وهو الموقف الغامض والملتبس الذي اتخذته هيئة دستورية مكلفة بقوة الدستور بردع المخالفات المتعلقة بالإخلال بقواعد المنافسة الشريفة، حيث قررت شركات المحروقات زيادات صاروخية في سعري البنزين والغازوال عدة مرات في أقل من خمسة عشر يوما التي سبق للحكومة المنصرمة تحديدها كمواعيد لمراجعة أسعار هذه المواد في اتجاه الزيادة أو التخفيض.
وبذلك أعلنت هذه الشركات بوضوح كامل ومطلق تحديها لمجلس المنافسة الذي اكتفى لحد الآن بمباركة هذه الزيادات المهولة.
وعبرت أوساط مهنية في قطاع النقل وعموم المواطنين عن غضبهم وتذمرهم من هذه الزيادات المتتالية التي لا تتلاءم إطلاقا مع نسبة الزيادة في أسعار النفط في الأسواق العالمية، وهو المبرر الذي تتستر وراءه شركات المحروقات.
كما تلتجئ هذه الشركات إلى تصرفات مريبة جدا بحيث تكتفي بتخفيضات رمزية في حال انخفاض أسعار المحروقات في الأسواق العالمية وبعد مدة طويلة في انتظار نفاد المخزون، إذ أنها تقرر الزيادات الصاروخية في حينه عندما ترتفع الأسعار ودون انتظار نفاد المخزون.
وكان مجلس المنافسة يتستر ويتذرع بانتظار تعديل القانون بما يمكنه من مباشرة مهامه في ظروف مناسبة، إلا أنه وبعد تعديل هذا القانون اكتفى بإبداء "مؤاخذات" على بعض الشركات المتهمة، في حين أصدر قرارا صارما فيما يتعلق مثلا بزيادة درهم أو أقل على بعض الشركات الخدماتية.
ويبدو أن شركات توزيع المحروقات استغلت على الوجه الأكمل تلكؤ مجلس المنافسة في القيام بأدواره الدستورية وانشغال المواطنين بعطلتهم السنوية لتفرض زيادات صاروخية على سعري البنزين والغازوال، وهي تبدو مطمئنة لعجز مجلس المنافسة في التصدي لما ارتأى أنها مجرد مؤاخذات.
وبذلك فإن مجلس المنافسة ترك لحد الآن المواطنين فريسة سهلة استفردت بها شركات لا تخفي تحديها للجميع.
عبد الله البقالي
للتواصل مع الكاتب:
bakkali_alam@hotmail.com