Quantcast
2024 غشت 1 - تم تعديله في [التاريخ]

تعليق على أمر قضائي: مهام المفوض القضائي بين القانون والتأويل الضيق للنص.. بقلم // الدكتور: العربي مياد


تعليق على أمر قضائي: مهام المفوض القضائي بين القانون والتأويل الضيق للنص.. بقلم // الدكتور: العربي مياد

صدر عن نائبة رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط بتاريخ 5 يوليوز 2024 الأمر عدد 4751 في الملف رقم 4751/ 1109/ 2024، القاضي برفض الطلب وحفظ البت في الصائر.

أولا: الوقائع:

  تتلخص وقائع الملف في أن طالبين  تقدما بواسطة دفاعهما بمقال افتتاحي في إطار الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية يلتمسان فيه من رئيس المحكمة في إطار الأوامر المبنية على طلب بتعيين أحد المفوضين القضائيين من أجل إجراء محضر استجوابي لزوجة مكتري لعقارهما، قامت هي شخصيا بتسليم  مفتاح العين المكتراة في غياب زوجها المكتري الأصلي، والذي يتضمن  توجيه أسئلة إليها فيما إذا ما قامت به من تصرف تم  بعلم زوجها، بعد إفراغ  المحل المكترى من محتوياته وفسخ عقد الاستفادة من الماء والكهرباء، والتدليل على سكناهما الجديد حتى تتم مقاضاة المكتري ومن يقوم مقامه من أجل الفسخ التعسفي للعقد وعدم أداء مستحقات الكراء عن الأشهر السابقة لتسليم المفتاح.... وقد عللت نائبة الرئيس رفضها للطلب بعلة أن الطلب لا يتعلق بمعاينة وقائع مادية يتعين إثباتها في محضر وإنما بتحقيق مما لا يدخل في مجال اختصاص المفوضين القضائيين طبقا للقانون رقم 81.03 المتعلق بتنظيم مهام المفوض القضائي.

ثانيا : النقط القانونية المثارة:

  يبدو من خلال الطلب والأمر القضائي أن هناك نقطة قانونية فريدة والمتمثل في مفهوم الفقرة الرابعة من المادة 15 من القانون رقم 81.03 بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين، وليس المنظم لمهام المفوضين القضائيين - كما ورد خطأ في الأمر القضائي الموضوع التعليق - والصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ 14 فبراير 2006، التي تنص على أنه "ينتدب المفوض القضائي من لدن القضاء للقيام بمعاينات مادية محضة مجردة من كل رأي، ويمكن له أيضا القيام بمعاينات من نفس النوع مباشرة بطلب ممن يعنيه الأمر ";

ثالثا: المناقشة:
 
قبل الدخول في تفاصيل المناقشة لا بد من التذكير بأن الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية ينص على أنه: " يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبت..." عكس المادة 19 من القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية  التي نصت على أنه: " يختص رئيس المحكمة الإدارية أو من ينيبه بصفته ..." وهذا يعني أنه على مستوى المحكمة الابتدائية يكون رئيسها هو المختص شخصيا بإصدار الأوامر المبنية على طلب والمعاينات، ولا يحق لغيره القيام بهذه المهمة إلا في حالة غياب أو عجز الرئيس، كما لا يحق له تفويض هذا الاختصاص لأنه لا تفويض إلا بنص . هذا من جهة ومن جهة أخرى لا بد من التذكير بأنه بتاريخ 25 دجنبر 1980 صدر الظهير الشريف بتنفيذ  القانون رقم 80.41 بإحداث هيئة الأعوان القضائيين كما وقع تعديله وتتميمه بمقتضى الظهير الشريف بتاريخ 10 شتنبر1993 .هذا القانون الذي اعتبر مهنة الأعوان القضائيين مهنة حرة ولم يرق بممتهنها إلى رتبة مساعدين قضائيين، ولخص الفصل 2 اختصاصاتهم في التبليغ اللازم للتحقيق في القضايا ووضع الإجراءات المتطلبة في تنفيذ المقررات القضائية سواء كانت أوامر أو أحكام أو قرارات، وبتنفيذ المقررات القضائية وكل المحررات التي لها قوة تنفيذية، كما يمكن أن يقوموا بمهام تسليم الاستدعاءات، وأن ينتدبوا من لدن القضاء للقيام بمعاينات مادية محضة مجردة من كل رأي فيما يقومون به من مهام، فضلا عن استيفاء الديون والمناداة وبيع المنقولات.

