العلم الإلكترونية - رشيد زمهوط
جدد القرار عدد 2703 الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي نهاية أكتوبر , التأكيد على ضرورة إحصاء ساكنة مخيمات تندوف بالتراب الجزائري ,حيث أفرد القرار للمطلب الدولي الملح فقرة كاملة أكد فيها بالحرف أن الجهاز التنفيذي للأمم المتحدة «يكرر بقوة طلبه الداعي إلى تسجيل اللاجئين في مخيمات تندوف للاجئين ، ويشـــدد على أهمية الجهود المبذولة في هذ ا الصدد «.
جدد القرار عدد 2703 الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي نهاية أكتوبر , التأكيد على ضرورة إحصاء ساكنة مخيمات تندوف بالتراب الجزائري ,حيث أفرد القرار للمطلب الدولي الملح فقرة كاملة أكد فيها بالحرف أن الجهاز التنفيذي للأمم المتحدة «يكرر بقوة طلبه الداعي إلى تسجيل اللاجئين في مخيمات تندوف للاجئين ، ويشـــدد على أهمية الجهود المبذولة في هذ ا الصدد «.
منذ 12 سنة على التوالي لا تكف الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن أو عبر تقارير الأمانة العامة و هيئات المنظمة الدولية عن مطالبة الجزائر بتيسير إجراء إحصاء دقيق لساكنة مخيمات تندوف من منطلق أن الدولة الجزائرية تتحمل لوحدها بموجب القواعد وأحكام القانون الدولي، ولا سيما المرتبطة بمواثيق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كدولة مضيفة للمخيمات مسؤولية اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استفادة جميع الموجودين على أراضيها من الحماية الممنوحة لهم، بموجب الاتفاقات الدولية ذات الصلة التي تعد الجزائر طرفا فيها .
تماطل الجزائر متذرعة بأسباب سياسية و تقنية واهية منذ ربع قرن في تمكين المفوضية السامية للاجئين من إحصاء ساكنة مخيمات تندوف بل و تتحمل أيضا وزر تفاقم الوضع الإنساني و الحقوقي بالمخيمات نتيجة تفويضها لصلاحياتها و سلطاتها في إدارة المخيمات الى عناصر الجبهة الانفصالية للبوليساريو و ميليشياتها المسلحة رغم أن القانون الإنساني الدولي يحظر اسـتخدام اللاجـئين والأشـخاص الآخرين في مخيمات اللاجئين لتحقيـق أغـراض عسـكرية في بلد اللجوء أو البلد الأصلي ...
...منتصف شهر أكتوبر دعت إسبانيا ممثلة للاتحاد الأوروبي الى ضرورة إجراء إحصاء دقيق لسكان مخيمات تندوف , و بذلك أضحى المنتظم الدولي مقتنعا الى أبعد الحدود بأن تعطيل مسار إحصاء و تسجيل عشرات الألاف من المرحلين قسرا طيلة خمسة عقود يفاقم من حدة التعقيدات السياسية و الإجرائية التي تعرقل المسار الأممي لإيجاد حل سياسي للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية .
الواقع أن الأمم المتحدة و منذ سنوات طويلة إلى جانب المفوضية العليا للاجئين تسعى جاهدة لفتح هذا الملف، لكنها تواجه في كل مرة بمناورات سياسية و عراقيل إجرائية جزائرية بلغت حدود رفض زيارة فرق و بعثات متعددة للمفوضية لمخيمات لحمادة.
من المخزي فعلا أن تشكل الجزائر قبل أسابيع، الدولة الوحيدة التي عارضت “إعلان الرباط بشأن صحة اللاجئين والمهاجرين”، مما يؤكد فرضية أن النظام الجزائري لا يفتأ يناور خارج نطاق إجماع المجتمع الدولي في انتهاك صريح و صارخ للقانون الدولي.
و كان الإعلان الذي تم اعتماده خلال جلسة رفيعة المستوى من المشاورة العالمية الثالثة حول صحة اللاجئين والمهاجرين التي انعقدت في الفترة من 13 إلى 15 يونيو 2023 , بالرباط قد خلص الى ضرورة تسريع الجهود لتحسين صحة اللاجئين والمهاجرين والمجتمعات المضيفة لهم و العمل على إدراج اعتبارات الصحة والحماية الاجتماعية في السياسات الوطنية المتعلقة باللاجئين والمهاجرين.
يتحفظ النظام الجزائري على أي قرار أو توصية دولية تتعرض للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية للاجئين، بما فيها حقهم في الإحصاء الدقيق و التسجيل في قوائم المفوضية العليا للاجئين، لأنه يدرك أن قبوله بخطوة من هذا القبيل يعني حتما أن المنتظم الدولي سيعاين مباشرة الوضع الإنساني الكارثي للمحتجزين في مخيمات العار وسيتأكد من واقع توظيفهم من طرف البلد المستضيف كرهائن و دروع بشرية في حرب الاستنزاف الطويلة الأمد التي يخوضها ضد الجار المغربي ....
و إذا كان إحصاء اللاجئين يعتبر إجراء و مبدأ أساسيا لحماية حقوقهم و تقدير احتياجاتهم و ضبط هوياتهم و أصولهم فإن إنجازه في مخيمات تندوف سيعري عورة الجزائر التي تردد منذ عقود و تلوك مبدأ تقرير المصير في تبرير موقفها المتخشب من النزاع الإقليمي الذي افتعلته و الحال أن إحصاء اللاجئين إجراء يتقاطع ويستحضر مبدأ تقرير المصير الذي تتستر ورائه الجزائر و توظفه كشعار مصلحي كاذب .
ثم إن تسجيل «اللاجئين « بمخيمات تندوف و ضبط أصولهم و هوياتهم و جنسياتهم الأصلية سيفضح التضخيم الآلي لأعدادهم الذي تقترفه الجزائر و صنيعتها الانفصالية منذ نصف قرن, نتيجة إغراق المخيمات بعشرات آلاف المستقدمين من داخل الجزائر و من دول الجوار بهدف تضخيم أعدادهم لابتزاز الدول المساعدة و السطو على قوافل الإعانات و مبالغ الدعم التي توفرها الدول المانحة بطلب من الأمم المتحدة قبل أن يتم تحويلها الى حسابات القيادة الانفصالية و كبار جنرالات الجيش الجزائري ....
ما فتئ المغرب الذي يدرك حقيقة المناورات الجزائرية و أجنداتها القذرة من وراء استدامة و إطالة أمد الخلاف الإقليمي , يصر بمنابر الأمم المتحدة على ضرورة إحصاء ساكنة مخيمات تندوف، لمعرفة الصحراويين من غيرهم من الجزائريين وذوي أصول دول مجاورة، وغير ما مرة طرح السفير ممثل المغرب الدائم في جنيف، أمام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المسؤولية الكاملة للنظام الجزائري في استمرار محنة الساكنة المحتجزة في مخيمات تندوف، والانتهاكات المتعددة للقانون الدولي والقانون الإنساني المرتكبة في حقهم.
وفي انتظار أن تنضبط الجزائر لإرادة المنتظم الدولي وتكف عن انتهاك قواعد القانون الدولي و مواثيقه الإنسانية , ستظل مخيمات تندوف بصحراء لحمادة حالة فريدة و متفردة تسائل الدولة المستضيفة و المسؤولة بموجب القانون الدولي الحالي عن حماية حقوق اللاجئين المقيمين على أراضيها و حمايتهم من خطر الاضطهاد وسوء المعاملة وسيطرة العناصر العسكرية للبوليساريو الذين يأخذون بزمام الأمور في هذه المخيمات مما يؤدي إلى تفاقم عزلة اللاجئين، وبالتالي الحيلولة دون عودتهم طواعية إلى بلدهم و استمرار تعثر الحل السياسي الذي تسعى الأمم المتحدة الى تنزيله ..
لقد تنازلت الجزائر -, وهي مسؤولة بموجب القانون الدولي عن حماية حقوق جميع الأشخاص الموجودين على أراضيها – عن إدارة المخيمات بالأمر الواقع لحركة تحرير و إصطنعت على تراب أرضها دويلة وهمية غير معترف بها دوليا و ليست مسؤولة بالكامل في النظام الدولي عن ممارساتها في مجال حقوق الإنسان. ومع ذلك، مهما كانت الترتيبات التي اتخذتها السلطات الجزائرية، إلا أنها تظل، جنبا إلى جنب مع جبهة البوليساريو، مسؤولة عن أي انتهاكات ترتكبها البوليساريو في الأراضي الجزائرية بما فيها ما توثقه التقارير الدولية من استمرار ب ممارسات العبودية داخل المخيمات و ممارسات التعذيب، و الاغتيال ة و التصفيات و الابعاد القسري والسجن طويل الأمد دون تهمة و نهب وتحويل المساعدات الإنسانية الموجهة للساكنة المحتجزة في هذه المخيمات، كما أبرز ذلك برنامج الأغذية العالمي في تقريره الصادر في يناير 2023.
لقد صادقت أيضا الجزائر بموجب المرسوم رقم 63-274 الذي يبين شروط تطبيق اتفاقية 1951 المتعلقة بوضعية اللاجئين، وبروتوكول 1967. و بهذا الالتزام الدولي و الأخلاقي يظل إصرار الجزائر كدولة على رفض تسجيل سكان مخيمات تندوف، انتهاكا متجددا لقرارات مجلس الأمن وأحكام القانون الدولي الإنساني , ينضاف الى انتهاك نظام الدولة الجارة في تحد صارخ للمنتظم الدولي لأبسط قواعد حقوق الانسان و متطلبات تقرير المصير و مبادئه بداخل التراب الجزائري في تعامل نظامه مع مطالب الأقليات العرقية فبالأحرى آلاف المحتجزين في مخيمات العار بصحراء لحمادة الذين تحولوا في المنظور الجزائري الى سجل تجاري دبلوماسي و سياسي يخدم منذ سنة 1974 أجندة جنرالات قصر المرادية التوسعية بالمنطقة .