العلم - الرباط
أكد رئيس مجلس مقاطعة أكدال الرياض، عبد الإله الإدريسي البوزيدي، أن عيد الاستقلال محطة عظيمة تذكرنا بنضالات الشعب المغربي بقيادة بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس، ورفيقه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني، مؤكدا أن هذا الإنجاز ثمرة لتضحيات جسام ورؤية حكيمة وضعت الأسس لمغرب حر ومستقل، وذلك في كلمة له خلال ندوة فكرية نظمها مجلس مقاطعة أكدال الرياض، الخميس الماضي حول موضوع "عيد الاستقلال والمسيرة الخضراء: كفاح أمة ورؤية ملك ومسار تنموي"، نوردها كما جاءت:
أكد رئيس مجلس مقاطعة أكدال الرياض، عبد الإله الإدريسي البوزيدي، أن عيد الاستقلال محطة عظيمة تذكرنا بنضالات الشعب المغربي بقيادة بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس، ورفيقه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني، مؤكدا أن هذا الإنجاز ثمرة لتضحيات جسام ورؤية حكيمة وضعت الأسس لمغرب حر ومستقل، وذلك في كلمة له خلال ندوة فكرية نظمها مجلس مقاطعة أكدال الرياض، الخميس الماضي حول موضوع "عيد الاستقلال والمسيرة الخضراء: كفاح أمة ورؤية ملك ومسار تنموي"، نوردها كما جاءت:
"يسعدني ويشرفني أن أقف أمامكم اليوم، ونحن نجتمع في هذه المناسبة الوطنية العزيزة والغالية على قلوب كل المغاربة، مناسبة تخليد عيد الاستقلال المجيد 69 والذكرى 49 للمسيرة الخضراء المظفرة، في ندوة علمية تجمع ثلة من الوطنيين والمؤرخين والباحثين وأجيال المستقبل لاستحضار صفحات مشرقة من تاريخ وطننا، تجسد أسمى معاني الوطنية والتلاحم بين الملك والشعب، دفاعا عن استقلال الوطن وصونا لوحدته الترابية.
هذا اللقاء الفكري ليس مجرد احتفال، بل هو وقفة للتأمل في تاريخنا المجيد، وفرصة لاستلهام الدروس والعبر التي خلفها لنا أجدادنا الأبطال الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل أن ينعم وطننا بالحرية والاستقلال.
فعيد الاستقلال محطة عظيمة تذكرنا بنضالات الشعب المغربي بقيادة بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس، ورفيقه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراهما. فقد كان هذا الإنجاز ثمرة لتضحيات جسام ورؤية حكيمة وضعت الأسس لمغرب حر ومستقل، حيث واجه المغاربة بصلابة وشجاعة أطماع الاستعمار، مسطرين أروع أمثلة البطولة والفداء.
هذا النضال الوطني لم يكن مجرد مقاومة بالسلاح ضد المستعمر، بل كان أيضا نضالا من أجل الكرامة الإنسانية، ومن أجل الحفاظ على الهوية الوطنية والدينية، في وقت كانت فيه محاولات طمس الهوية على أشدها. وهكذا، تحقق النصر واستعاد المغرب استقلاله في عام 1956، معلنا بذلك نهاية مرحلة الجهاد الأصغر وبداية مرحلة جديدة أشد تعقيدا وأعظم تحديا.
فلقد وصف جلالة المغفور له محمد الخامس المرحلة التي أعقبت الاستقلال بـ "الجهاد الأكبر"، لأنه أدرك بحكمته أن معركة البناء أصعب من معركة التحرير، وأن بناء الدولة الوطنية يتطلب جهدا جماعيا واستمرارية في العمل، كما يتطلب تحقيق التوازن بين الأصالة والحداثة.
إن هذه المرحلة تذكرنا بما يعنيه أن نكون أمة متماسكة، تقف صفا واحدا في مواجهة التحديات. فاستقلال المغرب لم يكن مجرد تحرير للأرض، بل كان بداية لبناء الدولة الوطنية العصرية القائمة على قيم العدل، والمساواة، والكرامة.
ومنذ ذلك الحين، انخرطت بلادنا في مسيرة طويلة من الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تحت قيادة ملوكها العظام.
مسيرة المغرب من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر هي قصة ملهمة تلخص معاني الوطنية، وحكمة القيادة، وإصرار الشعب. فالوحدة الوطنية كانت ولا تزال سلاحنا الأبرز في مواجهة التحديات، سواء تعلق الأمر بالتحرير أو التنمية. ثانياً الإيمان بقيم العمل والتضحية من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة. ثالثا، الاستثمار في الإنسان باعتباره محور التنمية، وهو ما نراه جليا في السياسات التي تركز على التعليم، والصحة، وتوفير فرص العمل.