 وعلى هذا الأساس تنحصر مهامهم في التبليغ في تنفيذ المقررات القضائية والسندات التي لها قوة تنفيذية ، فضلا عن تسليم الاستدعاءات واستيفاء الديون والبيع بالمزاد العلني للمنقولات، كما يمكن أن ينتدبوا من لدن القضاء للقيام بمعاينات مادية، سواء تلقائيا من المحكمة أو بناء على طلب.   

  إن الدارس لهذا الفصل لا شك يلاحظ أن الصيغة التي حررت بها الفقرة المذكورة تعتيريها غموضا جليا، لا يمكن أن يكون اعتباطيا وإنما كان مقصودا على اعتبار أن التجربة في بدايتها وأن وزارة العدل لا يمكنها أن تفوض صلاحية أعوانها لهيئة حرة في بداية نشأتها، بعد أن كان الاختصاص برمته من الاختصاص الحصري لأطر وأعوان كتابة الضبط وأعوان السلطة العمومية. يحدث هذا رغم أن المنتسبين لهذه الهيئة كلهم حملة الاجازة سواء في الحقوق أو الشريعة أو ما يعادلها.

  ومن أجل تقييم هذه التجربة، والتعرف على حصيلتها، ومدى تحقق الأهداف المتوخاة منها، طلب وزير العدل بواسطة رسالته الدورية رقم 21037/2  بتاريخ 21 نوفمبر 1997 من الرؤساء الأولين للمحاكم الاستئنافية والوكلاء العامين للملك بها  موافاته  بتقرير مشترك في الموضوع، يتضمن وجهة نظرهم عن التجربة، ومدى مساهمتها في حل إشكالية التبليغ والتنفيذ، ودورها من حيث الإنتاج كما وكيفا، ومن حيث العلاقة مع المتقاضين وكتابة الضبط، وذلك حتى يتسنى وضع تصور كامل وواضح عن هذه التجربة وآفاقها المستقبلية.

 وكان قبل ذلك صدر عن نفس الجهة السياسية رسالتان /دوريتان الأولى تحت رقم  1282/2  بتاريخ 28 يوليوز 1994 في موضوع مراقبة نشاط الأعوان القضائيين موجهة للنيابة العامة على صعيد محاكم الموضوع، يطلب فيها وزير العدل من الجهة المعنية القيام بمراقبة مستمرة وفعالة لعمل الأعوان القضائيين واتخاذ كل الإجراءات اللازمة عند أي تجاوز مهني أو أخلاقي دون توان أو هوادة، والضرب على أيدي المتلاعبين منهم؛ وذلك إما بإصدار عقوبات أو الإيقاف أو تحريك متابعة جنائية أو تأديبية أمام المحكمة وفقا للنصوص القانونية الجاري بها العمل  مع إخباره بكل مخالفة يقفون عليها والإجراءات التي اتخذوها بشأنها.

أما الرسالة/ الدورية الثانية وتجاوزا نقول المنشور رقم 1/ 95 بتاريخ 12 يناير 1995 فإنه يتعلق بمهام الأعوان القضائيين وقد تضمن ما يلي :

"وبعد، فقد تبين من خلال ممارسة الأعوان القضائيين لمهام التبليغ والتنفيذ بالمحاكم التي شملها نظام هؤلاء الأعوان، ضرورة اتخاذ بعض التدابير بهدف تصريف الأشغال المنوطة بهم في أحسن الظروف، والرفع من مستوى مردوديتهم، وضبط علاقتهم بمصالح كتابة الضبط، والسادة المحامين، والمتقاضين، تحقيقا للغاية المتوخاة من إحداث هذا الجهاز، ومن التدابير ما يلي:

أولا: فتح الأعوان القضائيين مكاتب لهم والتأمين على مسؤوليتهم:
 
