الافـتتاحية
فتحت الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الأركان العامة لقوات الدفاع الوطني الإثيوبي للمغرب، البابَ أمام التساؤل عما إذا كان العد التنازلي لوجود الجمهورية الوهمية التي أنشأتها جبهة البوليساريو ، في الاتحاد الأفريقي ، قد بدأ فعلاً .خاصة وأن زيارة المسؤول العسكري الإثيوبي الكبير لبلادنا ، قد جاءت غداة زيارة رسمية لوفد عسكري مغربي أجراها في السنة الماضية ، وصفت حينها بأنها" خطوة لإعادة التعاون العسكري والأمني بين البلدين ، لما يرقى لتاريخ الدولتين".
ويستمد هذا التساؤل وجاهته من "نداء طنجة" الذي وقعه تسعة رؤساء حكومات ووزراء الخارجية أفارقة سابقون، عقب انعقاد مائدة مستديرة بطنجة ، بعنوان (الاتحاد الأفريقي في سياق قضية الصحراء المغربية)، عقدت ضمن فعاليات المنتدى الدولي (ميدايز) ، في شهر نوفمبر 2022 . وهو النداء السياسي الذي دعا إلى (ضرورة تصحيح الشذوذ التاريخي والانحراف الأخلاقي والشعور السياسي المضاد غير القانوني و غير المشروع، الذي يتم من خلاله الإبقاء غير المبرر داخل المنظمة القارية، على الكيان الوهمي، بكل ما يعنيه ذلك من أثر سلبي على وحدة القارة ، لأنه يعيق الاتحاد الأفريقي، ويهدد الوحدة الأفريقية والتكامل السياسي والاقتصادي، فضلاً عن تهديد الاستقرار والأمن الإقليمين).
وإذا كانت المعلومات عن التطور الحالي الذي تعرفه العلاقات المغربية الإثيوبية، وبخاصة في جوانبها العسكرية والأمنية، غير متاحة، وهذا أمر طبيعي في العلاقات بين الدول على هذه المستويات، فإن المراقب للأوضاع العامة في القارة الأفريقية، يميل إلى توقع قفزة نوعية في العلاقات الثنائية بين المملكة المغربية وجمهورية أثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية، تنعكس على الوضع الحالي في الاتحاد الأفريقي ، و تخدم المصالح الاستراتيجية لبلادنا ، في ظل أن ثلثي الدول الأعضاء في المنظمة القارية ، لا تعترف بالكيان الوهمي لجبهة البوليساريو ، كما أن نصف بلدان القارة قد فتحت إلى حد الساعة ، قنصليات لها في العيون و الداخلة. هذا فضلاً عن الدينامية العالية التي تعرفها الدبلوماسية المغربية، والتي تعزز الحضور المغربي في أجهزة الاتحاد الأفريقي، و توسع من دوائر التعاون الفاعل و ذي المصداقية والجدوى، بين المغرب و شقيقاته الدول الأفريقية .
ويحق لنا أن نقول ، بعد استقراء للأوضاع العامة في القارة السمراء ، خلال المرحلة الراهنة ، إن الموقف المغربي قد فرض نفسه على الأجواء السياسية داخل المنظمة القارية ، بحيث تزايد الوعي لدى رؤساء الدول والحكومات و وزراء الخارجية الأفارقة، بأن ما تسمى (الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية) هي مجرد كيان مصطنع فُرض على منظمة الوحدة الأفريقية/ الاتحاد الأفريقي ، ضد كل شرعية ، كما أنه لا يخضع لأي عنصر من العناصر المكونة للدولة ، وهو ما يجعله، حسب (نداء طنجة) كياناً وهمياً بلا سيادة و بدون مسؤولية قانونية دولية ، و بالتالي بدون قيمة مضافة ، علاوة على أن بقاء هذا الكيان الوهمي ، ولا نجد وصفاً أعمق و أدق من هذا الوصف ، داخل الاتحاد الأفريقي ، يعد انتهاكاً صارخاً للمادتين 3 (ب) و4 (ب) من القانون التأسيسي للاتحاد.
بناء على هذه المجموعة من الاعتبارات والاختلالات القانونية، تقدمت 28 دولة أفريقية بطلب تجميد عضوية الجمهورية الوهمية التي أسسها البوليساريو في الاتحاد الأفريقي . وقد ازداد عدد الدول المطالبة بتجميد عضوية هذا الكيان المصطنع ، وهو في ازدياد مطرد، نتيجة لدينامية الدبلوماسية المغربية التي تنبني على الرؤية المستنيرة لجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله وأيده.
نعم، بدأ العد التنازلي للكيان الوهمي في الاتحاد الأفريقي، إيذاناً بعهد جديد من التعاون الأفريقي الخلاق في ظل الأمن والسلم و الثقة المتبادلة والتنمية الشاملة المستدامة واحترام حقوق الإنسان، و التفعيل العملي لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة، التي تنص على احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية وسلامتها الإقليمية.
العلم