العلم الإلكترونية - رشيد زمهوط
أضحى حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذي حكم جنوب افريقيا لثلاثة عقود كاملة منفردا وبأغلبية برلمانية مطلقة و مريحة مضطرا الى نسج تحالفات لتشكيل حكومة ائتلافية وضمان بقاء زعيم الحزب سيريل رامافوزا رئيسا للبلاد لعهدة جديدة .
أضحى حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذي حكم جنوب افريقيا لثلاثة عقود كاملة منفردا وبأغلبية برلمانية مطلقة و مريحة مضطرا الى نسج تحالفات لتشكيل حكومة ائتلافية وضمان بقاء زعيم الحزب سيريل رامافوزا رئيسا للبلاد لعهدة جديدة .
وكان المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في جنوب إفريقيا منذ ثلاثين عاما قد فقد للمرة الأولى في تاريخه أغلبيته المطلقة في البرلمان، إذ حاز على 159 مقعدا فقط من أصل 400، بحسب نتائج أعلنتها اللجنة الانتخابية الأحد الماضي مما يشكل انتكاسة قاسية للحزب الحاكم الذي فقد 71 مقعدا نيابيا مقارنة مع تعداد فريقه الأغلبي بالبرلمان المنتهية ولايته.
ويباشر رامافوزا رئيس جنوب إفريقيا , الذي يشغل أيضا منصب رئيس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، المفاوضات الأولية لتشكيل أغلبية برلمانية وهو في وضع سياسي مهتز نتيجة تواتر أصوات سياسية من داخل حزبه ومن خارجه تطالب باستقالته من منصبيه الرسمي والحزبي، نتيجة الحصيلة الهزيلة اقتصاديا واجتماعيا لعهدته الرئاسية التي أدخلت جنوب افريقيا في دوامة أزمات سياسية واقتصادية متسلسلة .
وأوصل نهج سيريل رامافوزا وسلفه جاكوب زوما جنوب افريقيا التي كانت تعد ثاني قوة اقتصادية في القارة الى واقع اقتصادي واجتماعي معقد و منذر، حيث تطال البطالة ثلث من هم في سن العمل في البلاد وخصوصا في أوساط الشباب، كما ترتفع نسبة الفقر ويتسع التفاوت الطبقي مع بلوغ نسبة الجريمة أرقاما قياسية، وهو ما ولد غليانا اجتماعيا وشعبيا بلغ ذروته صيف 2021 حيث شهدت أنحاء عدة من البلاد بما فيها العاصمة الإدارية بريتوريا وعدة مناطق اضطرابات واعمال نهب غير مسبوقة منذ ثلاثة عقود أدت الى سقوط أكثر من 350 قتيلا.
ونشبت أعمال العنف التي دامت عشرة أيام وطالت مناطق عدة في جنوب افريقيا بعد توقيف الرئيس السابق جاكوب زوما بسبب عدة قضايا فساد، حيث أدانته المحكمة الدستورية في جنوب أفريقيا بالسجن 15 شهرا بعد إدانته بتهمة تحقير القضاء إثر رفضه المثول أمام لجنة مكافحة الفساد.
وكان زوما قد أُجبر على التنحي من السلطة وقيادة الحزب في العام 2018 على خلفية فضائح واتهامات بالفساد قبل أن يوجه بدوره اتهامات بالفساد والخيانة إلى خلفه سيريل رامافوزا .
و فجر زوما و هو أحد ركائز حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» الذي تولى السلطة لمدة 30 عاماً، مفاجأة، الشتاء الماضي، عبر إعلان دعمه لحزب منافس وهو أومكونتو وي سيزوي الذي تأسس حديثاً.
وقد شكّل هذا الإعلان ضربة لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي فقد زخمه وتجذره الشعبي ، بعد فضائح الفساد المتعددة وتراجع الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.
ودفعت قيادة الحزب الذي أسسه الزعيم الروحي لجنوب افريقيا نيلسون مانديلا عبر نتائج غير متوقعة ثمن خياراتها الاجتماعية والاقتصادية الفاشلة وعواقب سياستها الخارجية الباحثة عن تحالفات دبلوماسية وإقتصادية بعيدة عن منطقة جنوب افريقيا التي تنتمي اليها جغرافيا، و التي تشهد تباطؤًا في النمو الاقتصادي وتواجه تحديات متعددة من قبيل الحركات الاجتماعية والاضطرابات المدنية وأزمة الكهرباء والكوارث الطبيعية حيث تشير تقارير البنك الافريقي للتنمية الى أن المنطقة تتخلف عن غيرها من جهات أفريقيا.
وراهنت جنوب افريقيا في عهد زوما ورامافوزا على نسج تحالف اقتصادي وسياسي إستراتيجي مع الجزائر بشمال القارة، لمعاكسة وكبح الاكتساح الدبلوماسي والاقتصادي للمغرب للعديد من المناطق بغرب ووسط القارة السمراء .
على أن هذا التحالف المصلحي لم يصمد طويلا أمام الأطماع الهيمنية للجزائر، فاجئ لحليفتها بريتوريا صيف السنة الماضية عن دعم ملف ترشيح الجزائر لعضوية مجموعة البريكس وتزكية سيريل رامافوزا لانضمام 3دول عربية معارضة لتوجهات الجزائر لنفس التجمع وهي السعودية والإمارات ومصر.