العلم الإلكترونية - رشيد زمهوط
منذ مشاركة دول طوق الساحل الصحراوي مالي , النيجر, تشاد و بوركينافاسو في الاجتماع الوزاري التنسيقي المنعقد قبل شهر بمراكش و إعلانها الانخراط في المبادرة الملكية لتسهيل ولوجها الى الواجهة الأطلسية عبر المغرب و إجماع ممثلي هذه الدول على الأهمية الاستراتيجية التي تكتسيها هذه المبادرة، وتوفيرها فرصا كبيرة للتحول الاقتصادي للمنطقة ككل ورخاء مشتركا في منطقة الساحل , أصيبت الدبلوماسية الجزائرية بالسعار, و تملك حاكمي قصر المرادية إحباط شديد و فورة غضب عنيفة نتيجة ما وصفوه تقاعس مؤسسات الدولة الجزائرية و أجهزتها الاستخباراتية و الدبلوماسية في توقع الخطوة المغربية و إفشال ترتيباتها التحضيرية .
منذ مشاركة دول طوق الساحل الصحراوي مالي , النيجر, تشاد و بوركينافاسو في الاجتماع الوزاري التنسيقي المنعقد قبل شهر بمراكش و إعلانها الانخراط في المبادرة الملكية لتسهيل ولوجها الى الواجهة الأطلسية عبر المغرب و إجماع ممثلي هذه الدول على الأهمية الاستراتيجية التي تكتسيها هذه المبادرة، وتوفيرها فرصا كبيرة للتحول الاقتصادي للمنطقة ككل ورخاء مشتركا في منطقة الساحل , أصيبت الدبلوماسية الجزائرية بالسعار, و تملك حاكمي قصر المرادية إحباط شديد و فورة غضب عنيفة نتيجة ما وصفوه تقاعس مؤسسات الدولة الجزائرية و أجهزتها الاستخباراتية و الدبلوماسية في توقع الخطوة المغربية و إفشال ترتيباتها التحضيرية .
النظام العسكري الجزائري الذي ظل قبل عقود يعتبر منطقة الساحل الافريقي جنوب الجزائر حديقة خلفية لتصريف أجندات قصر المرادية بالعمق الافريقي و التحكم في قرارات و توجهات حكوماتها بمنطق سياسة العصا و الجزرة، أضحى يرى في خطوة المغرب التنموية تجاه المنطقة بمثابة إعلان حرب مباشر على المصالح العليا للجزائر يستوجب ردود فعل سريعة و جريئة قبل أن تسقط الدولة الجزائرية في فخ عزلة اقليمية شاملة تنضاف الى علاقاتها المتشنجة أصلا مع جوارها المباشر .
موقع مغرب انتلجنس الفرنسي المتخصص في الشأن الأمني و الجيوسياسي لمنطقة الساحل و شمال افريقيا كشف نهاية الأسبوع أن المخابرات الجزائرية رفعت إلى هيئة الأركان العامة للجيش الجزائري وإلى مجلس رئاسة الجمهورية تقريرا أمنيا طويلا حول السيناريوهات المحتملة لتطور الأزمة الدبلوماسية والسياسية التي تواجهها الجزائر في مالي منذ شهر دجنبر الماضي , حيث حمل التقرير الاستخباراتي تحذيرا مباشرا الى القادة الجزائريين من تداعيات التقارب الذي انخرطت فيه مالي حاليا مع المغرب و عبر عن مخاوف عميقة لدى الأجهزة الجزائرية من أن مشروع ربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي عبر الصحراء المغربية , يشكل تهديدا كبيرا لمصالح الجزائر وعاملا قاتلا سوف يزيد من عزلة البلد في منطقة الساحل كما أنه حسب ذات المصدر سيخول المغرب السبق للتموقع كلاعب مؤثر أساسي في مالي و النيجر، البلدين الحدوديين مع الجزائر .
التقرير الاستخباراتي الجزائري الذي عمم تفاصيله الموقع الاخباري الفرنسي يحذر أيضا من تعزيز نفوذ المغرب في مالي والنيجر، أو وجود لوبي مغربي قوي في منطقة الساحل سيسبب حتما ضررا كبيرا للجزائر, لأن الأخيرة ستجد نفسها مضطرة إلى إدارة وتحمل مسؤولية السيطرة على الجماعات المسلحة للطوارق المتمردة التي لن تكون قادرة على التنافس عسكريًا مع دول مالي والنيجر بفضل الدخل الاقتصادي المحتمل الذي سيتم الحصول عليه من خلال التعاون الاقتصادي مع المغرب، و الذي سينضاف الى الدعم العسكري المتزايد من روسيا, وبذلك سيتجه التهديد الإرهابي أو الانفصالي حسب التقرير نحو الجنوب الجزائري، الذي قد يصبح بؤرة جديدة لتوسع التيارات الأكثر تطرفا للحركات السياسية في شمال مالي .
