موريتانيا تشدد قبضتها على الهجرة غير النظامية

شنت السلطات الأمنية في موريتانيا حملة واسعة استهدفت المئات من المهاجرين غير النظاميين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، حيث جرى توقيفهم في مركز احتجاز بمدينة الميناء استعدادًا لترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية. وشملت الإجراءات أخذ بصمات المحتجزين قبل نقلهم في حافلات تابعة للشرطة.

 

تأتي هذه الحملة ضمن التزامات موريتانيا بموجب الاتفاقية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي عام 2024، والتي تهدف إلى الحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا، مقابل دعم مالي بقيمة 200 مليون يورو. وقد تحولت موريتانيا إلى نقطة عبور رئيسية للهجرة غير النظامية نحو أوروبا، لا سيما عبر جزر الكناري الإسبانية، حيث تشير التقارير إلى أن أكثر من 80% من قوارب الهجرة التي وصلت إلى الجزر انطلقت من الأراضي الموريتانية.

 

وفي سياق متصل، أطلقت الحكومة الموريتانية سلسلة من الإجراءات لتعزيز الرقابة على حدودها البحرية والبرية، من بينها إنشاء محكمة متخصصة في قضايا الهجرة والاتجار بالبشر، إلى جانب خطة لبناء "حزام أمني إلكتروني" حول العاصمة نواكشوط، وذلك بهدف الحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين وتحسين مراقبة المعابر الحدودية.

 

إلا أن هذه السياسات لم تمر دون انتقادات، إذ أبدت بعض أحزاب المعارضة مخاوفها من أن تؤدي الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي إلى تحول موريتانيا إلى "دولة حارس" للمهاجرين، ما قد يثقل كاهلها بعبء أمني واقتصادي إضافي. كما حذرت المعارضة من تداعيات ديموغرافية محتملة قد تؤثر على البنية السكانية للبلاد، فضلاً عن التأثيرات الاجتماعية والثقافية التي قد تنجم عن استقبال أعداد متزايدة من المهاجرين.

 

ورغم هذه التحفظات، تؤكد الحكومة الموريتانية أن خططها تأتي في إطار استراتيجيتها الوطنية لمكافحة الهجرة غير النظامية، مع الأخذ بعين الاعتبار التوازن بين الالتزامات الدولية والمصالح الوطنية. وتظل قضية الهجرة واحدة من التحديات الكبرى التي تواجه دول المنطقة، حيث تتشابك فيها العوامل الاقتصادية والسياسية والأمنية، وسط تصاعد الضغوط الأوروبية للحد من تدفق المهاجرين عبر سواحل غرب إفريقيا.