Quantcast
2021 مارس 29 - تم تعديله في [التاريخ]

بنعبو: تغير المناخ يؤثر على الصحة الإنسانية وعلى التنوع البيولوجي

أكد محمد بنعبو، خبير في المناخ والتنمية المستدامة، أنه كثيرة هي المطصلحات العلمية التي نسمع بها: ظاهرة النينو والنينا، تغير المناخ، التنوع البيولوجي، ارتفاع مستوى سطح البحر، الاحتباس الحراري، الغازات الدفيئة، وتساءل في حوار خص به "العلم" ترى ما هي العلاقة التي تجمع بينها، وكيف يؤثر تغير المناخ على الصحة الانسانية وعلى التنوع البيولوجي، كلها مواضيع أصبحت أكثر إثارة للجدل في عصرنا، ولمعرفة الطريقة التي يتغير عبرها مناخ العالم والعواقب المتوقعة على الصحة حاورنا الخبير في المناخ والتنمية المستدامة المهندس محمد بنعبو.


محمد بنعبو خبير في المناخ والتنمية المستدامة في حوار مع "العلم"

وتابع المتحدث، أنه سجلت مؤخرا انخفاضات جد مهمة في درجة حرارة المياه السطحية الباردة للمحيط الهادئ وكما كان متوقعا بدأت ظاهرة "النينا" في التلاشي، لكن النماذج المناخية الرقمية لازالت تتوقع صيانتها الطفيفة على مدار العام، إذن كيف ستكون توقعات مناخ كوكب الارض مستقبلا على المدى القريب والمتوسط؟
 
أشار إلى أن شهر دجنبر 2020 عرف انطلاقة قوية لظاهرة النينا صاحبها انخفاض في درجة حرارة مياه المحيط الهادئ إلى ناقص 1.3 درجة مئوية وهي أعلى درجة حرارة نينا منذ عام 2010، النتائج السلبية لهذه الظاهرة هي معروفة جيدا بما في ذلك التبريد المؤقت لكوكب الأرض وانخفاض متوسط ​​درجة الحرارة العالمية حيث شابه مستوى درجة حرارة فبراير 2021 مستوى 2014 أي قبل السنوات القياسية الساخنة التي أعقبت ظاهرة النينو القوية سنوات 2015 و2016، مشددا على أن ظاهرة النينيا تعمل مؤقتا على خفض درجات الحرارة على مستوى العالم، ومع ذلك تم تصنيف عام 2020 من أن من أكثر الأعوام الثلاثة حرارة على الإطلاق، حيث أن الحالات الشاذة من انخفاض درجات الحرارة يكون لها التأثير الأكبر على متوسط ​​درجات الحرارة العالمية في السنة الثانية من ظهورها، لذلك يبقى أن نرى إلى أي مدى ستؤثر الحلقة الحالية على درجات الحرارة العالمية في عام 2021، وحتى الآن يمكننا أن نسجل وبكل فخر أن شهر فبراير 2021 كان أروع شهر على هذا الكوكب منذ عام 2014.

العلم الإلكترونية - الرباط

س:غالبا ما يعزو عامة الناس ارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها إلى تغير المناخ، ترى ما هو الفرق بين الطقس والمناخ؟

بنعبو: تغير المناخ يؤثر على الصحة الإنسانية وعلى التنوع البيولوجي
ج: إن الطقس هو ما نراه من ساعة إلى ساعة ويوما بعد يوم، حيث يمكن أن تخبرنا توقعات الطقس عن احتمال سقوط الأمطار ، أو ارتفاع في درجات الحرارة الموسمية، لنقل مثلا بعد ظهر الغد، ولكن لأن الطقس مضطرب بطبيعته، غالبا ما لا نستطيع تقديم التوقعات لأكثر من عشرة أيام، أما المناخ فهو أمر مختلف، فهو معدل الطقس الذي نحسبه عادة على مدى فترات قد تصل الى ثلاثين سنة، وهو قادر على إخبارنا بعض الأمور كالتوقعات حول متوسط درجات الحرارة في فترتي النهار والليل في شهر معين ومتوسط هطول الأمطار في هذا الشهر، ونظرا لعدم اضطراب بعض عناصر النظام المناخي، نعلم جميعنا بأن فصل الشتاء يأتي بعد فصل الصيف مما يعني أننا نقدم توقعات حول المناخ، ولكن لا تستطيع التنبؤات المناخية إعلامنا عن إمكانية هطول الأمطار غدا بل تخبرنا عن احتمال ذلك في شهر ما.