 نظرا لكون مهنة العون القضائي مهنة حرة طبقا لنص الفصل الأول من القانون رقم 41.80 المحدث والمنظم لهيئة الأعوان القضائيين، واعتبارا لكونهم يسألون شخصيا عن إقامة مستنداتهم واحتفاظهم بها، فإن عليهم أن يستعدوا لفتح مكاتب لهم  خارج بناية المحكمة، لممارسة مهامهم بها، وإبرام تأمين على مسؤوليتهم عن إقامة تلك المستندات طبقا للفقرة الثانية من الفصل 3 من القانون المذكور، مع حرصكم على تنفيذ فحوى المنشور عدد 1647 س 2 بتاريخ 26/10/1994، وخصوصا فيما يتعلق بالتنسيق مع القاضي الذي يشرف على التبليغ ويراقب سيره لمواكبة نشاط هؤلاء الأعوان بصورة فعالة، والتقيد بمقتضيات الفصل الثاني من القانون المومأ إليه أعلاه، التي تنص على اختصاصهم بالقيام بالإجراءات التي ينص عليها الفصل المذكور.
 
ثانيا: إحداث سجل تمسكه كتابة الضبط:

اعتبارا لضرورة التثبيت من وضعية الأعوان القضائيين  العاملين بدائرة نفوذ المحكمة، تمسك كتابة الضبط سجلا، وفق النموذج الواصل إليكم صحبته، يؤشر على صفحاته رئيس المحكمة، وهو يتضمن الأسماء والعناوين الكاملة للأعوان القضائيين الموجود محل إقامتهم بدائرة نفوذ المحكمة وتاريخ التحاقهم بالمهنة وأدائهم اليمين القانونية ومراجع مقررات تعيينهم ونماذج من توقيعاتهم، وإمضاءاتهم، وجميع الملاحظات المتعلقة بهم.
 
ثالثا: مبدأ الاختيار:

يحق للمحامين والمتقاضين اختيار العون القضائي للقيام بإجراءات التبليغ والتنفيذ، وسائر الإجراءات الأخرى المرخص له بها من بين الأعوان العاملين بدائرة المحكمة الابتدائية المودع بها المقال، دون التقيد بالمنطقة، ويتعين على المتقاضي أن يبين في مقاله اسم العون المختار الذي يضع طابعه وتوقيعه ومحل إقامته في أعلى الصفحة الأولى من المقال، وفي حالة الاستعجال -  كالخشية من فوات أجل الطعن- يكتفي بعرض المقال على رئيس المحكمة أو من ينوب عنه من أجل تعيين العون القضائي الذي يقوم بالإجراء، أما إذا تعلق الأمر بالمحامي فيكفي بيان اسم العون المختار بالمقال، وبعد فتح الملف بكتابة الضبط، يشار إلى اسم العون بشكل بارز وذلك بطرة الملف، كما يشار إليه في الاستدعاءات وشهادات التسليم وفي جميع الوثائق الأخرى المراد تبليغها، ويبقى من حق المحامين والمتقاضين استبدال العون المختار في أية مرحلة من مراحل الدعوى أو الإجراءات.

رابعا: التبليغ أمام المحاكم الابتدائية:

1)  كيفية تسليم الاستدعاءات والطيات والأحكام إلى العون القضائي:

I)   تهيأ الاستدعاءات، وشهادات التسليم، وأغلفة التبليغ، من طرف الشعبة المختصة بكتابة الضبط، وتسلم إلى المنسق بين كتابة الضبط والأعوان القضائيين، مقابل توقيعه في سجـل التداول (نموذج 419 المقرر من طرف الوزارة).

II)  يمسك المنسق سجلا عاما لتقييد جميع الاستدعاءات الواردة عليه من مختلف الشعب (وفق النموذج 601 المعد للتبليغات القضائية بالمحاكم).

  ج) يحرص كذلك على تسليم الإجراءات التي تلقاها من الشعبة المشار إليها أعلاه إلى الأعوان القضائيين مقابل توقيعهم في السجل المذكور.

  د)  يمسك كل عون قضائي سجلا وفـق النموذج الذي وجه إليكم صحبة المنشور عدد 1647 س 2 بتاريخ 26/10/1994 طبقا للمادة 15 من المرسوم رقم 2.85.786 الصادر في 21 من ربيع الآخر 1407 (24 ديسمبر 1986) بتطبيق أحكام القانون رقم 41.80 المتعلق بإحداث هيئة للأعوان القضائيين وتنظيمها، وبعد إنجازه للإجراء المطلوب منه يرجع الطي إلى المنسق مقابل توقيع المستلم.

