2023 شتنبر 2 - تم تعديله في [التاريخ]

آن الأوان لفتح قطاع السياحة بإقليم تاوريرت...

مؤهلات وموارد طبيعية ومآثر تاريخية غير مستغلة في المجال السياحي وقلة التجهيزات وغياب الانشطة الثقافية والترفيهية وعدم تشجيع الاستثمار من بين الأسباب الأساسية لركود القطاع بالإقليم


العلم الإلكترونية - ع. العياشي

لا يختلف اثنان على أن السياحة أصبحت تلعب في وقتنا الحاضر -عهد التقدم التكنولوجي وغزو القمر- دورا حيويا في تنشيط الاقتصاد، فهي تشغل المأوي وتنمي حركة النقل وتسهم في الرواج التجاري، وهي بالتالي تخلق سوقا للتشغيل وتعمل إذا كان الأمر يتعلق بالسياحة الخارجية على توفير العملة الصعبة.

وإذا كانت العديد من المدن على صعيد وطننا الغالي قد تمكنت بجدية ابنائها ومسؤوليها من توظيف امكانياتها لاستقطاب السياح سواء كانوا اجانب او مغاربة كمراكش واكادير وافران وفاس ومدن صغيرة كتطوان وشفشاون واصيلا وبني ملال والحسيمة والراشيدية وزكورة وارفود... فإن تاوريرت 2023 والإقليم بصفة عامة لم يتيسر له ذلك فالمدينة التي تربط الشرق بالغرب والتي لا تتوفر على مندوبية للسياحة ليست سوى نقطة عبور تجارية واقتصادية وبشرية أيضا، حيث ليس هناك الشيء الكثير الذي يمكن ان يستهوي المارين لقضاء عطلة او المشاركة في تظاهرة ثقافية او رياضية تستحق الاهتمام والتتبع لسبب رئيسي وهو ان المدينة ظلت منذ فجر الاستقلال حبيسة في خانة الإهمال والتهميش، والذين تحملوا فيها المسؤوليات لم يفكروا في غير مصالحهم الضيقة على حساب المصلحة العامة (باستثناء الوجبات التي يأخذها المارة أثناء عبورهم لوسط المدينة من (كاسكروطات) ولحم غنمي مفور ومشوي)...

المدينة الآن التي من المفروض ان تكون قاطرة الاقليم في مجالات التنمية وبإمكانها ان تلعب دور القاطرة في جهة الشرق الدار البيضاء تعرف ركودا سياحيا، فهل يعزى ذلك إلى افتقارها إلى الإمكانيات السياحية؟؟ الحقيقة أن هذه المؤهلات متوفرة (وبزيادة) وهي بطبيعة الحال كما يظهر بسبب العزلة ليست في مستوى مراكش واكادير و افران والسعيدية ولكنها غير مشتغلة بما يكفل خلق نشاط سياحي، دون نسيان غياب الإرادة وروح المبادرة لدى العديد من الجهات التي كانت تعبر المنطقة كبقرة حلوب فقط ومن بعدي الطوفان، فإذا استثنينا حامة سيدي شافي ومول الباشا وتافرنت، التي تستقطب السياح خاصة المغاربة، كما أن المدينة لا تتوفر إلا على فندقين لكنهما غير كافيين، علما بان فندقين احدهما لا زالت أبوابه موصدة والآخر لم تنته به الاشغال منذ مدة اما آخر فهو (مكتوب فقط على الورق).

ومعلوم أن الاقليم يتوفر على مؤهلات حبا الله بها المنطقة لدعم القطاع السياحي، وبما ان مؤهلات المغرب الطبيعية هي اللبنة الأساسية التي يعتمد عليها أصحاب المؤسسات السياحية والوكالات الاشهارية لجلب السياح، وكسب الزبناء والتي تتمثل في الطقس المعتدل ومناظر الجبال التي تستقطب هواة السياحة الجبلية والأنهار والصحاري والغابات والسدود والمآثر التاريخية المنتشرة عبر مختلف المناطق، دون نسيان (فعلا) العادات والتقاليد التي تعد شاهد اثبات على امجاد وعبقرية الشعب المغربي الذي ساهم بنصيبه في الحضارة الإنسانية ونظن ان برنامج (بين المدن) الذي كانت تقدمه دار البريهي -ايام زمان- كان كافيا لإبراز ما تزخر به منطقتنا المنسية والمظلومة، منطقة تاوريرت المعروفة بالزيتون وزيت الزيتون والمشمش واللحوم ذات الجودة العالية...

والملاحظ أن جميع الاجتماعات الحكومية والجهوية والإقليمية ترفع شعار التنمية... ليطرح السؤال على المسؤولين على الصعيد الوطني والجهوي والإقليمي أين هي هذه التنمية التي تتحدثون عنها...؟؟ وإقليم تاوريرت الذي حباه الله بموارد طبيعية واقتصادية وبشرية غارق في بؤسه وتخلفه، بناءات عشوائية ازقة محفورة احياء مهمشة فقر مدقع بنية تحتية هشة ومحطات طرقية دون المستوى المطلوب...

وقد قرأنا وسمعنا (أيضا) أن وزيرتنا في السياحة تقوم منذ توليها المسؤولية على رأس هذه الوزارة بعدة زيارات تفقدية للمدن السياحية في مختلف الأقاليم والعمالات، إلا أن سكان إقليم تاوريرت ولاية وجدة بجهة الشرق، طالما انتظروا رغم مللهم من الانتظارات (السرابية) والوعود العرقوبية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بشغف كبير هذه الزيارة من طرف السيدة الوزيرة، كي تقف بنفسها وبجرأتها وحماسها المعروف والمعهود فيها، على أشكال المعاناة التي يمر منها هذا القطاع والمشاكل التي يتخبط فيها أرباب المطاعم والفنادق غير المصنفة، وكذا الخصاص المهول في المرافق والتجهيزات والوسائل وكل ما يتعلق بالقطاع لاستقبال الزوار.

وما المانع (يا سادة يا كرام) لكي يبنى في تاوريرت ملعب كبير كالذي سيبنى او بني في الناظور، ومرافق سياحية كالتي تبنى وبنيت في السعيدية او مارتيشكا واصبلا وازيلال...؟؟

وليتحمل رجال السلطة المحلية والإقليمية والمجالس المنتخبة، وكل من كان يدور في فلكهم ومحيطهم،، الذين أوصلوا القطاع السياحي إلى ما هو عليه بتاوريرت مسؤوليتهم كاملة أمام الله وأمام التاريخ والأجيال القادمة.

علما أن السياحة الناجحة هي التي توفر امكانيات الزيارة لجميع الشرائح الاجتماعية اذا استثنينا هذه العناصر فإن باقي المؤهلات الطبيعية والتاريخية لم توظف لتحقيق اقلاع سياحي يسهم في تنمية الإقليم ككل وتطويره من هذه المؤهلات غابة تافرنت وتفاضيست وبوخوالي ومجالات طبيعية أخرى كالشريط الطبيعي لوادي زا / الحي وتنوع في العناصر التضاريسية حيث السهول المتسعة والغابات والنهر (زا) الذي يعتبر في بناء تاوريرت دائم الجريان...

أما المؤهلات التاريخية فهي حاضرة ويمكن الاشارة إلى المواقع الأثرية القديمة كالقصبات الموجودة في تاوريرت ودبدو العيون سيدي ملوك ترمز إلى أحداث وحضارات وهي زاخرة بالتاريخ الذي يجب ان يعرفه المغاربة اولا ونعرفه نحن للأجانب ثانيا، ولكنها للأسف تتعرض للإهمال والاندثار.. لأجل كل هذا فان خلق نشاط سياحي بالمدينة والإقليم عامة يقتضي الاهتمام بمنطقة الصباب من حيث النظافة وخلق مخيمات بها والاهتمام بضفاف واد زا واهتمام كذلك بمنطقة مول الباشا، والسؤال المطروح لماذا لم يدخل مشروع (ثنية الباكور) الى حيز الوجود على المساحة الغابوية التي تم تسييجها والمتواجدة على الضفة اليسرى للطريق الوطنية رقم 6 في اتجاه وجدة، علما ان مدينة تاوريرت / عاصمة الاقليم تتوفر على قرية للصناع التقليديين التي دشنها جلالة الملك، لكن القرية مع كامل الاسف بنيت في مكان غير ملائم لها حيث كان من المفروض ان يتم بناؤها بالقرب من منطقة باحة الاستراحة.

ان عددا من المواطنين و الزوار والأجانب يمرون من مدينة تاوريرت في اتجاه جهة الشرق والشمال والغرب لقضاء اجازتهم لان مدينتنا (المنكوبة) غير مذكورة سياحيا لدى وزارة السياحة، وعلى صعيد مدينة دبدو فانه سيكون من الايجابي اخراج منتزه تافرنت من مشاكله الى الوجود والاهتمام بمنتزه مدخل مدينة دبدو، وان توفر له شروطه من نقل وترفيه وألعاب ومرافق تجارية وإنشاء مخيم غابوي على غرار العديد من المخيمات لاستقطاب الجمعيات الوطنية والأجنبية والسياح سيما ان اقليما يتوفر على العديد من وسائل النقل وطريق وطنية وطريق سيار ومحطة للقطار، وبناء ماوي داخل مدن الاقليم وإخراج القرية النموذجية بسد الحسن الثاني بسيدي لحسن، مع تخفيض تكلفة المبيت حتى تفد إليه الفئات المتوسطة والصغرى ويخصص كذلك للجمعيات والشباب.

ومن جانب آخر فإنه لا يخفى الدور الذي تلعبه الانشطة الرياضية والثقافية، اذ ان تنظيم الملتقيات الرياضية والثقافية التي تستدعى لها الفعاليات الوطنية والاجنبية لابد انه سينشط السياحة ويحقق اهدافا أخرى، وفي هذا الاطار ينبغي الاهتمام بالمرافق في القطاعين المذكورين وتشجيع الجمعيات الثقافية والأندية الرياضية خاصة في موسم الصيف، ونشير كذلك الى دور المطاعم في تلبية حاجيات السياح فيما يخص الغذاء، إلا ان الملاحظ ان مجموعة من مطاعم المدينة لا تتوفر فيها شروط الجودة والنظافة لذلك فان مسألة المراقبة ضرورية...

كما يجب فتح المجال أمام المستثمرين وذلك بتجهيز الأراضي وتقديم التسهيلات والتشجيعات ووضع المشاريع، وهي مسؤولية المؤسسات المنتخبة للمجالس الجماعية، المجلس الاقليمي للعمالة، ومجلس الجهة، كما أنها مسؤولية مصالح الدولة المركزية والإقليمية والولائية والمحلية، دون نسيان فعاليات المجتمع المدني (الجمعيات، والنوادي، وحركات الشباب...) التي تشتغل في مختلف الميادين المرتبطة بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والرياضية والبيئية وغيرها...

اننا ندعو المسؤولين عن قطاع السياحة ببلادنا أن يدركوا جيدا أن تاوريرت 2023 تقع على الطريق الوطنية رقم 6 الرابطة بين سلا ووجدة، وتعد القلب النابض بين مدن تازة ووجدة والناظور ودبدو، والبوابة الثالثة التي تخضع لها الحركة السياحية المغربية ودول المغرب العربي، والبوابة الثانية التي تخضع لها السياحة المغربية الإسبانية، وان يسألوا عن كم من سائح أجنبي يمر عبر مدينة تاوريرت قصد التوجه الى مرزوكة وواحات فجيج أو التوجه إلى مدينة الناظور حيث يتخذون المدينة منطقة عبور فقط لأنها لا تتوفر على بنية قوية يمكن للسياح أن يجدوا فيها راحتهم، وحسب ما يروج أن بعض السياح فضلوا المبيت داخل سياراتهم بدل المبيت في الفنادق المتوفرة التي تعاني قلة التجهيزات والمتطلبات الضرورية لخدمة السياح.



في نفس الركن