العلم الإلكترونية - بقلم أحمد نور الدين
يتعرض المدنيون الفلسطينيون في غزة منذ 41 يوماً لقصف همجي بآخر ما أنتجته الآلة الجهنمية لمصانع الحرب الأمريكية والأوربية. ولم ينج من المحرقة الإسرائيلية-الغربية لا أطفال غزّة ولا نساؤها، ولا جرحاها وأطباؤها وممرضوها، ولا بيوتها ومستشفياتها، ولا مساجدها وكنائسها.. وأمام هول هذه الجرائم ضد الإنسانية، وأمام تخاذل الأمم المتحدة ومؤسساتها، توجهت الأنظار إلى الدول التي تُصنّف نفسها كمحور للممانعة أو المقاومة في عالمنا العربي والإسلامي، لعلّها تُنفذ بعض تهديداتها وشعاراتها، فتُحرج باقي الدول الخمسين الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية، فهل أنجزت ما ادّعته؟
لقد تعرضت سورية "الأسد"، لقصف شَمِل مَطارَيْ دمشق وحلَب لِمرّتين متتاليتين في غضون أسبوع واحد خلال الحرب الحالية على غزة، فانتظرت الجماهير العربية والإسلامية ردّة فعل قوية من سورية. إن لم يكن نخوة لفلسطين السليبة أو نجدة لغزة الشهيدة، فعلى الأقل استناداً إلى حق الدفاع عن النفس الذي تقرّه كل القوانين الدولية، أو حفاظاً على ماء الوجه لنظام سلّط سوط عذاب، وبراميل متفجرة وأسلحة كيماوية على شعبه الأعزل، لمجرد أّنه تجرأ وطالب بالكرامة والحرية، ذات ربيع عربي، تحول إلى خريف لعناقيد الغضب التي تقطر بدم أزيد من نصف مليون شهيد أحصاهم المرصد السوري لحقوق الإنسان.
اشرأبّت الأعناق إلى إيران وأذرعها الطائفية وميليشياتها التي بسطت سيطرتها على المنطقة العربية من باب المندب إلى بعلبك ومن الرُّصافة إلى جبل قاسيون، فهي التي ظلّت تصف أمريكا بالشيطان الأكبر. وظنّ الناس أن طهران ستقصف قاعدة العيديد في قطر، وهي أكبر قاعدة أمريكية خارج الولايات المتحدة، وربّما منها انطلقت حاملة الطائرات الأمريكية الكبرى لدعم "إسرائيل" في إبادة المدنيين في غزة.
وهناك من ذهب به الخيال أبعد من ذلك فتصوّر بحسن نيّة أو سذاجة طفولية أنّ فيلق القدس الإيراني الذي أوغل في قتل السوريين الثائرين ضدّ بشار "الأسد"، سينتقم من القوات الأمريكية التي اغتالت قائده قاسم سليماني، كما وعد على رؤوس الأشهاد، ولن يجد نظام "آيات الله" فرصة أفضل من هذه لإغراق بعض البوارج الحربية الأمريكية في مياه الخليج أو قبالة سواحل لبنان، أو للانقضاض على الجولان. ولكن خاب الظن!
وفي خضم خيبات الأمل المتتالية، تذكر الناس أنّ الرئيس الجزائري ظل يردد منذ وصوله للحكم أنه "مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"، وها هي فرصة العمر ليُثبت صِدق ادعائه! إن لم يكن بالسلاح والجيوش و"الدرونات"، كما فعلت الدول الأوربية والأمريكية مع "إسرائيل"، فعلى الأقل بفكّ الحصار الجائر وإيصال الماء والدواء والغذاء للأطفال والنساء. وإن لم يستطع إلى ذلك سبيلاً، فأضعف الإيمان أن يسحب سفراء الجزائر من العواصم الأوربية التي أعلنت تأييدها المطلق 'لإسرائيل"، وسارع رؤساؤها إلى زيارة تل أبيب أثناء الحرب. وفي مقدمة هذه البلدان التي أرسلت رؤساءها وجنودها أو أسلحتها نجد الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وهولندا وغيرها. فلماذا لا تسحب الجزائر سفراءها من عواصم هذه الدول كما فعلت مع إسبانيا يوم 19 مارس 2022، انتقاماً من رئيس الحكومة الإسبانية الذي دعم الموقف المغربي في قضية الصحراء؟!
