عاد الصديق الذي أرسل لي، في الأسبوع الماضي، مقطع فيديو عن الزحف البشري سباحة نحو سبتة المحتلة، فبعث إلى بتعليق على ما كتبته في عمود يوم الجمعة عن ذلك الحدث، أنقله ببعض التصرف اقتضاه الالتزام بشروط النشر. قال الصديق (لا تحدثني عما يُبذل من جهود. أنا أحدثك عن قاصرين فضلوا الموت على الحياة، بحثاً عن الوطن الحق، الوطن الحلم والأمل، إذ الوطن ليس تراباً وشمساً وقمراً، قد يكون كذلك، وقبل كل ذلك هو كرامة ورغيف (خبز). كيف نفهم أسرة بكاملها، أب وأم وزوجة وأطفال، الكل في قارب واحد يمخر يتجه نحو المجهول؟. كيف نفهم أن أباً يقود ابنه القاصر سباحة إلى شاطئ سبتة ليتركه ويعود لأن القاصر لا يمكن إرجاعه؟).
ثم يضيف الصديق تعليقاً على عمودي السابق (أين المشاريع التي حُدد لها سقفٌ زمني، عندما أوقف التهريبُ المعيشي؟). ويختم المعلق بهذه الكلمات (أسئلة كثيرة يضيق بها الصدر عن الهاربين من الوطن الباحثين عن الوطن).
وأحب أن أوضح أن قول الصديق (بحثاً عن الوطن الحق) يجانب الصواب، ذلك أن الوطن دائماً هو الوطن الحق، بغض النظر عن ظروف العيش ومستواه. ولا يمكن أن يهرب المواطن من وطنه، لأنه قائم فيه ملازم له ومفطور عليه، مثل لون العين، وبصمة الأصبع، والشفرة الوراثية DNA.
ولا تزال أصداء تداعيات الحدث المؤلم الذي شهدته مدينة الفنيدق في يوم الأحد ما قبل الأخير، تروج، وعلمت من قريب متابع أن الفنيدق قد شهد أعمال عنف وفوضى قبل أيام قليلة. وهذا ما يؤكد ما سبق أن كتبت عن ضرورة معالجة الحالة بطرق مبتكرة، وليس بالأساليب التقليدية، لأن الأمر بالغ الخطورة، والوضع في تلك المنطقة مرشح لمزيد من التأزم.
وأشكر للصديق المهموم بهذه القضية، تجاوبَه مع ما كتبته، وإن كنت لا أتفق معه في جزئيات أرى أنها ذات أهمية، وأقدر فيه اهتمامه بالمتابعة وتعاطفه مع من سماهم ( الهاربين من الوطن ، بحثاً عن الوطن الحق ) .
والقضية، قبل هذا وذاك، تحتاج إلى وقفة للدراسة والاعتبار والبحث عن مخارج من هذه الأزمة.