قرار إعادة فتح الأجواء وخطوة المساعدات الإنسانية المفروضة بالأمر الواقع مناورة جديدة للجنرالات
* العلم: رشيد زمهوط
في خطوة معلنة الأهداف ومضمرة الأجندات والنوايا، أعلنت السلطات الجزائرية مساء أول أمس الإثنين عن تخصيص 3 طائرات محملة بالمساعدات لإرسالها إلى المغرب للمساهمة في جهود الإنقاذ والإغاثة بعد الزلزال المدمر.
ونقل الاعلام الجزائري أن عناصر من الحماية المدنية تواجدوا في حينه بمطار بوفاريك العسكري ضواحي الجزائر قبل الانطلاق الى المغرب.
وكانت قناة الجزائر الدولية المقربة من مراكز القرار قد بثت صورا حية من مطار بوفاريك تظهر مجموعة من عناصر الحماية المدنية على أهبة الاستعداد لامتطاء طائرة عسكرية راسية بالمطار قالت القناة إنها محملة بكافة التجهيزات والوسائل الخاصة للتعامل مع هذا النوع من الكوارث فيما تم حسب ذات المصدر تخصيص طائرتين لشحن الأدوية والأفرشة والمواد الغذائية ومساعدات لوجستية ومادية مستعجلة.
وكشفت القناة الجزائرية أن السلطات العليا في الجزائر (في إشارة الى الرئيس الجزائري) أمرت بتجهيز ثلاث طائرات بعد إعلان وزير العدل المغربي قبول المساعدات الجزائرية مبرزة أن الطائرات الجزائرية المحملة بالمساعدات ستقلع فور الحصول على الضوء الأخضر من الخارجية المغربية.
وكانت الجزائر قد عرضت الأحد الماضي مخططا وصفته بالطارئ لمساعدة المغرب على التغلب على أثار الزلزال حيث أكد الناطق الرسمي باسم الخارجية الجزائرية أن الأمر يتعلق بمخطط طارئ للمساعدة في حال قبول المملكة المغربية لهذه المساعدة , تتمثل في فريق تدخل للحماية المدنية متكون من 80 عونا متخصصا، بالإضافة إلى فريق سينو تقني متخصص في عمليات البحث تحت الأنقاض.
وقبل ذلك كان مكتب الرئاسة الجزائرية السبت الماضي قدأعلن عن إعادة فتح المجال الجوي لبلاده أمام الرحلات لنقل المساعدات الانسانية والجرحى والمصابين وعبر عن استعداد الجزائر التام لتقديم المساعدات الإنسانية ووضع كافة الإمكانيات المادية والبشرية تضامنا مع الشعب المغربي الشقيق، وذلك في حال طلبت المملكة المغربية ذلك.
الخطوة التضامنية الغامضة للرئيس تبون تجاه جاره المغرب تصطدم بمنطق أن الجزائر وحين قررت قبل سنتين في خطوة تصعيدية تجاه الرباط الإغلاق الفوري للمجال الجوي الجزائري على كل الطائرات المدنية والعسكرية المغربية وكذا التي تحمل رقم تسجيل مغربي فإنها لم تعمم القرار على بقية الطائرات من جنسيات أخرى غير مغربية التي تعبر الأجواء الجزائرية في اتجاه المغرب وبالتالي فإن خطوة التراجع عن قرار إغلاق الأجواء المغلف بدواعي إنسانية غير ذي موضوع من منطلق أن الطائرات المغربية المسخرة في مهام ذات صلة بإسعاف منكوبي الزلزال لن تعبر بالمرة المجال الجوي الجزائري.
الغموض الذي يلف المبادرة التضامنية المعلنة من طرف الجزائر يتجلى أيضا في حقيقة الأهداف والنوايا المضمرة وراء تسويق إعلامي لخبر وصور المساعدات الجزائرية و الطائرات وهي فوق مدرج المطار العسكري على أهبة الاستعداد للإقلاع نحو المغرب حتى قبل الحصول على تصريح السلطات المغربية تتجسد من وجهة نظر المتتبعين للشأن الداخلي الجزائري في محاولة حشد الرأي العام الداخلي الجزائري مجددا ضد المغرب في حال «تماطلت سلطات الرباط في قبول المساعدات الجزائرية.
من جهة أخرى يبدو أن النظام الجزائري وخاصة شقه العسكري يحاول الاستثمار سياسيا ودبلوماسيا في ظرف الكارثة الطبيعية التي هزت المغرب من خلال إحراج الرباط و شحن الأجواء بين فرنسا والرباط في حالة قبلت الأخيرة استقبال الفرق الجزائرية مما سيشكل صفعة معنوية لكبرياء قصر الإليزيه تستفيد منها الجزائر سياسيا ودبلوماسيا.
ومهما يكن فإن السلطات الجزائرية التي تدرك أن المملكة المغربية تقارب بسيادة كاملة وبنضج والكثير من المسؤولية والوضوح ملف تدبير علاقاتها الخارجية في وقت المحن وخارجها يجب أن تقتنع بأن قبول الرباط لعرض المساعدة الجزائرية المشكور ظاهرا بغض النظر عن نواياه وأجنداته الخفية والمعلنة يرتبط أساسا بقنوات التواصل الدبلوماسي بين البلدين الجارين علما بأن هذه القنوات مقطوعة الأوصال منذ غشت 2021 حين قررت الجزائر من طرف واحد قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في سياق أشهر طويلة من التوتر أذكاه وزير خارجية الجارة الشرقية حين اتهم الرباط بالقيام منذ استقلال الجزائر سنة 1962 بأعمال عدائية ودنيئة ضدّ الجزائر.