س: ما هي الآثار المتوقعة لتغير المناخ في جميع أنحاء العالم؟

ج: هذا وعلى الرغم من أن ظاهرة النينيا تتسبب في التبريد بشكل عام فمن المتوقع أن تكون درجات حرارة سطح الأرض أعلى من المعدل الطبيعي في معظم أنحاء العالم من فبراير إلى أبريل 2021، بينما نتوقع أن يكون عام 2021 أكثر برودة من 2020، ولكن يمكن أن يظل ضمن العشر سنوات الاعلى درجات حرارة منذ عام 1850 بمتوسط كوكبي سيكون بين 0.91 درجة مئوية و 1.15 درجة مئوية خلال الفترة 1850-1900 و0.30 درجة مئوية إلى 0.54 درجة مئوية أعلى من متوسط 1981-2010
 
بينما هناك احتمال بنسبة 60٪ أن تنتقل ظاهرة النينيا إلى فترة الحياد المناخي خلال فصل الربيع في نصف الكرة الشمالي ويبدو هذا الانتقال إلى فترة محايدة موثوقا به حتى خلال فصل الصيف. ثم تتصور النماذج استمرار هذه المرحلة المحايدة على الأقل خلال فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي بينما ينتظر عودة ظاهرة النينا خلال الخريف المقبل لكن بحدة أقل، مع احتمال استئناف ظاهرة النينا خلال فصل الشتاء لعام 2022، هذا وإن حيادية ظاهرة النينا من شأنها أن تفضي إلى موسم أعاصير نشط جدا في شمال المحيط الأطلسي: جزر الأنتيل والكاريبي، بعد موسم قياسي لعام 2020، علاوة على ذلك ينتظر أمريكا وكندا صيف حار وجاف جدا وشتاء جنوبي ممطر جدا في أستراليا ورياح موسمية هندية نشطة للغاية. 
 
في أفق عام 2100 سيكون هناك رابحون وخاسرون من تغير المناخ، نتوقع ازدياد هطول الأمطار في كل من شرق الصين وكولومبيا والإكوادور، في حين سيزداد الجفاف في مناطق البحر الكاريبي وتشيلي وغرب الصين ودول حوض البحر المتوسط والبيرو، حيث توجد توقعات متباينة حول إفريقيا، من حدوث الجفاف في الشمال والجنوب، والرطوبة الشديدة في أماكن أخرى مثل كينيا بينما تساعدنا هذه التوقعات على التنبؤ بالمناطق التي ستنقص فيها الزراعة وإمدادات المياه.
 
وستحدث وفرة المياه في المناطق المدارية الرطبة والمناطق على خطوط العرض العالية، ولكن سيتناقص توافر المياه وستزداد ظروف الجفاف في المناطق على خطوط العرض المتوسطة والمناطق شبه القاحلة من خطوط العرض المنخفضة، مما سيعرض مئات الملايين من الناس إلى الإجهاد المائي المتزايد.

س:كيف يؤثر تغير المناخ على التزود بالماء عبر العالم وما تأثير ذلك على صحة الانسان؟

ج: تقوم الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا بتخزين المياه ليتم لاحقا الإفراج عنها بشكلٍ منتظم على مدار السنة مما يناسب بعض البلدان مثل الهند وباكستان، يحدث نفس الأمر في جبال الأنديز في أمريكا اللاتينية التي تزود المياه إلى عدد من الدول مثل البيرو، وإذا تراجعت أنهار الجليد الأرضية بمقدار كبير، فستتعرض غالبا آلية الإفراج عن المياه للخطر، وقد يتسبب الاحتباس الحراري العالمي أيضا بحدوث بعض المشاكل في المدن الساحلية وذلك حسب مدى ارتفاع مستويات البحر، وقد ترتبط هذه المشاكل بإمدادات المياه وبآلية التخلص من مياه الصرف الصحي.
 
قد ينتج عن الاحتباس الحراري العالمي ارتفاع بطيء جدا في درجات الحرارة على مدى السنوات الثلاثين القادمة، حيث لا يجب أن نتوقع حدوث تغير فوري في العوامل الصحية، هذا ما أسميه بالكارثة الزاحفة، وسيتسبب الارتفاع غير المرئي في مستوى سطح البحر بمقدار 1.5 سنتميتر تقريبا في السنة بارتفاع 1.5 متر بحلول عام 2100، فهذه لا تماثل كارثة تسونامي: إنه تغير بطيء لكنه كاف لشغل حيز اهتمام المهندسين في كثير من أنحاء العالم، لكن عندما يعيش 146 مليون شخص على ارتفاع أقل من متر واحد من مستوى سطح البحر، فإن عدم اتخاذ أية خطوات حول تغير المناخ على مدى مئة السنة القادمة سيترك أثرا كبيرا على حياة الكثيرين.
 
بالإضافة لازدياد معدلات المرض والوفيات التي تسببها الظواهر الجوية الشديدة كموجات الحر والجفاف والفيضانات، حيث من المرجح أن يساهم تغير المناخ في زيادة عبء أمراض سوء التغذية والإسهال والعدوى، كما يحتمل ارتفاع وتيرة أمراض القلب والجهاز التنفسي بسبب التغيرات في نوعية جودة الهواء، وفي توزيع بعض نواقل المرض، وقد يسبب هذا كله عبئا كبيرا على الخدمات الصحية، فعلى سبيل المثال كشفت حالات الملاريا الموثقة في كولومبيا عن ارتفاع احتمال حدوث الوباء بسبب ازدياد هطول الأمطار الناجم عن ظاهرة النينيو، لذا تترافق التوقعات بازدياد الرطوبة في كولومبيا مع ازدياد احتمال وقوع المزيد من حالات الملاريا هناك في المستقبل.

س: ما هو الأثر المتوقع لتغير المناخ على المنظومات البحرية والساحلية؟

ج: ستؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة تبييض المرجان مما سيؤثر على معيشة الصيادين العاملين حول الشعاب المرجانية مما سيؤدي ارتفاع مستويات انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون إلى جعل المحيطات أكثر حمضية، مما يضر بالعوالق ويعرض كامل السلسلة الغذائية للخطر لجميع المخلوقات التي تعتمد على الغذاء القادم من المحيطات، بمن فيهم الإنسان، بينما تفتقر التوقعات العلمية حول تغير المناخ إلى اليقين، لكننا نعرف بعض الأشياء، فخلال فصول الشتاء الباردة، تزداد معدلات وفيات الأمهات حتى بين السكان الذين يعيشون في منازل دافئة، يمكن أن تنخفض وفيات فصل الشتاء هذه إذا تغير التوزيع الطبيعي للمناخ وانخفض ضغط البرد على السكان، ومن ناحية أخرى سيتعرض عدد أكبر من السكان لضغط الحرارة.

س: هل بإمكاننا التخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ بأية طرق؟

ج: يجب أن نكون استباقيين للتخفيف من الآثار  السلبية لتغير المناخ على الصحة، حيث من المهم رسم خطط الوقاية عوضا عن البحث عن العلاج، وتشجيع كل من التنمية المستدامة وإمدادات المياه النظيفة، والانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون.
 
فنحن بحاجة إلى نظام رصد قادر على تحديد التهديدات، من أجل تطوير آليات تقييم التغيّرات في تلك التهديدات، إضافة إلى رصد الآثار المتوقعة على السكان، حيث سيمكننا تمييز التغيرات من مراقبة التقدم المحرز ومن اتخاذ خطوات وقائية مناسبة أو تدابير مخففة.
 
نذكر هنا نموذج مجلس القطب الشمالي، وهو هيئة حكومية دولية قامت عام 2005 بتنفيذ تقييم حول تأثير المناخ في القطب الشمالي على الصحة، والقيام بتقييم حول معرفة التغيرات في صحة السكان من رعاة قطعان الرنة وشعب الإسكيمو، وكذلك على الحيوانات مثل الدببة القطبية، حيث تبين ان القطب الشمالي يعاني من تركز الملوثات الناتجة عن صناعات مختلفة، وتتراكم هذه الملوثات العضوية الثابتة في أجسام البشر والحيوانات، مما يسبب مستويات دموية عالية لبعض المعادن ومستوى دموي أعلى لثنائيات الفينيل متعددة الكلور  بالمقارنة مع أولئك الذين يعيشون في أوروبا الغربية، هذا ويعمل المجلس على وضع سجل حول نتائج تغيّر المناخ مع أوصاف مختلفة لتقفي آثار التغيرات ولاتخاذ القرارات الملائمة بشأن التعديلات المناسبة، ويمكن اعتبار ما يحدث في القطب الشمالي على أنه بداية جيدة
 
لكن للأسف على الصعيد الدولي هناك انفصال كبير بين وكالات الأرصاد الجوية التي تقيس تغير المناخ والوكالات المسؤولة عن الرعاية الصحية ولمعرفة الآثار السلبية لتغير المناخ على صحة الإنسان والتنوع البيولوجي نحتاج إلى تعاون كامل بين هاتين الهيئتين في كل بلد، وإلا فلن نعرف ما يجب قياسه بالضبط أو لن نكتشف أصلا وجود صلة بين تغير المناخ والصحة، وحتى يتم وضع مثل هذه الآلية لجمع المعطيات الصحيحة، حيث للأسف قد يستمر تأثير تغير المناخ على الصحة لكننا لن نتمكن من رؤية ذلك.
 
 

              

















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار