات يائسة وفاشلة لم يجن منها لا هو ولا نظامه البئيس إلا الخيبات و الفشل الذريع،حاول بكل مكره السياسي المعتاد، إبان زيارته قبل أيام إلى بلاد ثيربانتس،إقحام هذه الأخيرة في النزاع، حينما طالبها بموقف أكثر وضوحا من ملف الصحراء المغربية، وهو ما يستشف من رده على نفس الصحيفة،قائلا إنه لا يمكن لإسبانيا التنصل من مسؤوليتها التاريخية،و لا يمكنها أن تختبئ وراء الأمم المتحدة، بل لديها مسؤولية خاصة، ويجب أن تتدخل.
ليس جديدا هنا أن نذكر بالعداء الثابت للنظام العسكري الجزائري المتهالك،لكن ما يثير الانتباه من خلال هذا التصريح المقيت،هو التوجس المصطنع لبوقدوم من إمكانية استمرار هذا الملف ل 40 سنة أخرى ،كما جاء على لسانه الطويل،وهنا نتساءل، من عطل تسوية هذا الملف الشائك،ووقف على عدم إيجاد حل عادل ومنصف،يخلص المنطقة من نزاع مفتعل بتكاليفه السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية الباهظة،ويسمح للمحاصرين بمخيمات العار بتندوف من العودة إلى أحضان وطنهم الأم؟
ولعل الجواب هنا لا يحتاج إلى الكثير من التفكير،فمسؤولية النظام الجزائري لا يمكن حجبها بالغربال، ولا التغاضي عنها،فلولا "قسوحيات الرأس" و العداء التاريخي تجاه مملكة 12 قرنا،لتم طي هذه الصفحة السوداء في مهدها.
لقد مرت قرابة نصف قرن،يا من تتخوف من استمرار الملف 40 سنة أخرى،و نظامك يناور في كل الاتجاهات،ويرمي بزمرة من المغرر بهم للدخول في حروب مع المغرب لا طائلة منها سوى المآسي الإنسانية،ويدفع بأسر صحراوية تحتجزونها بأراضيكم إلى تهجير أبنائها قسرا إلى كوبا وغيرها،ويوزع الأوراق الخضراء من مال الشعب الجزائري الشقيق على لوبيات وجماعات حتى تتبنى نفس الخطاب العدائي تجاه المغرب.
لقد مر نصف قرن،والجزائر،يا بوقدوم، تحاول التنصل من مسؤوليتها المباشرة في ملف هي من صنعته،و وضعت له دمى بتندوف يتاجرون بمآسي المحتجزين،و أبواقا لا يهمها سوى ما تجنيه جيوبهم من دولارات الغاز،أبواق لم يعد لها أي تأثير في المنظمات الدولية التي اعتادوا أن يجتروا في منابرها أكاذيبهم وافتراءاتهم.
يا بوقدوم، إن اسبانيا وغيرها من البلدان التي لم تعلن بعد عن موقفها الصريح من نزاع الصحراء،هي بلد ذات سيادة،ويبقى ترددها مسألة وقت لا أقل ولا أكثر،ولا شك أنها ستأخذ نفس الموقف الشجاع والتاريخي للولايات المتحدة الأمريكية،عندما أعلنت بكل وضوح اعترافها بسيادة المغرب على جميع أقاليمه الصحراوية،والأكيد أن الأيام المقبلة حافلة بالصدمات المماثلة لك ولنظامك المنهار،حينما ستزيد قناعة دول أخرى بأن مصالحها السياسية والاقتصادية و حتى الأمنية تكمن في مغرب موحد و قوي.
يا بوقدوم،إنك بخطاباتك وتصريحاتك المسمومة،والتي لا تدل على أي صفة للصبر المشتق من اسمك،كحال من يسكب الماء في صحراء مقفرة،وحتى ولو زرت العالم قرية قرية،مدينة مدينة،و زنقة زنقة، وبيت بيت ،وملأت شاشات تلفزيوناتك ،و صدحت بصوتك المزعج في كل الإذاعات و المحطات والمواقع،لن يأخذ بها ذوو الألباب،بعدما أيقن عقلاء العالم، بأن ما تدافع عنه أنت وصنيعتك البوليساريو، لم يعد له أي مكان في عالم ينشد الوحدة والسلم والسلام لا الانفصال وتشتيت الأمم والشعوب.
