الافـتتاحية
ما أن بدأ يتعافى من آثار جائحة كوفيد 19-وما نتج عنها من مخلفات أضرت بالاقتصاد الوطني، ومنها تفاقم التضخم الذي صار اليوم داء عضالاً تعاني منه اقتصادات دول العالم، حتى دخل المغرب في مواجهة مع تدبير آثار زلزال الحوز ومعالجة تبعاته، مما اقتضى حشد التعبئة العامة وتجنيد القدرات الوطنية، في تزامنٍ مع الشروع في الإعداد والتحضير، وبأعلى مستوى من الجدية والنجاعة والإحساس بالمسؤولية، لاحتضان بطولة الأمم الأفريقية لسنة ،2025 واستضافة مونديال2030 بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال، من حيث بناء ملاعب جديدة بالمعايير الدولية، وما يستتبع ذلك من تجهيزات شاملة للمرافق المطلوب إقامتها على أحسن طراز وبأرفع مستوى وفي التوقيت المناسب .
وتحمل المغرب هذه الأعباء الثقيلة، ولا يزال، دون أن يؤثر ذلك على مواصلة الأوراش الإنمائية والمشاريع الاقتصادية والاجتماعية، التي من شأنها أن ترسي القواعد الراسخة لبناء الدولة الاجتماعية بكل دلالات المصطلح الذي قامت الحكومة بتأصيله وتقعيد مفهومه وبيان مدلوله وتفصيل المهام الرئيسَة المرتبطة به.
ويعكس مشروع القانون المالي لسنة2024 ، الصورة المثلى للتحدي الذي أخذ المغرب على نفسه أن يرفعه، ويعبر، في الوقت نفسه، عن روح الإصرار على تذليل الصعاب وتجاوز الأزمات والارتفاع إلى مستوى الوفاء بمتطلبات هذه الالتزامات، إلى جانب مواصلة تنزيل جميع المشاريع في الآماد المحددة ،التي تستجيب لتطلعات المواطنين والمواطنات، خاصة مشروع تعميم الحماية الاجتماعية الذي أخذ من مشروع القانون المالي للسنة القادمة، حيزاً مهماً، بعد أن قررت التوجهات الملكية السامية، التوسع في حجم الفئات المستهدفة على نحو يؤكد انخراط المغرب في عملية واسعة النطاق للنهوض بأكثر الفئات الفقيرة والهشة، ولصون الكرامة للجميع. وهي نقلة نوعية في التضامن الاجتماعي لم يعهدها المغرب من قبل .
إن هذا التوفيق الدقيق بين الالتزامات الوطنية وبين الالتزامات القارية والدولية، يعطي للمغرب ميزة عالية القيمة، ويعزز من مركزه الذي يستحقه، على الصعيدين الأفريقي والدولي، بقدرما يوفر لبلادنا الفرص المواتية لتأكيد خصوصيتها باعتبارها دولة صاعدة، تجاوزت النمو البطيئ والمتعثر والمتأثر بالعوامل الخارجية، ودخلت نادي الدول ذات القدرات والإمكانات لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة وفق ما حددته الأمم المتحدة في الخطة الإنمائية للألفية الثالثة .
هكذا يكون المغرب منسجماً تمام الانسجام مع طموحه وخصوصياته وقدراته واستعداداته لبلوغ أرفع درجات النهوض والانطلاق نحو تحقيق الأهداف الاستراتيجية العليا، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله وأيده، الذي جعل من بلادنا مغرب الأوراش الكبرى والمشاريع العظمى، يفي بالالتزامات الوطنية وبالالتزامات القارية والدولية، في توفيق دقيق وتكامل متوازن، يضرب بهما المثل العالي لعبقرية القيادة الملكية الرشيدة والحكيمة .
العلم