ولم تكتف الجزائر بسحب سفيرها من مدريد، بل أعلنت عن سلسلة من الإجراءات العقابية ومنها تجميد اتفاقية الشراكة والتعاون بين البلدين في يونيو 2022، ومنعت مصارفها من التعامل مع البنوك الإسبانية، وهددت بمراجعة أسعار الغاز الذي كانت تقدمه بأسعار تفضيلية لشراء موقف إسباني معادي للمغرب..
قد نفهم عدم استدعاء السفير الجزائري من واشنطن لأنّ الجزائر تخشى سطوة وجبروت أمريكا، وتتوجس خيفةً من عقوبات أمريكية تعيد الجزائر إلى العصر الحجري، ولكن لا نفهم أبداً لماذا لم تعلن الجزائر عن سحب سفيرها من روما مثلاً، وتجميد الاتفاقيات الموقعة معها، ومراجعة أسعار الغاز المقدمة لإيطاليا، وتخفيض مبادلاتها التجارية معها بعد أن زارت جورجيا ميلوني "تل أبيب" يوم 21 أكتوبر 2023 للتعبير عن دعمها للنّتن-ياهو في حربه ضد الأطفال والنساء في غزة فلسطين؟
لماذا لم تفعل الجزائر مع إيطاليا بسبب الحرب في غزة، ما فعلته مع إسبانيا بسبب المغرب؟! ولماذا لم تراجع الجزائر الصفقات الممنوحة لشركات فرنسية وهولندية وأمريكية وبريطانية للتنقيب عن النفط والغاز في البر والبحر تضامنا مع المقاومة ومع 12 ألف شهيد في غزة كما فعلت مع إسبانيا بسبب المغرب؟! ولماذا لا تغلق الجزائر مجالها الجوي في وجه شركات طيران تلك الدول الداعمة للعدوان على غزة، كما قطعت أجواءها على المغرب؟
ثمّ، وهذا ما لا يمكن فهمه البتّة، ولا تفهمه إطلاقاً لماذا لم تصدر الجزائر مجرد بلاغ يدين بوضوح الإدارة الأمريكية بعد إرسالها 2000 جندي من القوات الخاصة الأمريكية للمشاركة في دعم الجيش الإسرائيلي؟ بينما أصدرت الجزائر سلسلة من البلاغات التي تدين الموقف الإسباني الداعم للمقترح المغربي سنة 2022. ولم تكتف الجزائر ببلاغات وزارة الخارجية بل عززتها ببلاغات رئيس الجمهورية ومؤسسات دستورية وأحزاب سياسية.
وإذا كانت الجزائر عاجزة أن تتخذ هذا الإجراء أو ذاك تضامناً ودعماً للمقاومة الفلسطينية في غزة، وهي التي تزعم وقوفها إلى جانب فلسطين ظالمة أو مظلومة، فعليها على الأقل ألا تتاجر بالقضية الفلسطينية لتحقيق أغراضها الدنيئة في معاكسة المغرب، وعليها أن تمتنع عن استعمال القضية الفلسطينية قناعاً لإخفاء مخططاتها السوداء لهدم وحدة المغرب. فالذي يتاجر بالقضية الفلسطينية لا يقل إجراماً عن الذي يقتل الأطفال والنساء ويهدم المستشفيات وأماكن العبادة في غزة وفي كل شبر من فلسطين.
لقد كان على الجزائر وإيران ودول المزايدة أن تستحي من نفسها، وأن تسحب سفراءها من الدول التي زار رؤساؤها تل أبيب ودعموا بالعدة والعتاد العدوان على غزة، فذلك أضعف الإيمان، عوض المتاجرة بالقضية والمزايدة على باقي الدول العربية والإسلامية. وإذ لم يفعلوا ذلك، فأكيد أن دماء آلاف الأبرياء من الذين ارتقوا شهداء في غزة، ستكون لعنة على كلّ من يبيع الأوهام للشعوب ويتاجر بقدسية أرض الإسراء فلسطين.