يا بوقدوم،وفر عليك و على نظامك المفلس جولاتك،فلن تجدي نفعا،وخير لك و لنظامك الاستجابة لأصوات الشعب الجزائري الذي يخرج عن بكرة أبيه كل أسبوع لشوارع البلد للمطالبة برحيل النظام العسكري،وإقامة دولة مدنية،ومحاكمة الواجهة السياسية الجديدة-القديمة المسؤولة عن تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية،وضمان حرية الرأي والتعبير.
نعم،قد يستمر الملف 40 سنة أخرى،إذا ما استمر عناد نظامك يا بوقدوم ،ومن تحركهم بأصابعها، في تكرار نفس الأسطوانة،والخطاب المتجاوز الذي لم يعد يقنع أحدا،و استمرار تغليب فكرة الانفصال وخلق دويلة لا تاريخ لها ولا تراب. أما المغرب فغير عابئ بمسامير جحا،و مستمر في مسلسل البناء و التشييد في صحرائه،وإدماج أبنائها في مسار التنمية،على حصد الانتصارات الديبلوماسية على كل الواجهات بعدما آمنت الغالبية العظمى من المجتمع الدولي بعدالة الموقف المغربي،وجدية مقترح الحكم الذاتي تحت سيادته.
انتصارات يقودها جلالة الملك بكل حكمة وتبصر، وبعد نظر،ويترجمها على أرض الواقع وزير خارجيتنا ناصر بوريطة،والذي بات النصر يحالفه أينما حل و ارتحل،فعلا وقولا،و كذلك بعض سفراء المملكة الذين يجسدون الوجه الآخر للدبلوماسيين المتفاعلين إيجابا مع محيطهم،بدل الاكتفاء بمهامهم المتعارف عليها،وخير مثال هنا استحضر يوسف العمراني سفير المملكة المغربية في جنوب أفريقيا ،والذي يبدع ويقنع في الدفاع عن قضيتنا الأولى بمختلف الأوجه،وبطرق متجددة مع العصر و التكنولوجيا،حتى مع تواجده في بلد يعد من أكبر مساندي البوليساريو.
والدليل إصدار هذا السفير، لمنشور بعنوان "الصحراء المغربية..قضية وطن"،يجيب فيه عن تسعة أسئلة الأكثر شيوعا بخصوص النزاع الإقليمي المفتعل حول قضية الصحراء المغربية،بغرض رفع اللبس عن الكثير من جوانبها بالحجج و الحقائق الداعمة،و دحض الدعاية الوقحة لخصوم الوحدة الترابية للمغرب الذين يروجون الأكاذيب . وكذا إنجاز سفارة المغرب ببريتوريا ل “بودكاست” بعنوان "الأساطير والحقائق.. فهم النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية" باللغة الإنجليزية،بث على نطاق واسع عبر العديد من المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي في جنوب إفريقيا وخارجها وفي المنطقة الجنوبية من القارة الإفريقية.
وبالعودة مجدد لبطل عمودنا "بوقدوم" فإن خير ما يقال عن خرجاته الإعلامية الفاشلة وتصريحاته المسمومة ، ما جاء على لسان خير البرية صلى الله عليه وسلم، حينما قال في إحدى أحاديثه " إذا لم تستح فاصنع ما شئت".
المناسبة شرط
كثير من المغاربة عبروا عن انزعاجهم من قرار الحكومة حظر التنقل الليلي على الصعيد الوطني خلال شهر رمضان الأبرك، يوميا من الساعة الثامنة ليلا إلى الساعة السادسة صباحا،وعبروا عن ذلك بتدوينات ملأت الفضاءات الزرقاء ،وفي أحاديث ما يسمى ب "حديث الصالات"...
لكن ماذا سنجني من كل هذا،إذا ما لم يترجم إلى فعل؟ إن "النضال" عبر صفحات المواقع الاجتماعية،والحديث في المقاهي و وسائل النقل و الأزقة لن تجدي في شيء،ففي الأخير لا يصح إلا الصحيح،ولعل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة خير فسحة ليعبر فيها المغاربة عن هذا الانزعاج،والذي سبقه الكثير من التبرم من قرارات حكومة العدالة و التنمية،و التي وصفت بالمتسرعة و اللاشعبية،حتى يتحقق التغيير المنشود عبر صناديق الاقتراع.