وتأتي المسيرة الخضراء المظفرة، لتمثل ملحمة الوحدة واسترجاع الحق، وكانت محطة فارقة في تاريخ أمتنا، قادها المبدع جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله، لتكون درسا عالميا في الكفاح السلمي، وتجسيدا لوحدة شعب وراء قيادته.
ففي السادس من نوفمبر 1975، أثبت الشعب المغربي للعالم أن التلاحم الوطني هو السبيل الأمثل لاسترجاع الحقوق المشروعة، حيث انطلق350 ألف متطوع ومتطوعة من جميع ربوع المملكة، بنظام وانتظام، حاملين كتاب الله والعلم الوطني، في مشهد أبهر العالم وأكد شرعية المغرب في صحرائه، وأعاد للأقاليم الجنوبية مكانتها ضمن التراب الوطني.
ونحن نحيي اليوم ذكرى المسيرة الخضراء، فإننا نستحضر القيم التي رسختها هذه الملحمة: الإيمان بالحق، التضامن الوطني، والإصرار على تحقيق الوحدة الترابية للمملكة.
وفي ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يواصل المغرب مسيرته التنموية الشاملة. فقد اختار طريق البناء والتنمية، معتمدا مشاريع كبرى تعزز مكانته كدولة عصرية وقوة إقليمية تجمع بين الحفاظ على الهوية الوطنية والانفتاح على العالم.
فعلى المستوى الوطني، تشهد بلادنا تقدما ملحوظا في البنية التحتية، والصناعات الحديثة، والفلاحة المستدامة، إلى جانب تعزيز حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية. وتمثل المشاريع الكبرى، مثل ميناء طنجة المتوسط، والطرق السيارة، وخطط الطاقات المتجددة، خطوات جبارة في تحقيق التنمية المستدامة. ويجسد مشروع الدولة الاجتماعية بعدا اجتماعيا وإنسانيا في معالجة الفوارق وتحقيق العدالة الاجتماعية. وهذا هو الجهاد التنموي.
والحفاظ على اللغة العربية والأمازيغية كرافدين أساسين لهويتنا الوطنية، مع الانفتاح على اللغات الأجنبية، وتعزيز مكانة الثقافة المغربية على المستوى الدولي، من خلال الفن، والأدب، والسينما. وهذا هو الجهاد الثقافي والهوياتي.
إن إرساء دعائم الجهوية الموسعة يمنح الجهات صلاحيات أوسع لتحقيق التنمية، وترسيخ مبادئ الديمقراطية ودولة الحق والقانون، مما يجعل المغرب نموذجا يُحتذى به في المنطقة، وهذا يمثل الجهاد الديمقراطي والمؤسساتي.
وعلى المستوى الدولي، أصبحت المملكة المغربية نموذجا يُحتذى به في الانفتاح والتعاون جنوب-جنوب، خاصة مع الدول الإفريقية ودول أمريكا اللاتينية، فالمبادرة الملكية لإفريقيا الأطلسية تجيب على التحولات العميقة التي يشهدها العالم، خاصة على مستوى التحديات المناخية، الاقتصادية، والأمنية. وتُبرز هذه المبادرة الدور الاستراتيجي للمحيط الأطلسي باعتباره حلقة وصل بين قارتي إفريقيا وأوروبا والقارة الأمريكية.
إن هذه الرؤية التنموية ليست مجرد تخطيط اقتصادي، بل هي استمرار لروح الكفاح الوطني، تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده من أجل بناء مغرب قوي ومتقدم يحافظ على وحدته الترابية، ويحقق تطلعات جميع أبنائه.
إن الاحتفال بهاتين المناسبتين لا يقتصر على استحضار الماضي فقط، بل يحمل رسائل مهمة للمستقبل:
1. التمسك بالعرش العلوي المجيد والوحدة الوطنية، الركيزة الأساسية التي تضمن استمرارية دولتنا وتماسك مجتمعنا؛
2. الإيمان بالمشاريع التنموية، جزء من الوفاء لتضحيات الأجيال السابقة، مما يحتم علينا العمل على مواصلة البناء وتحقيق التنمية المستدامة؛
3. الحفاظ على روح الوطنية، وعلينا أن نغرس قيم التضحية والعطاء في نفوس الأجيال الصاعدة، ليكونوا خير خلف لخير سلف.
إذن، الجهاد الأكبر لا ينتهي، لأنه معركة مستمرة من أجل بناء مغرب قوي ومتقدم. علينا جميعا أن نتجند بروح الوطنية والإخلاص للمساهمة في هذه المسيرة، وفاء لتاريخنا المجيد، وإيمانا بمستقبلنا الواعد.
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أعبر عن خالص شكري وامتناني لكل من حضر لمشاركتنا هذه اللحظة المميزة التي تعبر عن حبنا ووفائنا الجماعي لوطننا الغالي.
ونسأل الله أن يحفظ بلدنا آمنا مستقرا تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وأن يوفقنا جميعا لخدمة هذا الوطن العزيز بما يليق بماضيه المجيد وحاضره الزاهر ومستقبله الواعد".