في الاحتفال بيوم أفريقيا الذي نظم بمقر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، يوم الجمعة الماضي، أكد الوزير ناصر بوريطة في كلمة له بهذه المناسبة، أن السياسة الأفريقية لجلالة الملك محمد السادس، أيده الله، تعد سياسةَ انتماء ومبادرة والتزام راسخ بالتفاؤل الأفريقي، وتركز على الإنسان والتوجه نحو الإجابات الأفريقية لتحديات القارة، مضيفاً أن هذه الرؤية الملكية تولي مكانة بارزة لمبدأ التنمية المشتركة جنوب/ جنوب متضامنةً ومستدامةً وللتعاون الأفريقي.
وهذه المرتكزات التي تستند إليها الدبلوماسية المغربية، هي التي جعلت المغرب يضع أفريقيا في صلب الأولويات الدولية لبلادنا، وهو الأمر الذي يرجع لإيمان جلالة الملك، وفقه الله، الراسخ بأفريقيا .ولذلك فإن الرؤية الملكية، في بعدها الحضاري وعمقها التاريخي، تستند إلى سياسة الانتماء، وليس الجوار فحسب، باعتبار أن أفريقيا ليست مجرد جوار بالنسبة للمغرب، بل هي أرض الانتماء الهوياتي والجغرافي والثقافي والتاريخي. وهذا النوع الراقي من الانتماء الراسخ والدائم الذي لا يخضع للتقلبات السياسية والتحولات الإقليمية والدولية، هو القاعدة الصلبة التي تقوم عليها الدبلوماسية المغربية التي يصنعها جلالة الملك، نصره الله، وتسهر على تنفيذها وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وتمتد آثارها إلى أبعد الآفاق الدولية. وهو ما يتجلى، على سبيل المثال، في أن المغرب تجمعه بأفريقيا شبكة تعاقدية مكثفة، تقوم على أكثر من 1500 آلية للتعاون، تربط المملكة بأكثر من 80 في المائة من البلدان الأفريقية، تغطي مجالات متنوعة مثل التعليم العالي وتكوين الأطر والصحة والبنيات التحتية والطاقات المتجددة ومياه الشرب.
وبحسب المعلومات المهمة التي تضمنتها الكلمة الوافية والمستفيضة لناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، فإنه يتم على صعيد التعاون المغربي الأفريقي، تنفيذ الكثير من المشاريع السوسيو اقتصادية الكبرى التي أطلقها جلالة الملك، حفظه الله، والتي تتوجه أساساً نحو التنمية البشرية. وتلك هي الدينامية الدافعة والفاعلة وروح المبادرة والجوهر الأصيل لدبلوماسية العمل والزخم، التي تراكم الإنجازات والمكاسب وتحرز المزيد من النجاحات وينفرد بها المغرب في محيطه الإقليمي والقاري، مما يعزز المركز الدولي للمملكة المغربية، على جميع الصعد .
إن العمق الأفريقي في السياسة المغربية يعود إلى عصور متطاولة من التاريخ، وهو الذي يدعم الدبلوماسية المغربية ويمدها بعناصر القوة والصلابة والنجاعة والفاعلية والقدرة على مواجهة التحديات من جهة، والتصدي لخصوم الوحدة الترابية للمملكة المغربية .والمغرب من الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية، وجلالة الملك محمد الخامس، رحمه الله، من الآباء المؤسسين للتكتل الأفريقي الذي بدأ باسم منظمة الوحدة الأفريقية قبل أن يصبح الاتحاد الأفريقي. وتاريخ القارة الأفريقية، خصوصاً منطقة غربي أفريقيا التي كانت تعرف في العصور الوسطى بالسودان الغربي، يشهد بأن سلاطين المملكة المغربية كانوا أفارقة الروح والانتماء الوجداني والارتباط الثقافي .فالعمق الأفريقي أصيل وليس طارئاً، والرافد الأفريقي أحد روافد الهوية الوطنية المغربية طبقاً للدستور .
ومن هذه المصادر ينبع التفاؤل الأفريقي الذي عبر عنه الخطاب الملكي السامي الذي وجهه جلالة الملك، رعاه الله، إلى القمة الأفريقية السابعة والعشرين، بهذه العبارات القوية والمتفائلة" إن أفريقيا التي طالما تم إهمالها أصبحت اليوم فاعلاً لا يمكن تجاهله. لقد ولى الزمن الذي لم تكن فيه أفريقيا أكثر من مجرد موضوع في العلاقات الدولية، بل إنها صارت قارة تؤكد وجودها وتتقدم وتتحمل مسؤولياتها على الساحة الدولية كطرف فاعل وجدير بالاحترام في النقاش الدائر حول الحكامة الدولية" .
والتفاؤل الأفريقي، الذي يكرسه ويعززه المغرب، هو، وكما قال ناصر بوريطة في الاحتفال بيوم أفريقيا، براغماتية أفريقية ترتكز على حقيقة موضوعية مفادها أن القارة تزخر بكل المؤهلات للبروز كأحد الأقطاب الكبرى للنمو العالمي، مما يؤكد أن أفريقيا ستنجح لا محالة في تحقيق الأهداف الإنمائية التي وضعتها الأمم المتحدة.
تلك إذن، مرتكزات الرؤية الملكية لأفريقيا التي تقوم على ثلاثة أبعاد، الانتماء، المبادرة، الالتزام الراسخ بالتفاؤل الأفريقي.
*العلم*