يتعرض المدنيون الفلسطينيون في غزة منذ 41 يوماً لقصف همجي بآخر ما أنتجته الآلة الجهنمية لمصانع الحرب الأمريكية والأوربية. ولم ينج من المحرقة الإسرائيلية-الغربية لا أطفال غزّة ولا نساؤها، ولا جرحاها وأطباؤها وممرضوها، ولا بيوتها ومستشفياتها، ولا مساجدها وكنائسها.. وأمام هول هذه الجرائم ضد الإنسانية، وأمام تخاذل الأمم المتحدة ومؤسساتها، توجهت الأنظار إلى الدول التي تُصنّف نفسها كمحور للممانعة أو المقاومة في عالمنا العربي والإسلامي، لعلّها تُنفذ بعض تهديداتها وشعاراتها، فتُحرج باقي الدول الخمسين الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية، فهل أنجزت ما ادّعته؟
لقد تعرضت سورية "الأسد"، لقصف شَمِل مَطارَيْ دمشق وحلَب لِمرّتين متتاليتين في غضون أسبوع واحد خلال الحرب الحالية على غزة، فانتظرت الجماهير العربية والإسلامية ردّة فعل قوية من سورية. إن لم يكن نخوة لفلسطين السليبة أو نجدة لغزة الشهيدة، فعلى الأقل استناداً إلى حق الدفاع عن النفس الذي تقرّه كل القوانين الدولية، أو حفاظاً على ماء الوجه لنظام سلّط سوط عذاب، وبراميل متفجرة وأسلحة كيماوية على شعبه الأعزل، لمجرد أّنه تجرأ وطالب بالكرامة والحرية، ذات ربيع عربي، تحول إلى خريف لعناقيد الغضب التي تقطر بدم أزيد من نصف مليون شهيد أحصاهم المرصد السوري لحقوق الإنسان.
اشرأبّت الأعناق إلى إيران وأذرعها الطائفية وميليشياتها التي بسطت سيطرتها على المنطقة العربية من باب المندب إلى بعلبك ومن الرُّصافة إلى جبل قاسيون، فهي التي ظلّت تصف أمريكا بالشيطان الأكبر. وظنّ الناس أن طهران ستقصف قاعدة العيديد في قطر، وهي أكبر قاعدة أمريكية خارج الولايات المتحدة، وربّما منها انطلقت حاملة الطائرات الأمريكية الكبرى لدعم "إسرائيل" في إبادة المدنيين في غزة.
وهناك من ذهب به الخيال أبعد من ذلك فتصوّر بحسن نيّة أو سذاجة طفولية أنّ فيلق القدس الإيراني الذي أوغل في قتل السوريين الثائرين ضدّ بشار "الأسد"، سينتقم من القوات الأمريكية التي اغتالت قائده قاسم سليماني، كما وعد على رؤوس الأشهاد، ولن يجد نظام "آيات الله" فرصة أفضل من هذه لإغراق بعض البوارج الحربية الأمريكية في مياه الخليج أو قبالة سواحل لبنان، أو للانقضاض على الجولان. ولكن خاب الظن!
وفي خضم خيبات الأمل المتتالية، تذكر الناس أنّ الرئيس الجزائري ظل يردد منذ وصوله للحكم أنه "مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"، وها هي فرصة العمر ليُثبت صِدق ادعائه! إن لم يكن بالسلاح والجيوش و"الدرونات"، كما فعلت الدول الأوربية والأمريكية مع "إسرائيل"، فعلى الأقل بفكّ الحصار الجائر وإيصال الماء والدواء والغذاء للأطفال والنساء. وإن لم يستطع إلى ذلك سبيلاً، فأضعف الإيمان أن يسحب سفراء الجزائر من العواصم الأوربية التي أعلنت تأييدها المطلق 'لإسرائيل"، وسارع رؤساؤها إلى زيارة تل أبيب أثناء الحرب. وفي مقدمة هذه البلدان التي أرسلت رؤساءها وجنودها أو أسلحتها نجد الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وهولندا وغيرها. فلماذا لا تسحب الجزائر سفراءها من عواصم هذه الدول كما فعلت مع إسبانيا يوم 19 مارس 2022، انتقاماً من رئيس الحكومة الإسبانية الذي دعم الموقف المغربي في قضية الصحراء؟!