و جدير بالذكر أن مالي التي قبلت على مضض وساطة قطرية تقضي بإعادة سفيرها الى العاصمة الجزائرية لا زالت تشدد على ضرورة التزام النظام الجزائري بعدد من الشروط قبل التطبيع الشامل للعلاقات الثنائية .و على رأس شروط باماكو كف الجزائر عن التدخل مجددا في الشؤون الداخلية لمالي كما ظلت تفعل خلال الثلاثين (30) سنة الماضية مع الأنظمة الديمقراطية المتعاقبة على حكم مالي و القبض على جميع الإرهابيين الذين فروا من كيدال ولجأوا إلى التراب الجزائري مع تسليم جميع الإرهابيين الذين صدرت بحقهم أوامر اعتقال من النظام القضائي المالي إلى مالي و على رأسهم قيادات بحركات مسلحة بشمال مالي تأكد أن السلطات الجزائرية و دون التواصل مع باماكو قد استقبلت العديد منهم في أكثر من مناسبة و تستغل بعضا منهم من ذوي النفود العسكري بمنطقة الساحل من أجل تنزيل أجنداتها بالساحل و كبح الأطماع الانفصالية لحركة تحرير منطقة أزواد بجنوب الجزائر .
و بقدر ما أدت مناورات المخابرات العسكرية الجزائرية بشمال مالي الى ثورة دبلوماسية غاضبة لسلطات مالي التي اعتبرت أن الجزائر تؤمن ظهر العديد من القيادات المسلحة بشمال مالي من العمليات العسكرية للجيش النظامي المالي و تؤمن لهم منافذ برية للفرار نحو الجزائر و الاحتماء بها من ضربات الطيران المالي , فإن الدبلوماسية الجزائرية التي وجدت نفسها أخيرا تفقد نفوذها الاستراتيجي بمنطقة الساحل بعد انهيار تجمع دول الساحل بقيادة فرنسا و الذي كان يضم مالي, موريتانيا ,النيجر , تشاد و بوركينافاسو و تشنج علاقات الجزائر مع دول المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا و توجه أعضاء التجمعين الاقليمين تدريجيا الى التقارب مع الرباط , سارعت الى تدابير استعجالية للإفلات من فخ العزلة القاتلة من جميع الجهات فشرعت أولا بخطة الردع المباشر بتجميد أصول القروض الجزائرية المبرمجة لفائدة دول الساحل المنخرطة في المبادرة الأطلسية المغربية , ثم بمغازلة موريتانيا باستقبال الرئيس الجزائري لوزير خارجيتها و إطلاق مشاريع طرقية لتسريع عملية الربط البري الصحراوي بين الجزائر و موريتانيا عبر تندوف ضمن مسعى لطمأنة حكام نواكشوط بتعهد الجزائر بتموين السوق الموريتاني بالمنتجات الفلاحية الطازجة بمجرد موافقة السلطات الموريتانية على خنق معبر الكركرات اقتصاديا و جمركيا .
على صعيد النيجر ستلعب الجزائر مجددا بورقة الغاز و مشروع أنبوب الغاز القادم من نيجيريا الذي تعهدت الجزائر لسلطات نيامي بالتكفل الكامل بنفقات تمويل و تشييد الشطر النيجيري منه . أما بوركينافاسو العصية عن الاختراق و سياسة التركيع الجزائرية فمن المرجح أن تنهج معها الجزائر نفس السياسة التي نهجتها مع كينيا قبل أيام و المتمثلة في تزويد الجزائر قبل مؤخرا بتعليمات من الرئيس الجزائري تبون لهبة لدولة كينيا، عبارة عن 16 ألف طن من الأسمدة الزراعية في مقابل إخراس الحكومة الكينية لأصوات أعضاء مجلس الشيوخ الكيني و الأحزاب السياسية التي كانت قد طالبت قبل نهاية السنة بإصلاح العلاقات الدبلوماسية بين بلادهم والمملكة المغربية و التعجيل باتخاذ قرار سحب الاعتراف الكيني بالكيان الوهمي المصطنع بمخيمات تندوف.