تقدم بعثة "العلم" تغطية خاصة للهزة الأرضية المدمرة التي ضربت عدة أقاليم بالمملكة مساء الجمعة 8 شتنبر الجاري، تستعرض عبرها أهم الأحداث التي تمت ملاحظتها خلال رحلتها التي انطلقت من مراكش تحناوت إلى جماعة ثلاث نيعقوب التي تعتبر مركزا لزلزال إقليم الحوز.
ورغم الجهود المبذولة من طرف السلطات العمومية والمتطوعين إلا أن العديد من الدواوير ظلت معزولة وبعيدة عن فرق الإنقاذ والإغاثة، لتبقى بذلك حصيلة الضحايا المعلن عنها مؤقتة إلى حين الوصول إلى جميع المناطق المتضررة، ووفق وزارة الداخلية فإن عدد الوفيات الذي خلفه الزلزال بلغ 2862 شخصا، 1604 منهم من إقليم الحوز وحده، فيما وصل عدد الجرحى إلى 2562 شخص.
ناج يسرد تفاصيل ما قبل الكارثة
سرد أحد الناجين من زلزال إقليم الحوز والقاطن بجماعة ثلاث نيعقوب المركز الرئيسي للهزة الأرضية، تفاصيل الكارثة التي ضربت العديد من مناطق المغرب ووصل صداها إلى شمال المملكة.
وقال الرجل في تصريح لـ"العلم"، إنه تفاجأ مساء الجمعة الأخيرة، عند الساعة 23:15 مساء، بصوت غريب ورياح دافئة، ليتبع ذلك دوي قوي ويبدأ منزله بالاهتزاز لمدة دامت حوالي دقيقة، مضيفا أن القدرة الإلهية وقفت بجانبه حتى إخراج أسرته بالكامل رغم أن أجزاء من المنزل كانت تتهاوى وهم يحاولون الفرار.
وتابع المتحدث، أنه لم يستوعب بادئ ذي بدء ما حدث بسبب الدوار الذي أصابه لكنه سرعان ما اكتشف أن الأمر يتعلق بهزة أرضية عنيفة، حيث لاحظ بعدها أن منازل جيرانه قد سقطت على آخرها، مشيرا إلى أن أغلب الساكنة فقدت أفراد منها، وصلت في بعض الأحيان إلى ستة أو سبعة أشخاص من أسرة واحدة.
وتوقع أن عدد الضحايا بين عمالة تحناوت وجماعة ثلاث نيعقوب فقط قد يقارب الألف قتيل، موضحا أن شبان الدوار بدأوا محاولات إنقاذ المصابين مباشرة بعد الهزة الأرضية قبل أن تصل فرق الإغاثة صباح اليوم التالي، موجها شكره للأخيرة وللمجهودات والمساعدات الإنسانية المقدمة من السلطات العمومية والمتضامنين والمتطوعين.
ولفت الناجي الانتباه، إلى أن الهزات الأرضية لا زالت تضرب المنطقة بين الفينة والأخرى، آخرها فجر يومه الإثنين 11 سبتمبر.
مستشفى ميداني خاص قرب بؤرة الزلزال
قال محمد خنتر، رئيس الجمعية الوطنية لأرباب سيارات الإسعاف ونقل الأموات، إن المستشفى الميداني الخاص هو مبادرة منهم، قصد تغطية الخصاص في التدخلات الطبية التي يعرفها مركز ثلاث نيعقوب بإقليم الحوز، مضيفا أن هناك فروعا أخرى بكل من إقليم تارودانت وإقليم شيشاوة اللذين تضررا بدورهما من أثر الزلزال.
وأفاد محمد خنتر، أن المستشفى الميداني تم تجهيزه صباح يوم الإثنين، لإسعاف المصابين الذين يتم انتشالهم من تحت الأنقاض بالمناطق المجاورة، منبها إلى أن المركز استقبل أكثر من مائتي شخص إلى حدود الساعة الرابعة عصرا من نفس اليوم بينهم قتلى.
وأوضح رئيس الجمعية الوطنية لأرباب سيارات الإسعاف ونقل الأموات، أن المستشفى المذكور يقدم إسعافات أولية إلى الحالات التي تعاني من إصابات خفيفة، بينما يتم نقل الخطيرة منها إلى المركز الصحي لتحناوت أو المستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش.
طريق الموت.. صخور تهوي بين الفينة والأخرى
في مبادرة منهم، يتكفل أبناء الدواوير المتضررة بتسيير عملية السير بسبب الحجارة التي تهوى بين الفينة والأخرى على طرفي الطريق الرابطة بين منطقة أمغدال وإجوكاك بجماعة ثلاث نيعقوب، ويقومون رفقة جرارات السلطة العمومية بإبعاد ما استطاعوا منها لتسهيل عملية عبور السيارات، حيث أن المسافة بين أمغدال وإجوكاك لا تتعدى 26 كيلومترا لكن الصخور الساقطة من الجبل ضيقت مساحة الطريق وضاعفت من المدة الزمنية لعبوره إلى أزيد من ثلاث ساعات.
المشكل ليس فقط في المدة الزمنية الطويلة لقطع المسافة بين النقطتين المذكورتين، بل في التضاريس الوعرة والخطيرة والتشققات التي خلفها الزلزال والتي زادت من حدتها هذه الكارثة الطبيعية والهزات المتتالية، إذ صادفت بعثة "العلم" سيارة خاصة تهشمت بالكامل جراء سقوط منحدر صخري عليها، دون معرفة مصير أصحابها.
وغير بعيد عن هذه المأساة، وفي حادث مشابه، لوحظ تدمير سيارة خاصة من الحجم الكبير تحمل لوحة ترقيم أجنبية، وبالتحديد فرنسا، سقطت عليها الصخور قبيل دوار إديسيار بالجماعة نفسها، ولم يتم التعرف هي الأخرى على مصير ملاكها، الذي يبدو أنهم كانوا في الغالب يحملون مساعدات إنسانية للمتضررين من هذه النكبة.
والأهم من هذا، أن هذين الحادثين الأليمين لم يمنعا المتطوعين والمتضامنين مع الأسر المنكوبة من المخاطرة بأرواحهم لتقديم المساعدات اللازمة لهم من غذاء وأغطية وأفرشة...، في موقف ينم عن الحس التضامني وروح التآزر والتآخي التي تطبع المغاربة.
طائرات مسيرة تستطلع الوضع في منطقة "إيغيل" التي يتعذر الوصول إليها
عندما حاولت بعثة العلم العبور إلى منطقة "إيغيل" التي لم تصلها أطقم الإغاثة بعد، قامت السلطات بمنعها في مفترق طريقي تارودانت وثلاث نيعقوب، ليتضح بعدها أن الأمر لا يتعلق بقرار جائر، بل أن السبب في ذلك هو استحالة الوصول إليه.
وتبين أيضا، أن القوات المسلحة الملكية تستعين بطائرات مسيرة "درون"، لاستطلاع الوضع بجماعة "إيغيل" وبعض الدواوير المجاورة لها، قصد تقديمها إلى فرق الإنقاذ التي تعتمد عليها للوصول إلى الضحايا.
وتجدر الإشارة، إلى أن انهيارا جبليا قطع الطريق السالكة إلى "إيغيل"، إلى حين تمكن السلطات وفرق البحث من بلوغها لاستكمال عمليات الإغاثة وانتشال القتلى.
شاب ينفعل بجنون على رجال الصحافة والإعلام
انفعل شاب في العشرينات من عمره بجنون في وجه رجال الصحافة والإعلام، عندما لاحظ اقترابهم من منزله المهدم بالكامل لتغطية عملية انتشال والدته، التي تبين فيما بعد أنها متوفية، من تحت الأنقاض.
وحاول رجال الوقاية المدنية منع الصحافيين من تأدية واجبهم، خوفا من ردة فعل من الشاب الذي كان في حالة اندفاع قوية وحاول إيذاء أحد المصورين.
وقد علمت "العلم"، من أحد جيران الشاب، أنه فقد والده وزوجته ثم آخر فرد من أسرته وهي والدته التي وصلت إليها فرق الإنقاذ بعد أربعة أيام من الكارثة، ملتمسا من الصحافيين تفهم وضعه وإحساسه جراء فقدانه كامل أسرته.