ولم تكتف الجزائر بسحب سفيرها من مدريد، بل أعلنت عن سلسلة من الإجراءات العقابية ومنها تجميد اتفاقية الشراكة والتعاون بين البلدين في يونيو 2022، ومنعت مصارفها من التعامل مع البنوك الإسبانية، وهددت بمراجعة أسعار الغاز الذي كانت تقدمه بأسعار تفضيلية لشراء موقف إسباني معادي للمغرب..
قد نفهم عدم استدعاء السفير الجزائري من واشنطن لأنّ الجزائر تخشى سطوة وجبروت أمريكا، وتتوجس خيفةً من عقوبات أمريكية تعيد الجزائر إلى العصر الحجري، ولكن لا نفهم أبداً لماذا لم تعلن الجزائر عن سحب سفيرها من روما مثلاً، وتجميد الاتفاقيات الموقعة معها، ومراجعة أسعار الغاز المقدمة لإيطاليا، وتخفيض مبادلاتها التجارية معها بعد أن زارت جورجيا ميلوني "تل أبيب" يوم 21 أكتوبر 2023 للتعبير عن دعمها للنّتن-ياهو في حربه ضد الأطفال والنساء في غزة فلسطين؟
لماذا لم تفعل الجزائر مع إيطاليا بسبب الحرب في غزة، ما فعلته مع إسبانيا بسبب المغرب؟! ولماذا لم تراجع الجزائر الصفقات الممنوحة لشركات فرنسية وهولندية وأمريكية وبريطانية للتنقيب عن النفط والغاز في البر والبحر تضامنا مع المقاومة ومع 12 ألف شهيد في غزة كما فعلت مع إسبانيا بسبب المغرب؟! ولماذا لا تغلق الجزائر مجالها الجوي في وجه شركات طيران تلك الدول الداعمة للعدوان على غزة، كما قطعت أجواءها على المغرب؟
ثمّ، وهذا ما لا يمكن فهمه البتّة، ولا تفهمه إطلاقاً لماذا لم تصدر الجزائر مجرد بلاغ يدين بوضوح الإدارة الأمريكية بعد إرسالها 2000 جندي من القوات الخاصة الأمريكية للمشاركة في دعم الجيش الإسرائيلي؟ بينما أصدرت الجزائر سلسلة من البلاغات التي تدين الموقف الإسباني الداعم للمقترح المغربي سنة 2022. ولم تكتف الجزائر ببلاغات وزارة الخارجية بل عززتها ببلاغات رئيس الجمهورية ومؤسسات دستورية وأحزاب سياسية.
وإذا كانت الجزائر عاجزة أن تتخذ هذا الإجراء أو ذاك تضامناً ودعماً للمقاومة الفلسطينية في غزة، وهي التي تزعم وقوفها إلى جانب فلسطين ظالمة أو مظلومة، فعليها على الأقل ألا تتاجر بالقضية الفلسطينية لتحقيق أغراضها الدنيئة في معاكسة المغرب، وعليها أن تمتنع عن استعمال القضية الفلسطينية قناعاً لإخفاء مخططاتها السوداء لهدم وحدة المغرب. فالذي يتاجر بالقضية الفلسطينية لا يقل إجراماً عن الذي يقتل الأطفال والنساء ويهدم المستشفيات وأماكن العبادة في غزة وفي كل شبر من فلسطين.
لقد كان على الجزائر وإيران ودول المزايدة أن تستحي من نفسها، وأن تسحب سفراءها من الدول التي زار رؤساؤها تل أبيب ودعموا بالعدة والعتاد العدوان على غزة، فذلك أضعف الإيمان، عوض المتاجرة بالقضية والمزايدة على باقي الدول العربية والإسلامية. وإذ لم يفعلوا ذلك، فأكيد أن دماء آلاف الأبرياء من الذين ارتقوا شهداء في غزة، ستكون لعنة على كلّ من يبيع الأوهام للشعوب ويتاجر بقدسية أرض الإسراء فلسطين.