2)  المسطرة  أمام المقرر:

تجدر الإشارة إلى أنه بالنسبة للمسطرة أمام المقرر، فإن العون القضائي المختار هو الذي يرجع إليه اختصاص القيام بمختلف إجراءات التحقيق، سواء تعلق الأمر بالمدعي أو المدعى عليه، ويتقاضى أجوره عليها من صاحب المصلحة في الدعوى، وتحسب تلك الأجور في المصاريف القضائية التي يحكم بها عند البت في الدعوى.

3)   تبليغ الأحكام:

أما بخصوص طلبات تبليغ الأحكام والقرارات والأوامر الصادرة في الدعوى، والتي يتقدم بها المحامي أو المتقاضي إلى مكتب التبليغات القضائية فيشار فيها إلى العون المختار للقيام بالإجراء، إذا كان الطرف المبلغ إليه يقطن في دائرة المحكمة التي يوجد بها محل إقامته، أما إذا كان الطرف المبلغ إليه يقطن خارج دائرة هذه المحكمة، فإن طلب التبليغ يوجه من طرف الشعبة المعنية بذلك، بواسطة إنابة قضائية  إلى المحكمة المختصة، لتقوم كتابة الضبط - مؤقتا- بإنجاز الإجراء مع مراعاة الاستثناء الوارد في الفقرة الثانية من المقطع الخامس الخاص بالتبليغ أمام محاكم الاستئناف الآتي بعده.

4)   تحديد آجال إنجاز الإجراءات:

نظرا لما يكتسيه هذا النظام من أهمية بالغة في تصريف القضايا على الوجه المطلوب والبت فيها في أقصر الآجال، وما يستلزم ذلك من مراقبة مستمرة لعمليات التبليغ، فإنه من المفيد وضع جدول زمني يتعين على العون القضائي من خلاله تقديم نتائج عمله إلى كتابة الضبط بكيفية منتظمة وفق الآجال الآتية:

1)  بالنسبة لتبليغ الاستدعاءات:

I)   في القضايا الاستعجالية داخل أجل 48 ساعة من تاريخ توصله.
II)  في القضايا المدنية بالمفهوم الواسع داخل أجل 15 يوما.

2)  بالنسبة لتبليغ الأحكام والقرارات داخل أجل أسبوع:

وفي حالة تعذر القيـام بالتبليغ في الآجال المحددة أعلاه يتعين على العون عرض الأمر على السيد رئيس المحكمة أو من ينوب عنه فورا.
 
خامسا: التبليغ أمام محاكم الاستئناف:

تتبع نفس الطريقة المشار إليها في تبليغ إجراءات المحاكم الابتدائية، بالنسبة لاختيار العون القضائي للقيام بإجراءات التبليغ المتعلقة بمحاكم الاستئناف.

وفي حالة وجود موطن الأطراف بدوائر محاكم ابتدائية متعددة مشمولة بنظام الأعوان القضائيين، وتقع جميعها بدائرة محكمة استئناف واحدة، فإن الطرف صاحب المصلحة يختار العون القضائي الموجود بموطن كل طرف مطلوب في الإجراء، باستثناء وضعية المحاكم الابتدائية بالدار البيضاء التي يجوز لكل عون من أعوانها القيام بالإجراءات في مجموع دوائر نفوذها.

سادسا: كيفية أداء أجور الأعوان القضائيين:

يتقاضى الأعوان القضائيون أجورهم على أعمالهم مباشرة من الأطراف، حسب التعريفة المحددة في القانون، باستثناء القضايا المستفيدة من المساعدة القضائية التي يتعين عليهم القيام بها مجانا، طبقا للمادة 17 من القانون المحدث والمنظم لهيئة الأعوان القضائيين.

وفي هذه القضايا يعين رئيس المحكمة الابتدائية أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف  - حسب الحالات- للقيام بإجراءاتها الأعوان القضائيين بالتناوب وحسب دائرة اختصاصهم، مع إشعار النيابة العامة بذلك عند عدم الإنجاز.

سابعا: التنفيذ:

1)  مهام التنفيذ المخولة للأعوان القضائيين:

يمارس الأعوان القضائيون - مؤقتا- إجراءات التنفيذ المتعلقة بأداء مبالغ مالية دون باقي الإجراءات الأخرى المشار إليها في الرسالة الدورية الموجهة إلى رؤساء المحاكم الابتدائية بتاريخ 16/2/1994 حول إجراءات التنفيذ التي ينجزونها.
2)  كيفية اختيار العون القضائي:

يشير طالب التنفيذ في طلبه إلى اسم العون القضائي الذي اختاره للقيام بالإجراء، وتتبع نفس المسطرة المبينة في طلب التبليغ بالنسبة لكيفية إثبات العون المختار على ظهر الملف وعلى باقي الوثائق التي تقتضي بيان اسم العون المختار، وكذا بالنسبة لكيفية تسليم الملفات وردها بعد الإنجاز.

ويجب على العون بعد توصله بالنسخة التنفيذية للحكم المطلوب تنفيذه أن يفتح لذلك ملفا خاصا به يتضمن ما قام به من إجراءات تبليغات ومحاضر، تحرر في أصلين يسلم أحدهما إلى الطرف المعني بالأمر معفى من حق التنبر ومن كل شكلية جبائية، ويحتفظ بالأصل الآخر في الملف التنفيذي، عملا بالفقرة الأولى من الفصل الثالث القانون المنظم للمهنة.

كما تطبق المقتضيات المشار إليها في المقطع الرابع المتعلق بالتبليغ أمام المحاكم الابتدائية، فيما يخص إحداث مؤسسة المنسق بقسم التنفيذ، ومس سجل عام وسجل التداول.

3)  بيان مآل التنفيذ:

يتعين على العون القضائي أن يقدم لرئيس مصلحة التنفيذ وضعية الإجراءات المحالة عليه في أجل لا يتعدى 15 يوما، ويدونها هذا الأخير بالملف التنفيذي الأصلي المفتوح لديه، ويحتفظ بذلك في الملف.

ثامنا: التبليغ والتنفيذ أمام المحاكم الإدارية:

إجراءات التبليغ والتنفيذ المتعلقة بالمحاكم الإدارية يقوم بها العون القضائي الذي تتبع في اختياره نفس الطريقة المشار إليها فيما يخص  المحاكم الابتدائية.

وفي حالة وجود موطن الأطراف بدوائر محاكم ابتدائية متعددة مشمولة بنظام الأعوان القضائيين، وتقع كلها بدائرة محكمة إدارية واحدة، تطبق طريقة اختيار العون القضائي أمام محام الاستئناف المومإ إليها أعلاه.

تاسعا: الإشعار بإنجاز الإجراء:

يشعر العون القضائي المحامي أو المتقاضي بجميع الإجراءات التي أنجزها فور القيام بذلك.

يثير العون القضائي تلقائيا حالة اختياره من أطراف مصالحهم متعارضة أمام رئيس المحكمة أو من ينوب عنه، ويشعر الأطراف المعنية بذلك.

عاشرا: حضور الأعوان القضائيين بالمحكمة:

يتعين على الأعوان القضائيين الحضور بكتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يعملون بدائرتها صباح كل يوم لوضع الوثائق المنجزة وتسلم الوثائق المطلوبة إنجازها، ويكلف رئيس كتابة الضبط بتتبع حضورهم وإشعار النيابة العامة بكل تغيب أو إخلال.

حادي عشر: مسك دفتر حسابات وكناش ذي أرومات:

يجب على الأعوان القضائيين مسك دفتر الحسابات وكناش ذي أرومات مرقمة المنصوص عليها في المادة 15 من المرسوم رقم 2.85.736 الصادر في 21 من ربيع الآخر 1407 (24 ديسمبر 1986) وفق النموذجين الواصلين إليكم صحبته، ويؤشر رئيس المحكمة على صفحات دفتر الحسابات ويوقعها مع بيان عدد صفحاته وتاريخ بدايته ونهايته.
كما يجب عليهم أن يقدموا سجلاتهم  ودفاترهم وكنانيشهم للسيد وكيل الملك قصد المراقبة كلما طلب منهم ذلك، وعلى الأقل مرة كل ثلاثة أشهر.

