Quantcast
2024 يوليوز 11 - تم تعديله في [التاريخ]

عبد اللّه البقالي يكتب: حديث اليوم



في الزمن المدرسي القديم الجميل والنافع، كان التلميذ المغربي يسأل عن شخصيات أدبية وعلمية وتاريخية وفنية وأدبية ومغربية وعربية وإسلامية وعالمية، طبعت التاريخ القديم والمعاصر، لأن تأثير هذه الشخصيات في الماضي والحاضر كان واضحا بما أسهمت به في إثراء الحياة البشرية.

وهكذا كان التلميذ المغربي يسأل عن عابد الجابري والعروي وعلال الفاسي والمهدي بن بركة ومحمد عبد الكريم الخطابي وابن بطوطة وطه حسين وأحمد  شوقي والمتنبي وديكارت وغيرهم كثير. وكان الهدف من هذه المساءلة تثبيث القدوة والنموذج، وتوظيف العملية التربوية لتوجيه التنشئة الاجتماعية السليمة المستندة إلى القيم والمثل الوطنية والعالمية. 

والواضح أن اختبار قدرات التلاميذ الصغار في محاولة الإلمام بما أنتجته الأسماء الكبيرة والعظيمة، كان يتم بخلفيات معينة ومحددة، ليس مجاملة لاسم من الأسماء الكبيرة والشامخة، ولا حتى مجرد اعتراف بما أسدته للمجتمع وللعالم فقط، بل لأنها تمثل نماذج ومراجع في الحياة تستوجب المصلحة  العامة تثبيث حضورها الدائم في المجتمع لفائدة المجتمع برمته.

يبدو اليوم جليا أن المعادلة تغيرت والأهداف تبدلت، وتم إفراغ هذه المساءلة من محتواها، بتركيزها على نماذج عادية جدا، حتى لا نستخدم وصفا آخر، ليسأل التلميذ في أهم محطة اختبارية إشهادية عن شخصية هزلية يقتصر دورها، على جعل الجمهور في لحظة فرجة عابرة يقتصر مداها على تحريك المزاج في اللحظة ذاتها، بما يمكن تسميته مجازا بمنتوج فني لا علاقة له بالمحتوى المؤثر في سلوك الجمهور وبالأحرى في الحياة العامة.

المدرسة يا سادة ليست حمالة تفاهة، وأخطر ما يهدد المدرسة هو النزول بها إلى الحضيض حيث تعشعش الرداءة والتفاهة، و بذلك تفرغ من محتواها وتتحول إلى وسيلة من وسائل التبخيس، كما صار عليه الحال في قطاعات إعلامية وفنية وأدبية كثيرة.

طبعا لم يكن السيد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة موفقا في جوابه عن الموضوع تحت قبة البرلمان، لأن الوزارة الوصية لا يمكن أن يكون دورها محايدا في هذا الصدد، وتترك أمرا جللا في هذا المستوى بأيادي من لا يقدر خطورة ما يهدد المدرسة المغربية، بل إنها وصية وصاية كاملة على حماية المدرسة و التلاميذ من جميع الأخطار بما في ذلك اختبار قدرات التلاميذ.

لذلك لا نملك إلى التعبير عن القلق تجاه هذا الذي يحدث، فقبل أيام اختبرت قدرات تلاميذ مستوى الباكالوريا في قضية خلافية كبيرة تمس جوهر القيم المجتمعية والدينية والأخلاقية، ومرة أخرى يختبر تلاميذ في مستوى السادسة ابتدائي في مسار شخص متواضع جدا من حيث جودة المحتوى الذي ينتجه، لا يمكن أن يمثل مرجعا مفيدا ولا نموذجا صالحا.
 
عبد الله البقالي

للتواصل مع الكاتب:

bakkali_alam@hotmail.com

              

















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار