
العلم الإلكترونية - حاوره محمد بلبشير
الإنسان كائن فريد من نوعه، وتركيب جسمه فيه من التناسق في وظائفه ما يذهل الألباب، فحينما نفكر في عدد الهرمونات ووظائفها وعدد الجينات وعملها نقف على عظمة المنشئ جل جلاله، هذه هي سنة حياة الإنسان، وفي الحوار التالي الذي أجريناه مع الدكتور محمد أمين بوبو الطبيب الاختصاصي في أمراض الجهاز الهضمي وعلاج وجراحة أمراض الشرج والبواسير، سنثير ما يهم انشغالات الصائمين وما يتولد لديهم من استفهامات عن تأثير الصيام والاضطرابات العرضية والعلاج في رمضان خاصة ما يتعلق بكيفية الحفاظ على صحة الصائم في شهر رمضان بالإضافة إلى الإدمان على الشاي والقهوة ومزاولة الرياضة.
كيف يكون جسم الإنسان خلال الصوم؟

الأمر يختلف من شخص إلى آخر، وبالأخص من حالة صحية إلى أخرى. فإن أردنا أن نخص الحديث بالإنسان العادي، والذي لا يعاني من أي مرض مزمن، فهناك عدة جوانب إيجابية، وسنحاول في دردشتنا هذه سرد بعض الأمور منها: فمثلا تلك المعدة والأمعاء التي قضت 11 شهرا في طحن وهضم وإفراز القناطير من المواد الغذائية وبصفة انتظامية وغير منقطعة، فها هو شهر واحد أمامهم للصيام وهو بمثابة شهر عطلة سنوية، كعطلة العامل بعد سنة من التعب !
كيف يمكن للصائم الحفاظ على صحته خلال رمضان؟
الحفاظ على الصحة سلوك لا يقتصر على أيام شهر رمضان فحسب ، بل يجب على الإنسان أن يعي بهدا السلوك طوال السنة ، و بما أننا بصدد الحديث عن هدا الشهر الكريم فلا بد أن نعمل بقول رسول الله صلى الله عليه و سلم " صوما تصحوا ".. فخلال شهر رمضان يمتنع الإنسان عن الأكل و الشرب لأزيد من 12 ساعة في اليوم ، تختلف هده المدة من سنة إلى أخرى ..!
و هدا ما قد يخلف خللا في المهام الوظيفية للجسم في حالة عدم توفره على توازن لجميع المتطلبات الأساسية للجسم من بروتينات و دهنيات و سكريات مع الأخذ بعين الاعتبار الحالات الصحية المختلفة لدى الأشخاص المصابين بالسكري أو أمراض القلب و أمراض الجهاز الهضمي..
بالمناسبة دكتور، كيف يمكن للصائم أن يوافق بين مقادير متطلباته ؟
على العموم، يجب على الصائم أن يوافق بين مقادير المواد السائلة و التي تتضمن كمية مهمة من الماء و المواد السكرية و التي غالبا ما تكون الاختيار الأساسي للصائم خلال أول وجبة فطور..و لا بد هنا أن أشير إلى أنه ما يسبب أحيانا هدا الخصاص هو ملء المعدة بسوائل كثيرة و بدون توازن ، حيث معها لا يستطيع الإنسان تلبية رغباته من بروتينات و دهنيات ، و مما قد ينعكس سلبا على صحة الصائم خاصة ادا تكررت هده السلوكات لمدة 30 يوما ، لدا على الإنسان أن يكون واعيا بهده الظاهرة ، و يحاول خلق توازنا في كمية و نوعية المواد الغذائية من سكريات و دهنيات و بروتينات بنفس الكمية و النوعية كما هو الحال بالنسبة لباقي أيام السنة حتى لا يؤدي هدا الخلل إلى ضعف الوظائف أو إلى سمنة..
خلال هذا الشهر العظيم، كيف يجب أن يتناول المرضى عامة دواءهم !
ليس هناك اختلاف كبير بين شهر رمضان وباقي أيام وشهور السنة في مجال تناول الدواء، بحيث نجد في اليوم العادي ثلاث وجبات غذائية أساسية، وكذلك الامر خلال أيام رمضان، وعادة يتم تناول بعض الأدوية قبل وجبة الأكل.. لقد اجتهد العلماء في هذا الباب، فتم الاتفاق على أن الأدوية والتي تمر عن طريق الفم هي التي تبطل الصيام، أما الأدوية التي تؤخذ عن طرق أخرى فإنها لا تبطله، مثل الحمولات والحقن التي لاتعطى غذاء أو من أجل القوة.
هل يتسبب الصوم في إنقاص الوزن؟
هذا ليس صحيحا دائما، حيث يختلف الامر بين شخص وآخر وحسب الجنس والسن ونوعية الغذاء.. فقد ينقص الوزن إذا كان الصائم يرهق نفسه أكثر خاصة بسبب الخلل في تنظيم الوقت والأكل وعدم احترام حصص النوم، وكثيرا ما تحدث زيادة في الوزن، لأن الشهية تفتح أكثر خلال رمضان، حيث تتنوع الوجبات وتكون بتنوعها غنية، كالسكريات والدهنيات التي تؤدي إلى زيادة الوزن.
لنعد إلى نقطة البداية لنتساءل على تأثير الصوم على صحة الإنسان؟
هو سلاح ذو حدين: يكون التأثير إبجابيا إذا كان الأمر يتعلق بالصائم غير المريض، لكن يعاني من بعض الاضطرابات الداخلية في الجهاز الهضمي والتي يستلزم معها تنظيم الوجبات ونوعية الغذاء.. كما يكون العكس صحيحا، أقصد التأثير إذا كان الصيام يتعارض مع الحالة الصحية للصائم كما سبق ذكره...
ما رأيكم، دكتور، في مزاولة الرياضة أثناء الصوم؟
قبل دلك ليعلم الجميع والصائم الكريم انه ليس هناك أقوى من إرادة الشخص للإقلاع عن جميع العادات السيئة كالتدخين والكحول وغيرها، لأنه عادة يؤخذ الصيام كذريعة للابتعاد عن ذلك ولكن ما نلاحظه هو العكس.. أما بخصوص الرياضة فالحالة تختلف من شخص لأخر حسب سن الصائم و حالته الصحية ، فمثلا من يعاني من مرض مزمن في القلب أو مرض السكري و هو متقدم في السن فالرياضة لا تناسبه بحيث قد تزيد من سرعة الدورة الدموية مما قد يتسبب في أتعاب القلب خاصة ادا كان الصائم يعاني من قصور في المهام الوظيفية للقلب مما قد يؤدي به أحيانا إلى سكتة قلبية .. لدا يجب أخد الحيطة و الحذر !
هل من كلمة أخيرة دكتور؟
الكلمة الوحيدة التي كلها حكمة تقول: "صوموا لتصحوا"..
كما لا أجد أحسن من النصيحة النبوية "تعجيل الفطور وتأخير السحور" وانصح بأخذ الحصة الكافية من النوم وتناول وجبات إفطار متوازنة وتجنب التهام أعداد كبيرة من المأكولات خاصة أثناء وجبة الإفطار، أنصح بتناول الخضر والفواكه والسوائل أثناء وجبات الأكل، وتجنب الكسل والنوم خلال النهار.. كما يجب أن نتذكر أننا نصوم لله إيمانا واحتسابا.. !!