العلم الإلكترونية - رشيد زمهوط
حذرت وزارة الخارجية الإسبانية السبت الماضي مواطنيها من مغبة السفر أو الإقامة بمخيمات تندوف الواقعة بالأراضي الجزائرية نتيجة ما وصفته بتهديدات إرهابية تتربص برعاياها بالمنطقة .
حذرت وزارة الخارجية الإسبانية السبت الماضي مواطنيها من مغبة السفر أو الإقامة بمخيمات تندوف الواقعة بالأراضي الجزائرية نتيجة ما وصفته بتهديدات إرهابية تتربص برعاياها بالمنطقة .
الإجراء أو التوصية الأمنية أبعد ما يكون في نظر المتتبعين من مجرد إجراء احترازي روتيني لحكومة مدريد، بل إنه في ضوء المستجدات التي تشهدها المنطقة رسالة سياسية هادئة هي الثالثة من نوعها في ظرف أقل من أسبوع توجهها حكومة بيدرو سانشيز إلى الجزائر وتحمل في طياتها دروسا بليغة في فن الدبلوماسية ...مفادها كفى فقد بلغ السيل الزبى ولم يعد هناك مجال للصبر على المناورات المتكررة لدائرة حكام قصر المرادية ضد كرامة إسبانيا وسيادتها وحتى إعتبارها.
قبل أسبوع، أعلنت مدريد عن تأجيل زيارة مبرمجة مسبقة لوزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس إلى الجزائر.
وسائل إعلام إسبانية عديدة أوردت أن قرار تأجيل زيارة ألباريس متعلّق بأجندة جزائرية سيما وأن الدعوة كانت صادرة من وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف شخصيا الذي كان قد صرح في وقت سابق بأنها تندرج ضمن زخم تطبيع العلاقات الثنائية بين البلدين بعد قرابة سنتين من التوتر و القطيعة .
ضغوط الأجندة المثارة في إسبانيا والتي ألغت الزيارة ليلة فقط قبل الموعد المفترض لحلول ألباريس بمطار الهواري بومدين تبين فيما بعد أنها تتعلق فقط بطارئين أفسدا أجواء الود بين قصر المرادية وقصر المونكلوا بمدريد ولهما علاقة وثيقة بالمغرب.
وزير الخارجية الإسباني رفض الخضوع لمساومة وابتزاز نظيره الجزائري الذي طالبه بتصريح في الجزائر يناقض أو يلتف على موقف حكومة بيدرو سانشيز المعلن بمارس 2022 من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية والذي كان سببا في إعلان الرئيس الجزائري في حينه عن حزمة من العقوبات السياسية و الاقتصادية ضد مدريد أبرزها تجميد معاهدة الصداقة والتعاون الموقعة عام 2002 .
صحيفة ‹لوموند› الفرنسية كشفت قبل أيام أن السبب الحقيقي وراء الإلغاء كان رفض الوزير الإسباني أي مساومة جزائرية على موقف بلاده من مغربية الصحراء، وهو ما يفند الرواية الجزائرية التي تداولتها صحف مقربة من النظام مفادها أن الخارجية الجزائرية بررت قرار إلغاء زيارة ألباريس التي كان من المفترض أن تمهد لطي صفحة التوترات بين البلدين، إلى الأجندة المزدحمة لوزير الخارجية الجزائري وللمسؤولين عن ملف العلاقات الثنائية والحال أن الوزير عطاف هو من أعلن قبل أسابيع عن زيارة نظيره الاسباني وكان متحمسا للغاية لنتائجها التي ستعيد الدفء لعلاقات البلدين كما ستسهم في تخفيف الضغط الدبلوماسي و العزلة الإقليمية التي تعتصر النظام الجزائري الذي أفسد الصلات التي تربطه بثلاثة أرباع الدول المجاورة له.
الصحيفة الفرنسية ذكرت نقلا عن مصادر جزائرية أن حكام قصر المرادية أصروا على انتزاع موقف من ألباريس قبل تاريخ الزيارة يكون مناقضا للموقف الإسباني الرسمي من قضية الصحراء، لكن الوزير الإسباني رفض وبرر قرار الإلغاء بما سماه «مشاكل في الجدولة» من قبل الطرف الجزائري.
الخارجية الاسبانية وردا على لعبة الابتزاز والمساومة الجديدة للنظام الجزائري وجهت له صفعة أولى حين جددت الحكومة الإسبانية الثلاثاء الماضي أي يوما واحدا بعد موعد الزيارة الملغاة، تمسكها بموقفها الداعم لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية التي تقدم بها المغرب لحل الخلاف الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية وضمنته في وثيقة رسمية موجهة للبرلمان الاسباني، و أعقبت تضمين قرار وزاري منشور بالجريدة الرسمية لإسبانيا يعترف كتابة بمغربية مدينة العيون عاصمة الأقاليم الجنوبية للمملكة .
قرار تحذير الرعايا الاسبان من التواجد بمخيمات تندوف تحت طائلة السقوط ضحية تهديدات إرهابية حقيقية، يعكس سلوك و قناعات الخارجية الاسبانية المتأففة من كثرة و تجدد المناورات الابتزازية لقصر المرادية الى درجة رفض الرئيس عبد المجيد تبون استقبال الباريس خلال زيارته الرسمية المؤودة الى الجزائر حتى لا يعطي الانطباع للرأي العام الجزائري و هو على أعتاب الترشح لعهدة رئاسية ثانية بأنه يخضع لإملاءات و شروط حكومة مدريد، ليتضح أن الجزائر ماضية قدما في مسلسل تخبط وفوضى السياسة الخارجية لنظام متفنن في فتح جبهات العداوة المجانية مع محيطه.