العلم الإلكترونية - محمد بشكار
مع مُلْحقِ "العلم الثقافي" الأوَّل في هذا الموسم الجديد، لن نُمْعِن بالثَّرْثرة حول الدُّخول الثقافي والآمال المُنْتَظَرة، لا لِشيء إلا لأنَّ الزلزال هذه المرَّة وليس السيف، هو الأصْدَق أنباء من الكتب، أوَ لمْ ترَ كيف أخرست فاجعته الألسُن وعطَّلت في أرْجُوحتها اللَّعِب بالأقوال !
قَدْ لا أُوافِقُ الزِّلزال في أُسْلوب الخِطاب حين تسْتنْفر رجَّتُه الهَلَع في الأنْفُس، في المُداهمة التي تسْتعْجِل الصغير والكبير إلى الموت دون سابق إشْعَار، قد لا أُوافقهُ حين يسْحَب الأرض من تحتي ليتركني عارياً دون سقف أفْترِش التُّراب، ولكنَّني أوافقه الرأي بعد أن ضاع في زمننا غير العادل الصوت الشُّجاع المُنازِل، كيف لا وقد نابَ عنْ بعض الدُّمَى غير المُتحرِّكة التي تصْنَع في مطْلع كُلِّ موسم جديد، أكْذوبة الدُّخول السياسي ببرامج زائفة تُشْبه كلام الليل الذي يمحوه النهار، لقَدْ أوْجَز الزِّلزال بلغة الإبادة الجماعية كل القِيل والقال، تجاوز الدُّخول السياسي إلى العُمْق المغربي السَّحيق، هناك حيث الإنسان في عُزْلةٍ قُصْوى وقُسْوى قريباً من العَدَم، ولا شيء من المَرافِق الإجتماعية تجعله يَشْعُر بآدميته وانتمائِه لهذا الوطن، لا طُرُق تصل المبْثُوثين في الفِجاج السحيقة للجبال بِشَرْيان الحياة، لا جُسور ولَوْ معلقةً في الهواء على سبيل الشَّنْقْ !
قد لا أُوافق الزِّلْزال حين يخْتار من البلد منطقةً هشَّة لِيسْتعْرض قِوَاه، حين يبْتلع في لَمْح البصر دواوير لا يَسْكنها سوى الضُّعفاء، حين يدُكُّ مع أعلى جبل، موسماً دراسياً بكامل مُعَلِّميه وتلاميذه الفرحين بوِزْراتهم الزرقاء اسْتِعداداً لخوْض تجربة الأمل، أمْ تُرى الزِّلزال من حيث لا يُدْرِك الحِكْمة الإلهيّةَ أحد، كان أرَقَّ مِمَّنْ يتحكَّمُون في شؤونِ هذا البلد، ولم يقْترِف هذه الجَريرة إلا لِيفْتح أقْصَر طريقٍ للسَّماء، كي يُخلِّص سُكّان الحوز المحْشورين في المسالك الوعْرة بين الجبال من الشَّقاء، هي ميتةٌ واحدة خيرٌ من موتٍ يتكرَّر بِضَنكِ العيْش كلَّ يوم، لا ماء ولا كهرباء ولا سبُل معبَّدة تجعل القدم غير حافية وهي في حذاء، قد لا أُوافق الزِّلْزال أسلوبَ خَبْط العَشْواء الذي يضْرِبُ دون أنْ يُفرِّق، ولكنَّني معهُ على امتداد خطوط الطُّول والعَرْض، مع الزلزال وهو يَقْلِبُ الأعلى إلى أسفل الأرض، كي يفْضَح أن عجلة التنمية نفَسُها قصير لا يتجاوز فتْرينة الحواضر، تقف حيث ينْتهي شارعٌ مُزفَّت بعيدا بعشرات الكيلوميترات عن المداشر، ولا تكتمل هذه العجلة كي تصِل مثلاً إمْدادات المواطنين للناجين من الكارثة، إلا على دابّة حيوانية أفْضَلها بَغْل مُطيعٌ في غاية النُّبْل !
لا أوافق الزِّلْزال حين يُوسِّع من رُقْعة الخراب ليضْرِب حتى العقول، حين يفْتح مع الأخاديد المجال في أكثر من موقع للتَّكاسل الإجتماعي، كي يُؤدْلج الأدعياءُ حتى الكوارث الطبيعية إما سياسياً بزرْع نوازع الشِّقاق والكراهية وتسْميم العلاقات بين الشُّعوب، أو دينياً.. من ذا الذي رأى الزلزال يتلفَّع عمامة لِيرْطن بفتاوى كأنَّه على تواصلٍ مباشرٍ مع الله، هذا يستحقُّ العقاب وذاك أجْدر بالثَّواب، لا أوافق الزِّلْزال حين يُعمِّق الخُرافة ويُعْطي المِصْداقية للدَّجَل، وإلا كيف اختار أنْ يضْرب في الموعد الذي حدَّدتْهُ عرَّافةُ شُؤمٍ تضربُ المَنْدَل، حقّاً إنَّ الصُّدفة تصْنع أكاذيب تضْطرُّ الناس بتكْرارها إلى التَّصْديق، لا أوافق الزِّلْزال الرأي حين يفتح أسْواقاً رائجةً للاتِّجار بمآسي النَّاس، أو يتجاوز في سُلم ريشْتر درجةً تَشَّقَّقُ لهُ بعض الأنْفُس المريضة بالحقْد والتَّشفِّي، وليْتها كالحجارة تنْفجر بالأنْهار، ولكن ماذا نصْنع لضفدع لا يُثْبِت وجوده إلا بالنَّقيق في مُسْتنْقع !
لا أستطيع تقْدير حجْم المبالغ التي تراكمت منذ التأسيس في صُندوق تدبير الكوارث، ولكن أما كان أجْدر في مثل هذه الواقعة أن ينْبري جليّاً للعرْيان، بل الأحْرى أنْ تُخَصَّص سُيولة هذا الصُّنْدوق ما لمْ يُجفِّفْها الجشع، لإصلاحات استباقية لكل المناطق المعزولة والهشّة خارج المدار الحضري، عساها تُقاوِم الكوارث الطبيعية المُحْدِقة دائماً بالخطر، عساها تكْتسب ببنْية تحتيةٍ مناعةً كافية لحماية البشر، ألم أقُل إنِّي أوافق الزِّلزال الذي مارس تعْريته الخاصَّة لِفَضْحِ مكمن الخلل، إنَّهُ ليس في الطبيعة ولو انفجرت بالغضب، إنَّما في الفساد الذي دسَّ المال العام فِي أرْصِدة أبي نَهَبْ!
هلِّلي يا أمّ الشَّهيد إنَّا شعبٌ لا تَقْهرُه الزلازل، هلِّلي بأحْلى نشيد، إنَّا شعْبٌ يَحْذُوه التَّضامن ويرقص حين الأرض تميد، لا يَهمُّنا أنْ يَضْرب الزلزال رغم ما أحْدَثه في النُّفوس بالفزع من شُقوق، ولكن الأدْهى أنْ لا يصل بتردُّداته الحيويّة لبعض القُلوب، وكيف يصل وقد اكتسبت سُمْكاً أغْلظ من قشرة الأرض، وانظري يا أمّ الشَّهيد وأنْتِ تلْتحفين الأنقاض في حوْز الأطلس الغائر، انظري الشعب يأتيكِ جسداً واحداً بأجمل المشاعر، يَحْمل على الأكتاف كالأطْباق ما تهدَّم من جبال، انظري الشَّعْب يَلُوح في الأفق محْفوفاً بأضواء الإمْدادات التي تُسْعف الجسد والروح، هلِّلي كي يلْتئِم في القلب شرْخُ الزلازل، ها الأطلس يسْتعيد وهو مرفوع الرأس رقصته الشهيرة في زفاف الشهيد، هلِّلي ليرقص كل الشَّعب على إيقاع أقْدامٍ هبَّتْ للنَّجْدة في قوافِل!
مع مُلْحقِ "العلم الثقافي" الأوَّل في هذا الموسم الجديد، لن نُمْعِن بالثَّرْثرة حول الدُّخول الثقافي والآمال المُنْتَظَرة، لا لِشيء إلا لأنَّ الزلزال هذه المرَّة وليس السيف، هو الأصْدَق أنباء من الكتب، أوَ لمْ ترَ كيف أخرست فاجعته الألسُن وعطَّلت في أرْجُوحتها اللَّعِب بالأقوال !
قَدْ لا أُوافِقُ الزِّلزال في أُسْلوب الخِطاب حين تسْتنْفر رجَّتُه الهَلَع في الأنْفُس، في المُداهمة التي تسْتعْجِل الصغير والكبير إلى الموت دون سابق إشْعَار، قد لا أُوافقهُ حين يسْحَب الأرض من تحتي ليتركني عارياً دون سقف أفْترِش التُّراب، ولكنَّني أوافقه الرأي بعد أن ضاع في زمننا غير العادل الصوت الشُّجاع المُنازِل، كيف لا وقد نابَ عنْ بعض الدُّمَى غير المُتحرِّكة التي تصْنَع في مطْلع كُلِّ موسم جديد، أكْذوبة الدُّخول السياسي ببرامج زائفة تُشْبه كلام الليل الذي يمحوه النهار، لقَدْ أوْجَز الزِّلزال بلغة الإبادة الجماعية كل القِيل والقال، تجاوز الدُّخول السياسي إلى العُمْق المغربي السَّحيق، هناك حيث الإنسان في عُزْلةٍ قُصْوى وقُسْوى قريباً من العَدَم، ولا شيء من المَرافِق الإجتماعية تجعله يَشْعُر بآدميته وانتمائِه لهذا الوطن، لا طُرُق تصل المبْثُوثين في الفِجاج السحيقة للجبال بِشَرْيان الحياة، لا جُسور ولَوْ معلقةً في الهواء على سبيل الشَّنْقْ !
قد لا أُوافق الزِّلْزال حين يخْتار من البلد منطقةً هشَّة لِيسْتعْرض قِوَاه، حين يبْتلع في لَمْح البصر دواوير لا يَسْكنها سوى الضُّعفاء، حين يدُكُّ مع أعلى جبل، موسماً دراسياً بكامل مُعَلِّميه وتلاميذه الفرحين بوِزْراتهم الزرقاء اسْتِعداداً لخوْض تجربة الأمل، أمْ تُرى الزِّلزال من حيث لا يُدْرِك الحِكْمة الإلهيّةَ أحد، كان أرَقَّ مِمَّنْ يتحكَّمُون في شؤونِ هذا البلد، ولم يقْترِف هذه الجَريرة إلا لِيفْتح أقْصَر طريقٍ للسَّماء، كي يُخلِّص سُكّان الحوز المحْشورين في المسالك الوعْرة بين الجبال من الشَّقاء، هي ميتةٌ واحدة خيرٌ من موتٍ يتكرَّر بِضَنكِ العيْش كلَّ يوم، لا ماء ولا كهرباء ولا سبُل معبَّدة تجعل القدم غير حافية وهي في حذاء، قد لا أُوافق الزِّلْزال أسلوبَ خَبْط العَشْواء الذي يضْرِبُ دون أنْ يُفرِّق، ولكنَّني معهُ على امتداد خطوط الطُّول والعَرْض، مع الزلزال وهو يَقْلِبُ الأعلى إلى أسفل الأرض، كي يفْضَح أن عجلة التنمية نفَسُها قصير لا يتجاوز فتْرينة الحواضر، تقف حيث ينْتهي شارعٌ مُزفَّت بعيدا بعشرات الكيلوميترات عن المداشر، ولا تكتمل هذه العجلة كي تصِل مثلاً إمْدادات المواطنين للناجين من الكارثة، إلا على دابّة حيوانية أفْضَلها بَغْل مُطيعٌ في غاية النُّبْل !
لا أوافق الزِّلْزال حين يُوسِّع من رُقْعة الخراب ليضْرِب حتى العقول، حين يفْتح مع الأخاديد المجال في أكثر من موقع للتَّكاسل الإجتماعي، كي يُؤدْلج الأدعياءُ حتى الكوارث الطبيعية إما سياسياً بزرْع نوازع الشِّقاق والكراهية وتسْميم العلاقات بين الشُّعوب، أو دينياً.. من ذا الذي رأى الزلزال يتلفَّع عمامة لِيرْطن بفتاوى كأنَّه على تواصلٍ مباشرٍ مع الله، هذا يستحقُّ العقاب وذاك أجْدر بالثَّواب، لا أوافق الزِّلْزال حين يُعمِّق الخُرافة ويُعْطي المِصْداقية للدَّجَل، وإلا كيف اختار أنْ يضْرب في الموعد الذي حدَّدتْهُ عرَّافةُ شُؤمٍ تضربُ المَنْدَل، حقّاً إنَّ الصُّدفة تصْنع أكاذيب تضْطرُّ الناس بتكْرارها إلى التَّصْديق، لا أوافق الزِّلْزال الرأي حين يفتح أسْواقاً رائجةً للاتِّجار بمآسي النَّاس، أو يتجاوز في سُلم ريشْتر درجةً تَشَّقَّقُ لهُ بعض الأنْفُس المريضة بالحقْد والتَّشفِّي، وليْتها كالحجارة تنْفجر بالأنْهار، ولكن ماذا نصْنع لضفدع لا يُثْبِت وجوده إلا بالنَّقيق في مُسْتنْقع !
لا أستطيع تقْدير حجْم المبالغ التي تراكمت منذ التأسيس في صُندوق تدبير الكوارث، ولكن أما كان أجْدر في مثل هذه الواقعة أن ينْبري جليّاً للعرْيان، بل الأحْرى أنْ تُخَصَّص سُيولة هذا الصُّنْدوق ما لمْ يُجفِّفْها الجشع، لإصلاحات استباقية لكل المناطق المعزولة والهشّة خارج المدار الحضري، عساها تُقاوِم الكوارث الطبيعية المُحْدِقة دائماً بالخطر، عساها تكْتسب ببنْية تحتيةٍ مناعةً كافية لحماية البشر، ألم أقُل إنِّي أوافق الزِّلزال الذي مارس تعْريته الخاصَّة لِفَضْحِ مكمن الخلل، إنَّهُ ليس في الطبيعة ولو انفجرت بالغضب، إنَّما في الفساد الذي دسَّ المال العام فِي أرْصِدة أبي نَهَبْ!
هلِّلي يا أمّ الشَّهيد إنَّا شعبٌ لا تَقْهرُه الزلازل، هلِّلي بأحْلى نشيد، إنَّا شعْبٌ يَحْذُوه التَّضامن ويرقص حين الأرض تميد، لا يَهمُّنا أنْ يَضْرب الزلزال رغم ما أحْدَثه في النُّفوس بالفزع من شُقوق، ولكن الأدْهى أنْ لا يصل بتردُّداته الحيويّة لبعض القُلوب، وكيف يصل وقد اكتسبت سُمْكاً أغْلظ من قشرة الأرض، وانظري يا أمّ الشَّهيد وأنْتِ تلْتحفين الأنقاض في حوْز الأطلس الغائر، انظري الشعب يأتيكِ جسداً واحداً بأجمل المشاعر، يَحْمل على الأكتاف كالأطْباق ما تهدَّم من جبال، انظري الشَّعْب يَلُوح في الأفق محْفوفاً بأضواء الإمْدادات التي تُسْعف الجسد والروح، هلِّلي كي يلْتئِم في القلب شرْخُ الزلازل، ها الأطلس يسْتعيد وهو مرفوع الرأس رقصته الشهيرة في زفاف الشهيد، هلِّلي ليرقص كل الشَّعب على إيقاع أقْدامٍ هبَّتْ للنَّجْدة في قوافِل!