العلم الإلكترونية - بقلم هشام الدرايدي
تعيش الجزائر على وقع موجة جديدة من الاحتقان الشعبي، حيث امتدت الاحتجاجات هذه المرة إلى قطاع التعليم، بعد خروج التلاميذ للتعبير عن غضبهم تجاه الوضع المتردي في المنظومة التعليمية. في المقابل، واجه نظام العسكر هذه التحركات السلمية بإجراءات قمعية، كشفت الوجه الحقيقي لنظام دكتاتوري يرى في أي تعبير عن الرأي تهديدا لسلطته.
تعيش الجزائر على وقع موجة جديدة من الاحتقان الشعبي، حيث امتدت الاحتجاجات هذه المرة إلى قطاع التعليم، بعد خروج التلاميذ للتعبير عن غضبهم تجاه الوضع المتردي في المنظومة التعليمية. في المقابل، واجه نظام العسكر هذه التحركات السلمية بإجراءات قمعية، كشفت الوجه الحقيقي لنظام دكتاتوري يرى في أي تعبير عن الرأي تهديدا لسلطته.
ففي خطوة أثارت استياء واسعا، أصدرت وزارة التربية الوطنية الجزائرية أوامر إدارية وصفت بـ"القمعية"، استهدفت التلاميذ المشاركين في الاحتجاجات من خلال طردهم واتخاذ إجراءات تأديبية بحقهم. هذه العقوبات، التي تسعى إلى كسر إرادة الجيل الصاعد، تمثل جزءا من سياسة ممنهجة لإسكات كل الأصوات المطالبة بالإصلاح، بدلاً من معالجة الأسباب الحقيقية التي دفعت التلاميذ إلى الشارع.
وتُعد هذه الخطوة امتدادا لنهج سلطوي يرى في الاحتجاج السلمي تهديدا يجب مواجهته بالقمع والتخويف. فبدلا من الاستجابة لمطالب التلاميذ بتحسين جودة التعليم وتوفير بيئة دراسية تليق بمستقبلهم، اختارت السلطات الجزائرية أسلوب العقاب، مما يستجلي أزمة ثقة عميقة تكرست بين النظام وشعبه، حتى مع أبنائه في كراسي الدراسة.
ويبدو أن النظام، الذي يعتمد سياسة "إخراس الأجيال"، يخشى من جيل جديد واقعي وواعٍ بحقوقه، وقادر على المطالبة بمستقبل أفضل، فهذا الجيل الذي خرج ليحتج على غياب الإصلاحات الحقيقية في التعليم ولنكباب رجال دولته على التسلح بأسلحة صدئة حتى "التخمة" ، ورفضه للواقع المتردي، وجد نفسه عرضة للتنكيل والقمع بدل الدعم والمسايرة، في صورة تلخص مدى خوف النظام من وعي الشباب، وارتعاده من زلزال قادم قد يهدم كراسي الحكم المشيدة من رمال.
إن هذه الإجراءات التعسفية ليست مجرد قرارات إدارية عابرة، بل هي تمثلات لذهنية سلطوية تضع أمن النظام فوق أي اعتبار ورغم أنف العامة والخاصة، حتى لو كان على حساب حقوق التلاميذ والأطفال، فكيف لنظام يدّعي تمثيل الشعب أن يحارب عماد الشعب، ويقبر مستقبله المتمثل في هؤلاء الشباب، بدل الاستثمار في تعليمهم وتطوير مهاراتهم؟
إن ما يحدث اليوم في الجزائر لهو نموذج صارخ لإفلاس النظام في التعامل مع تطلعات الأجيال الصاعدة، ورفضه الإصغاء إلى أصوات الشباب الذين خرجوا بسلمية من أجل حقهم في تعليم أفضل ومستقبل أرحب. هؤلاء التلاميذ يستحقون الإشادة والدعم، وترفع لهم القبعة، فهم رمز الأمل والتغيير، في بلد عاد نظامه به إلى عصور الظلام، وليسوا خصوما يجب قمعهم.
إن ما يحدث اليوم في الجزائر لهو نموذج صارخ لإفلاس النظام في التعامل مع تطلعات الأجيال الصاعدة، ورفضه الإصغاء إلى أصوات الشباب الذين خرجوا بسلمية من أجل حقهم في تعليم أفضل ومستقبل أرحب. هؤلاء التلاميذ يستحقون الإشادة والدعم، وترفع لهم القبعة، فهم رمز الأمل والتغيير، في بلد عاد نظامه به إلى عصور الظلام، وليسوا خصوما يجب قمعهم.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، إلى متى سيظل النظام الجزائري يصر على غطرسته داخليا وخارجيا ويواجه كل مستجد بالوعيد والتهديد، ويحارب التطلعات الشعبية بالقمع والتهميش؟ أما آن الأوان لأن يعود إلى جادة الطريق، ويهتم بإصلاح بيته الداخلي، والاستجابة لمطالب شعبه، بدل اليعي وراء الأوهام وتكريس سياسته الفاشلة التي عزلته خارجيا، وتنحو إلى عزله في الداخل؟ وهل سيدرك أن قوة الدولة الحقيقية تكمن في شبابها الواعي، لا في كتم أنفاسه؟