العلم الإلكترونية - سعيد الوزان
يبدو أن المنظمات الحقوقية الدولية عمياء، وفي أفضل الأحوال عمشاء، حتى إنها لا تبصر بعين محايدة ما يحدث في العالم من مآسي وتقتيل يطال الأبرياء العزل.
يبدو أن المنظمات الحقوقية الدولية عمياء، وفي أفضل الأحوال عمشاء، حتى إنها لا تبصر بعين محايدة ما يحدث في العالم من مآسي وتقتيل يطال الأبرياء العزل.
ففي الوقت الذي يتساقط فيه عشرات الصحافيين قتلى خلال الحرب الشنعاء التي يشنها الكيان الإسرائيلي ضد غزة في حرب إبادة هزت الضمير الإنساني، حتى بلغ عددهم 142 صحافي وصحافية، وهو الرقم الذي لم يتحقق حتى خلال ذروة الحرب العالمية الثانية، تخرج تقارير لمنظمات تعنى بحرية الصحافة غير عابئة بذلك، مثيرة حالات هجينة في تقاريرها من طرف واضعيها ممن لا يتوفرون على النزر القليل من الموضوعية والحياد، بل والنزاهة الفكرية والأخلاقية في حدهما الأدنى.
وما يثير الاستغراب حقا، هو ما تقوم به هذه المنظمات من مساواة مستحيلة بين الضحية وبين الجلاد، فتقوم بوضع مؤشرات تغفل فيها عما يحدث في غزة وفي غيرها من بقاع العالم المشتعلة، بينما تسلط كثيرا من الضوء على دول لا تخطئ عين كل ملاحظ نزيه ومحايد سيرها الحثيث على خطى تطوير مجالها الحقوقي والإعلامي، وتقوية ترساناتها القانونية والمؤسساتية في هذا الاتجاه.
فالمطالع لتقرير منظمة «مراسلون بلا حدود» مثلا، سيصدم لا محالة حين يجد هذه الأخيرة قد وضعت المغرب، كبلد نموذجي في المنطقة، في مرتبة دنيا إلى جانب دول بعينها.
ويمكن للمرء أن يهمس في آذان واضعي هذه التقارير المطبوخة على نار هادئة، داخل مطابخهم التي تفوح منها رائحة الشواظ: «إذا كان المغرب لا يزال مصنفا ضمن الدول التي تعيش فيها حرية الصحافة وضعية صعبة في مؤشركم (المختل) في حرية الصحافة في العالم، فما الذي ستقولونه إذن عن وضعية مهنة المتاعب في فلسطين المحتلة مثلا، هناك حيث مجرد حملك لكاميرا أو لقلم حبر مع كراس كفيل بتعرضك لإصابة مباشرة برصاصة في الرأس، (من ينسى شيرين أبو عاقلة؟)، أو ضربك بصاروخ تحمله طائرة مسيرة؟
ما الذي ستقولونه عن بلدان، لا داعي لذكر اسمها فهي معروفة، تسحل فيها أجساد الصحافيين، وتقطع فيها الألسن وتفقأ العيون.
ولماذا تستهدفون دولا دون غيرها، تسقطون عليها، ظلما، كل مفاهيمكم المطاطة عن حقوق الإنسان وحرية التعبير وما سوى ذلك من شعارات براقة، لا يصدقها إلا أنتم؟، بأي مكاييل تقيسون تقاريركم، إن لم تكن مغموسة بحبر الأجندات الخفية التي تحركها أطراف مكشوفة، خدمة لمصالح مفضوحة؟
نفس الكلام يقال للخارجية الأمريكية، يا حسرة، والتي لم تر إلا تجاوزات وقمع ورقابة في وصفها لحالة حرية التعبير داخل بلادنا، بينما تدير رأسها غافلة عن كل الجرائم التي ترتكبها آلة القتل الإسرائيلية، في قفز سافر على كل عرف وكل شريعة وكل دين، على مرأى ومسمع من العالم.