ويتعين على السادة وكلاء الملك أن يراقبوا تقيد الأعوان القضائيين بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 15 من الظهير المحدث والمنظم لهيئة الأعوان القضائيين المغيرة والمتممة بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.93138 الصادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 شتنبر 1993) وذلك بوجوب إيداع المبالغ المالية موضوع التنفيذ بصندوق المحكمة داخل أجل يومين من تسليمها على أبعد تقدير ما لم يمكنوا طالب التنفيذ منها، مع اتخاذ كافة التدابير القانونية عند الإخلال بهذه المقتضيات.

ونظرا لما لفحوى هذا المنشور من أهمية فإنني أهيب بكم للسهر على تطبيق محتوياته، والحرص باستمرار على تنفيذها بكامل الدقة والعناية، والسلام."

ماذا بعد؟

يستخلص مما سبق أنه كان هناك توجسا من أنشطة الأعوان القضائيين في بداية نشاطهم، ربما رغبة في إنجاح العملية التي لها ارتباط وثيق بوظيفة العدالة .

لكن الآن وبعد أن اختمرت التجربة ولا ينكر نجاحها إلا جاحد، ارتقى المشرع واضع سياسة العدل في المغرب بالمهنة من فقط قطاع حر إلى "مساعد القضاء" لكن هل هذا التصور التشريعي مقبول من طرف جميع ممارسي المهن القضائية؟

هذا وأن عدد المفوضين القضائيين  لا يتجاوز 1554 مفوض، حسب الإحصاء الرسمي المستقى من بوابة وزارة العدل، وهم بذلك لا يقلون أهمية عن رسالة المحامي وغيرهم من مساعدي القضاء.

   قبل تشريح النص التشريعي الذي يحدد مهام المفوض القضائي، يلاحظ بأن القضاء الوطني دأب على  القول بأنه:

 "ليس من صلاحية المفوض القضائي استجواب أطراف النزاع والادلاء بمستنتجاتهم والاستماع لهم وأن مهمته تنحصر في المعاينة فقط طبق المقتضيات القانونية المنظمة لهيئة المفوضين القضائيين (1) ." هذا في الوقت الذي  يجد المفوض القضائي بعض الصعوبات بخصوص الاستعانة بالقوة العمومية عند أثناء مزاولته لمهامه.

   ولنا أن تساءل إلى أي حد يمكننا إقرار ما سار عليه القضاء في الوقت الراهن؟

 من أجل إعطاء جواب قانوني صرف  لا بد من استحضار المادة 15 من القانون رقم 03.81 بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين . هذه المادة التي تنص على أنه:

 " يختص المفوض القضائي بصفته هاته، مع مراعاة الفقرة الرابعة من هذه المادة، بالقيام بعمليات التبليغ وبإجراءات تنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات وكذا كل العقود والسندات التي لها قوة تنفيذية، مع الرجوع إلى القضاء عند وجود أي صعوبة، وذلك باستثناء إجراءات التنفيذ المتعلقة بإفراغ المحلات والبيوعات العقارية وبيع السفن والطائرات والأصول التجارية. يتكلف المفوض القضائي بتسليم استدعاءات التقاضي ضمن الشروط المقررة في قانون المسطرة المدنية وغيرها من القوانين الخاصة، وكذا استدعاءات الحضور المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية ، ويمكن له أن يقوم باستيفاء المبالغ المحكوم بها أو المستحقة بمقتضى سند تنفيذي وإن اقتضى الحال البيع بالمزاد العلني للمنقولات المادية. يقوم المفوض القضائي بتبليغ الإنذارات بطلب من المعني بالأمر مباشرة ما لم ينص القانون على طريقة أخرى للتبليغ.
ينتدب المفوض القضائي من لدن القضاء للقيام بمعاينات مادية محضة مجردة من كل رأي، ويمكن له أيضا القيام بمعاينات من نفس النوع مباشرة بطلب ممن يعنيه الأمر. ..."
   
يستنتج من هذه المادة المتكونة من خمس فقرات أن هناك اختصاصات لا يجوز للمفوض القضائي القيام بها إلا إذا أذن له بها القضاء وأخرى تبقى من صلاحيته أن يمارسها  بكل حرية لكن تحت مراقبة القضاء الجالس أو الواقف.

