العلم الإلكترونية - عزيز اجهبلي
المهتمون بقضايا التنوع الثقافي والديني في فرنسا لاحظوا أن التعامل الأخير للرئاسة الفرنسية مع المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية يطرح أكثر من علامة استفهام، ويسائل كل الأطراف المعنية بتدبير الهجرة والتدين داخل المجتمع الفرنسي من جهة، كما يسائل الجهات والدول التي تنسق مع فرنسا على مستوى سياستها الخارجية.
لم يستغرب المتتبعون للشأن الديني في فرنسا من الخرجة الأخيرة للرئيس الفرنسي، ومحاولته تضييق الخناق على المسلمين في هذا البلد الأوروبي، بل اعتبروا مثل تلك الممارسات قديمة وحديثة في نفس الآن، بحيث أعلن الرئيس إمانويل ماكرون عن قراره بإنهاء دور هذا المجلس في تدبير علاقة الدولة الفرنسية بالديانة الإسلامية وكأن الدولة الفرنسية كانت تتحين الفرصة للإعلان عن ذلك، لأنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها اللجوء إلى مثل هذا القرار.
الساهرون عن الإسلام في فرنسا، قالوا إن رئيس الجمهورية إمانويل ماكرون أعلن أخيرا عن قراره بإنهاء دور المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في الحوار بين الدين الإسلامي والدولة، واختيار صيغة جديدة، مؤكدين في بلاغ صادر عن جمع عام استثنائي للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية انعقد يوم الأحد 19 فبراير 2023 رغبتهم في الاستمرار في الدفاع عن مصالح أعضاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، سواء مصالح المشرفين على إدارة المساجد أو مصالح العقيدة الإسلامية بشكل عام. ومن أجل ذلك، فإنهم عازمون على استخدام جميع الوسائل التي تتيحها دولة القانون، وسيدعمون جميع الفاعلين الذين يشتغلون من أجل هذا الهدف.
ويمثل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية اليوم أزيد من 1100 مسجد شاركوا في انتخاباته المنظمة سنة 2020، وهو رقم مرشح للارتفاع بنسبة مهمة مع التعديلات الجديدة، والتي ستقدم أجوبة على الإشكاليات الرئيسية التي تعيق المشاركة الانتخابية الواسعة.
وتعيّن على جميع الهيئات التمثيلية للديانات في فرنسا أن تتطور لتتماشى مع السياقات الجديدة، وقد انخرطت الهيئة الممثلة للديانة الإسلامية في هذه الدينامية، ويسعى المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إلى تفعيل هذا التطور بعيدا عن الهزات والأزمات التي عاشها في السنوات الأخيرة.
وتشكل هذه الهيئة التي مكنت من وضع الإسلام في المشهد الثقافي الفرنسي من خلال إنجازات مشهودة، مكسبا ثمينا يستوجب دعمه وتحسينه وتعزيزه.
تتمثل المهمة الأساسية للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في الدفاع عن مصالح العقيدة الإسلامية، والسماح للمسلمين في فرنسا بالحصول على المرافقة الروحية التي يرغبون فيها، والمساهمة في إشعاع الدين الإسلامي في فرنسا، وتمثيله في الهيئات والمحافل الرسمية، وأيضا في النقاشات العمومية التي يعرفها المجتمع.
من دون إجراء تقييم شامل للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، فإنه ينبغي التذكير بأن المجلس استطاع عن طريق المجالس الجهوية للديانة الإسلامية مرافقة العديد من مشاريع بناء المساجد وتعيين مرشدين في الجيش وفي المستشفيات وفي السجون؛ بالإضافة إلى إصدار مجموعة من الدلائل العملية والدوريات، بشراكة مع السلطات العمومية، فيما يخص عملية ذبح الأضاحي والحج وتنظيم أماكن الدفن في المقابر، وكذا في محاربة الفكر المتطرف الذي يشوه رسالة السلام التي جاء بها الإسلام.
وبطلب من المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية تضمن قانون تعزيز احترام قيم الجمهورية ل24 غشت 2021 مسألة تمويل العبادة عبر المباني السكنية، على الرغم من كون الإجراء الذي تم اعتماده في هذا الإطار ليس مرضيا بعد.
كما انكب المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في السنتين الأخيرتين على التفكير بعمق في مسألة منح اعتمادات للأئمة من طرف مجلس وطني للأئمة والمرشدين. وسبق للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أن وقع اتفاقًية مع وزارة الداخلية تسمح بمراقبة إحصائية أفضل للأعمال المعادية للمسلمين. واتخذ المرصد الوطني لمكافحة الإسلاموفوبيا، الذي أنشأه المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عدة إجراءات قانونية.