العلم - بقلم عبد البقالي
خلاصات كثيرة ومتعددة يمكن الخروج بها من قراءة متأنية لتقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأمريكية حول وضعية حقوق الإنسان في مائة دولة من العالم لسنة 2023، و قد نختلف كما قد نتفق حول العديد من الفقرات و الأجزاء، لكن تبقى أهم خلاصة التي يصعب الاختلاف حولها، تتمثل في أن روح ونفس التقرير الجديد الذي استعرض تفاصيل انتهاكات وخروقات حقوق الإنسان في العالم، هما غير الشكل الخارجي المقروء منه ، بحيث بدا واضحا أن التقرير يساند بمنهجية ذكية، المواقف الأمريكية الخارجية الرسمية و يضفي عليها الشرعية المطلقة.
وإليكم بعض من التفاصيل الخطيرة في هذا الصدد ..
فما تقترفه قوات الاحتلال الإسرائيلي من جرائم ضد الإنسانية في حق المدنيين، خصوصا ضد الأطفال والنساء، ومن تدمير كامل و مطلق لمعالم الحياة هناك ،كل هذا في نظر منظمة (هيومن رايتس ووتش) مجرد "حرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة تتسبب في معاناة شديدة" وهي بذلك، حسب المنظمة الحقوقية الأمريكية، لا تختلف تماما عن "الاقتتال الذي يدور في السودان والنزاعات المتواصلة في أوكرانيا وبورما"، وترى أنه في "سنة 2023 استهدف المدنيون وهوجموا وقتلوا بشكل غير مسبوق في التاريخ الحديث في إسرائيل وفلسطين".
وهكذا فإن ما يقترف من مذابح ومجازر حقيقية وغير مسبوقة في التاريخ البشري الحديث في غزة كما في الضفة الغربية، هو حرب بين حماس و إسرائيل. وهو التوصيف الذي ينسجم تماما مع الموقف الأمريكي الرسمي، ويكمن عامل الذكاء في أن المنظمة سعت من خلال تمرير هذه القناعة وفرضها كحقيقة مطلقة، بأن اتهمت "إسرائيل وحماس بارتكاب أعمال ترقى إلى جرائم حرب" وأيضا عبر مساواة بين الجلاد و الضحية، بما يحاول أن ينكر تقتيل أكثر من 25 ألف مواطن فلسطيني مدني لا يد له فيما يجري .
(هيومن رايتس ووتش) تنتقد في الآخرين ما مارسته بفظاعة وببشاعة في تقريرها الجديد ، حيث انتقدت "قيام بعض الدول بالكيل بمكيالين حيال بعض القضايا، مشيرة على سبيل المثال إلى الصمت إزاء القمع المتزايد الذي تمارسه الحكومة الصينية واعتقالها التعسفي للمدافعين عن حقوق الإنسان وتشديد سيطرتها على المجتمع المدني والإعلام والإنترنت" ولم تشر المنظمة، لا من قريب ولا من بعيد ، إلى التعاطي الغربي الرسمي بعدة مكاييل مع ما يرتكب من جرائم في غزة، و قدمت بذلك المنظمة صورة مزيفة تتلاءم تماما مع الموقف الأمريكي الرسمي الذي يظهر أن ما تتعرض له حقوق الإنسان في الصين مثلا هو أخطر بكثير مما يقع في غزة .
(هيومن رايتس ووتش) تقاسم الإدارة الأمريكية والدول الغربية عموما نفس الموقف من روسيا، ومهم أن نسجل لهذه المنظمة في هذا الصدد، أنها تقر بأنه "وسط هذه الظلمة رأينا بوادر أمل تظهر بإمكان اتباع مسار مختلف "وكشفت المديرة التنفيذية لهذه المنظمة في المؤتمر الصحفي الذي عقدته قبل أيام من اليوم، لتقديم هذا التقرير، عن هذه البوادر حيث أعطت مثالا لها "بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين " وهو نفس الموقف المتجانس والمتلائم أيضا مع الموقف الأمريكي والغربي الرسمي، بل إن هذه الدول هي التي مارست مختلف أشكال الضغط على المحكمة الجنائية الدولية بهدف تسريع استصدار مذكرة التوقيف إياها، وهي نفس الدول التي اعتبرت تقديم شكاية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي لدى نفس المحكمة "تعطيلا لمساعي التسوية الدولية" وكان على المنظمة أن تضيف هذه الفقرة إلى تقريرها لتكون أكثر إخلاصا وصدقا مع نفسها .
هذا نزر قليل مما تسمح به هذه المساحة لتقديم بعض من مظاهر التحايل الذي تعتمده المنظمة إياها سما قاتلا تدسه بذكاء خبيث في وجبتها الحقوقية للجمهور، وتعززه بتوابل تعطيه طعما مزيفا، من خلال انتقاد أوضاع حقوق الإنسان في كثير من أقطار العالم، وخصوصا في الدول العربية والإسلامية، بإعادة إنتاج الوقائع السابقة وتحيينها وإطلاق العنان للعبارات الفضفاضة وإعلان مواقف سياسية بعيدة عن البعد الحقوقي. وهي مواقف سياسية متناغمة ومنسجمة بدورها مع المواقف الرسمية الأمريكية.
قد يعتبر البعض أن التقييم قاسي، خصوصا وأننا نقاسم هذا البعض انشغاله وقلقه إزاء تردي أوضاع حقوق الإنسان في كثير من أقطارنا، و لكن الحقيقة أيضا أن هذا التقييم الخارجي لحقوق الإنسان في دولنا ،في حقيقته، قفازات حقوقية تستعمل مخالب بهدف التطويع والرضوخ.
خلاصات كثيرة ومتعددة يمكن الخروج بها من قراءة متأنية لتقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأمريكية حول وضعية حقوق الإنسان في مائة دولة من العالم لسنة 2023، و قد نختلف كما قد نتفق حول العديد من الفقرات و الأجزاء، لكن تبقى أهم خلاصة التي يصعب الاختلاف حولها، تتمثل في أن روح ونفس التقرير الجديد الذي استعرض تفاصيل انتهاكات وخروقات حقوق الإنسان في العالم، هما غير الشكل الخارجي المقروء منه ، بحيث بدا واضحا أن التقرير يساند بمنهجية ذكية، المواقف الأمريكية الخارجية الرسمية و يضفي عليها الشرعية المطلقة.
وإليكم بعض من التفاصيل الخطيرة في هذا الصدد ..
فما تقترفه قوات الاحتلال الإسرائيلي من جرائم ضد الإنسانية في حق المدنيين، خصوصا ضد الأطفال والنساء، ومن تدمير كامل و مطلق لمعالم الحياة هناك ،كل هذا في نظر منظمة (هيومن رايتس ووتش) مجرد "حرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة تتسبب في معاناة شديدة" وهي بذلك، حسب المنظمة الحقوقية الأمريكية، لا تختلف تماما عن "الاقتتال الذي يدور في السودان والنزاعات المتواصلة في أوكرانيا وبورما"، وترى أنه في "سنة 2023 استهدف المدنيون وهوجموا وقتلوا بشكل غير مسبوق في التاريخ الحديث في إسرائيل وفلسطين".
وهكذا فإن ما يقترف من مذابح ومجازر حقيقية وغير مسبوقة في التاريخ البشري الحديث في غزة كما في الضفة الغربية، هو حرب بين حماس و إسرائيل. وهو التوصيف الذي ينسجم تماما مع الموقف الأمريكي الرسمي، ويكمن عامل الذكاء في أن المنظمة سعت من خلال تمرير هذه القناعة وفرضها كحقيقة مطلقة، بأن اتهمت "إسرائيل وحماس بارتكاب أعمال ترقى إلى جرائم حرب" وأيضا عبر مساواة بين الجلاد و الضحية، بما يحاول أن ينكر تقتيل أكثر من 25 ألف مواطن فلسطيني مدني لا يد له فيما يجري .
(هيومن رايتس ووتش) تنتقد في الآخرين ما مارسته بفظاعة وببشاعة في تقريرها الجديد ، حيث انتقدت "قيام بعض الدول بالكيل بمكيالين حيال بعض القضايا، مشيرة على سبيل المثال إلى الصمت إزاء القمع المتزايد الذي تمارسه الحكومة الصينية واعتقالها التعسفي للمدافعين عن حقوق الإنسان وتشديد سيطرتها على المجتمع المدني والإعلام والإنترنت" ولم تشر المنظمة، لا من قريب ولا من بعيد ، إلى التعاطي الغربي الرسمي بعدة مكاييل مع ما يرتكب من جرائم في غزة، و قدمت بذلك المنظمة صورة مزيفة تتلاءم تماما مع الموقف الأمريكي الرسمي الذي يظهر أن ما تتعرض له حقوق الإنسان في الصين مثلا هو أخطر بكثير مما يقع في غزة .
(هيومن رايتس ووتش) تقاسم الإدارة الأمريكية والدول الغربية عموما نفس الموقف من روسيا، ومهم أن نسجل لهذه المنظمة في هذا الصدد، أنها تقر بأنه "وسط هذه الظلمة رأينا بوادر أمل تظهر بإمكان اتباع مسار مختلف "وكشفت المديرة التنفيذية لهذه المنظمة في المؤتمر الصحفي الذي عقدته قبل أيام من اليوم، لتقديم هذا التقرير، عن هذه البوادر حيث أعطت مثالا لها "بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين " وهو نفس الموقف المتجانس والمتلائم أيضا مع الموقف الأمريكي والغربي الرسمي، بل إن هذه الدول هي التي مارست مختلف أشكال الضغط على المحكمة الجنائية الدولية بهدف تسريع استصدار مذكرة التوقيف إياها، وهي نفس الدول التي اعتبرت تقديم شكاية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي لدى نفس المحكمة "تعطيلا لمساعي التسوية الدولية" وكان على المنظمة أن تضيف هذه الفقرة إلى تقريرها لتكون أكثر إخلاصا وصدقا مع نفسها .
هذا نزر قليل مما تسمح به هذه المساحة لتقديم بعض من مظاهر التحايل الذي تعتمده المنظمة إياها سما قاتلا تدسه بذكاء خبيث في وجبتها الحقوقية للجمهور، وتعززه بتوابل تعطيه طعما مزيفا، من خلال انتقاد أوضاع حقوق الإنسان في كثير من أقطار العالم، وخصوصا في الدول العربية والإسلامية، بإعادة إنتاج الوقائع السابقة وتحيينها وإطلاق العنان للعبارات الفضفاضة وإعلان مواقف سياسية بعيدة عن البعد الحقوقي. وهي مواقف سياسية متناغمة ومنسجمة بدورها مع المواقف الرسمية الأمريكية.
قد يعتبر البعض أن التقييم قاسي، خصوصا وأننا نقاسم هذا البعض انشغاله وقلقه إزاء تردي أوضاع حقوق الإنسان في كثير من أقطارنا، و لكن الحقيقة أيضا أن هذا التقييم الخارجي لحقوق الإنسان في دولنا ،في حقيقته، قفازات حقوقية تستعمل مخالب بهدف التطويع والرضوخ.