 وعلى هذا الأساس فإن عمليات التبليغ والتنفيذ وكذا استدعاءات الحضور المنصوص  عليها في قانون المسطرة الجنائية تتم تحت أعين ومراقبة القضاء، غير أن المشرع رخص للمفوض القضائي إمكانية  استيفاء المبالغ المحكوم بها أو المستحقة بمقتضى سند تنفيذي وإن اقتضى الحال البيع بالمزاد العلني للمنقولات المادية، وهذا يعني أنه ليس واجبا وإنما مما يدخل في صلاحيته ولا معقب عليه، وكذا المعاينة المادية المحضة المجردة من كل رأي إذا طلب منه ذلك من الغير . لكن إذا أمر بها القضاء فهو بذلك يكون تحت إمرة رئيس المحكمة أو من يقوم مقامه.

تساؤلات عالقة:

   ويبقى التساؤل، ما المقصود بالمعاينة المادية المحضة المجردة ؟

  هذا المصطلح مفتوح على جميع المعاني، فقد يقصد منه الانتقال إلى عين المكان ووصف الوضع أو الحالة  من كل الزوايا كما هي بدون زيادة أو نقصان وكأنه مجرد "كاميرا" ، وهنا لا يتعدى دور المفوض القضائي شاهد عيان. ولا يحق الاستماع للغير من أجل تنويره أو أن  الأمر غير ذلك فيمكن التوسع  في المقصود  ليشمل الوصف الدقيق للوضع وما جرى أمامه والاستماع للحاضرين ووصف ما حصل بالفعل بكل أمانة وتجرد؟

ولو فرضنا أن المقصود هو المعنى الأول، فهذا ينحصر في الحالة التي يطلب أحد الأشخاص من المفوض القيام بمحضر استجوابي مثلا دون الرجوع إلى القضاء، وهذا هو الحال في حكم محكمة فاس أعلاه، لكن إذا قدم الطلب للمحكمة من أجل إثبات حال في اطار مقتضيات الفصل 148 من قانون المسطرة ، فهل يجوز لرؤساء المحاكم الابتدائية رفض الطلب بعلة أن ذلك لا يدخل في اختصاص المفوض القضائي، متمسكا بحرفية الفصل الذي يشير إلى كتاب الضبط  دون غيرهم ؟

 لاشك أن التمسك بحرفية النص يجعل الأمر لا يعدو تضييق للمعنى وشرحا كلاسيكيا للنصوص القانونية لأن من يملك الأكثر يملك الأكثر ، وبالتالي لا يوجد ما يمنع المحكمة من تعيين مفوض قضائي من أجل القيام بمهمة ذات طابع فني وليس قضائي، كما هو الشأن بإجراء بحث أو الوقوف على عين المكان طبقا للفصل 55 من قانون المسطرة المدنية وإن تعلق الأمر بإجراءات التحقيق،  فإذا كان من حق المفوض القضائي استدعاء الأطراف للحضور، فهل يقوم بذلك في  غفلة  أم بعد التحقق من شخصية وعنوان المبلغ إليه؟ وهل لا يحق له التأكد من ملكية المبيع في حالة البيع بالمزاد العلني للمنقولات المادية، والأكيد أن كل ما هو ممنوع منه بقوة القانون هو الإجراءات المتعلقة بالإفراغ والبيوعات العقارية وبيع السفن والطائرات والأصول التجارية  إلى حين .   ومن المنتظر تجاوز هذه القيود التي لا مبرر لها في الإصلاح الذي سيعرفه قانون مهنة المفوضين القضائيين. وهذا ما سيخفف لا محالة من ثقل المهام الإدارية والشبه القضائية عن هيئة كتابة الضبط لتتفرغ للعمل اليومي داخل المحاكم كإدارة قضائية، ناهيك عن ما يتعلق بالاختصاصات الجسيمة  التي تقوم بها طبقا للقانون والأوامر الإدارية، خاصة في الجلسات وما بعدها وخارج أوقات العمل في إطار المداومة وتنفيذ أوامر التحقيق في المادة المدنية وغيرها.
 
 ° دكتور دولة في الحقوق
 
هامش:
  1. راجع حكم المحكمة التجارية بفاس، الصادر بتاريخ 21/1/2010 في الملف عدد 712/2009/9، والذي تم تأييده بقرار محكمة الاستئناف التجارية بفاس تحت رقم " 1053" وذلك بتاريخ  13/7/2010 في النازلة عدد 576/10، والمنشور على موقع وزارة العدل.

              

















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار