كريم أيت أحمد رئيس رابطة الصيادلة الاستقلاليين
العلم – بقلم كريم أيت أحمد
يواجه المرضى المصابون بأمراض مزمنة في المغرب أزمة حادة بسبب الانقطاع المتكرر للأدوية الحيوية من الصيدليات والمصحات بالقطاع الخاص وكذا المؤسسات الصحية التابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، مما يعرض حياتهم وصحتهم للخطر ويزيد من معاناتهم اليومية.
يواجه المرضى المصابون بأمراض مزمنة في المغرب أزمة حادة بسبب الانقطاع المتكرر للأدوية الحيوية من الصيدليات والمصحات بالقطاع الخاص وكذا المؤسسات الصحية التابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، مما يعرض حياتهم وصحتهم للخطر ويزيد من معاناتهم اليومية.
ويشمل هذا النقص أدوية أساسية مثل علاجات السرطان والفشل الكلوي وقصور الغدة الدرقية ومحاربة داء السل، حيث يؤدي غياب الجرعات المنتظمة إلى تدهور الحالة الصحية لهؤلاء المرضى ويشكل تهديداً لاستقرارهم الصحي.
هذه الأزمة، التي طالت آثارها المرضى وعائلاتهم، تثير تساؤلات جدية حول السياسات الصحية المتبعة في توفير الأدوية الضرورية، وتدق ناقوس الخطر حول أهمية اتخاذ تدابير فعّالة لتعزيز الأمن الدوائي وضمان توفر العلاجات الأساسية بشكل دائم.
إن المخاطر الناجمة عن انقطاع الأدوية هي مخاطر تعمق الوضع الصحي بالبلاد مثل تفاقم المرض وظهور أمراض جديدة وانتشارها، وتطور المقاومة الدوائية، بالإضافة إلى المخاطر المادية والاجتماعية، مثل ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية مع اللجوء إلى علاجات مكلفة أكثر وتأخير الشفاء، وبالتالي فقدان القدرة على العمل.
إن طبيعة النقص في الإمداد بالأدوية متنوعة، فقد يكون النقص جزئيًا إذا تعلق الأمر بموزع أو مصنع معين، أو كليًا عندما يكون الدواء غير متوفر في السوق، وقد يحدث النقص دون خطورة أو مخلفات إذا تعلق الأمر بدواء له بديل، ولكن الوضع يتغير في حالة إذا كان الدواء حيويا، حيث لا يوجد تعريف واضح لانقطاع الدواء في المغرب، على النقيض من بعض الدول التي تحدد المدة الزمنية لعدم القدرة على التزويد بالدواء بعد مرور 72 ساعة من الطلب من مؤسستين للتوزيع.
وللإشارة ففي المغرب نتكلم عن توفير 30 في المائة من الاحتياط من كل دواء والتي غالبا لا تحترم مع غياب قواعد التفتيش وقلة الموارد البشرية في هذا الباب.
تعتبر أسباب انقطاع الدواء من السوق متنوعة وتشمل جوانب تنظيمية واقتصادية، بالإضافة إلى مشاكل في خدمات التوزيع واللوجستيك، وقد تنطوي أيضًا على مشاكل في عمليات الإنتاج والجودة، وكذا أشكال الاحتكار.
ومن بين أسباب انقطاع الدواء على الصعيد التنظيمي، يمكن أن يكون وضع مواصفات جديدة متعلقة بالتصنيع أو الجودة، وكذلك تغيير وحدة التصنيع، أما اقتصاديا، فهنالك الكثير من الإرهاصات، منها مثلا توقيف الإنتاج من طرف المختبرات المصنعة لأسباب متعلقة بالمردودية المالية.
وفيما يخص الخدمات مثل التوزيع واللوجستيك، يمكن أن تشمل أسباب انقطاع الدواء سوء تدبير المخزون بعقلانية، وسوء تدبير مخزون الأدوية المستوردة، والتأخير في استلام المواد الحيوية التي تدخل في إطار التصنيع والناتجة عن صعوبة المساطر الجمركية، والذي يحول دون استلامها في الوقت المحدد من قبل المرافق العامة والخاصة، أما فيما يتعلق بأسباب انقطاع الدواء الناتجة عن مشاكل في الإنتاج أو الجودة، فهناك عدة أسباب، كانقطاع الدواء بسبب عدم مطابقة المنتوج لمعايير الجودة، والتي يتطلب حلها وقتًا طويلاً لإعادة ضبط العمليات، مما يؤدي إلى تأخير الإنتاج الجديد، وكذا انقطاع المواد الخام أو أحد عناصر التصنيع، بالإضافة إلى الضغط على وحدات الإنتاج كحل لتخفيض تكلفة التصنيع.
أما الأسباب المتعلقة بالاحتكار، فالملاحظ أن سوق الدواء بالمغرب يتحكم فيها 15 مختبرا بنسبة 70 في المائة من حصص السوق، أما بالنسبة لبعض الفئات الدوائية فإنها جد ممركزة مع وجود احتكارات ثنائية، أو احتكارات فردية تحتل وضعية شبه هيمنة، وبالتالي فإن مسؤولية إشكالية انقطاع الأدوية هي مسؤولية متقاسمة بين بعض الفاعلين في القطاع بتصرفات غير مسؤولة والجهات الوصية على القطاع بالإبقاء على سوق دوائية تتميز بمنافسة مطبوعة بسياسة دوائية مجزأة وغير منسجمة، بتدبير تهيمن عليه الوصاية الإدارية والتنظيمية والتقنية، التي لا تترك سوى مجال ضيق لتطوير آليات السوق، والمنافسة النزاهة والمشروعية.