العلم الإلكترونية - الرباط
كشف الدكتور الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، عن الأهمية البالغة للتعامل الجاد مع الأنفلونزا الموسمية، خصوصًا مع دخول فصل الخريف، الذي يشهد بداية انتشار الفيروسات الموسمية. ورغم أن الإصابة بهذا المرض قد تبدو بسيطة لدى الشباب الأصحاء، إلا أنها قد تتحول إلى تهديد صحي خطير قد يؤدي إلى مضاعفات أو وفيات، خاصة لدى الفئات الهشة.
وأوضح حمضي أن الأنفلونزا ليست مجرد نزلة برد عابرة، بل هي مرض فيروسي قد يؤدي إلى التهابات حادة وأحيانًا مميتة لدى بعض الفئات. وتظهر الأنفلونزا غالبًا بأعراض مفاجئة، منها الحمى المرتفعة، السعال، آلام العضلات، الإرهاق الشديد، والصداع. وعلى الرغم من أن معظم المصابين يتعافون خلال أيام قليلة، إلا أن بعض الحالات قد تتطور إلى مضاعفات خطيرة، مثل الالتهاب الرئوي، الذي يُعتبر السبب الرئيسي للوفيات المرتبطة بالأنفلونزا.
وفي هذا الصدد، أكد الخبير أن خطورة المرض تتزايد لدى فئات معينة، أبرزها كبار السن فوق 65 عامًا، والمصابون بأمراض مزمنة، مثل أمراض القلب والسكري والجهاز التنفسي. النساء الحوامل أيضًا معرضات لخطر مضاعفات أشد، كما أن الأطفال الصغار، خاصة تحت سن خمس سنوات، والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، يواجهون تهديدًا أكبر من الأنفلونزا. وشدد حمضي على ضرورة حماية هذه الفئات من خلال الإجراءات الوقائية، وأهمها التطعيم السنوي ضد الأنفلونزا.
واعتبر أن الوقاية من الأنفلونزا تعتمد بشكل رئيسي على تلقي اللقاح في الوقت المناسب، مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية، مثل غسل اليدين بانتظام، وتجنب الأماكن المزدحمة أثناء انتشار العدوى، والبقاء في المنزل عند ظهور أعراض المرض. وبيّن الدكتور حمضي أن لقاح الأنفلونزا يُعتبر آمنًا وفعّالًا، حيث أثبتت الدراسات الطويلة المدى فعاليته وسلامته بعد استخدامه لعقود طويلة. وأضاف أن اللقاح يُحدث تأثيرًا إيجابيًا كبيرًا، خاصة لدى كبار السن، إذ يحمي من الإصابة الشديدة ويقلل من معدل الوفيات بنسبة تتراوح بين 50% و80%.
وشدد على ضرورة التطعيم في فصل الخريف، معتبرا إياه الوسيلة الأمثل للوقاية، حيث يتيح ذلك للجسم تكوين مناعة كافية قبل بلوغ ذروة انتشار المرض. ونبّه حمضي إلى أن الفيروسات المسببة للأنفلونزا تتغير باستمرار، مما يجعل التطعيم السنوي ضرورة لتحديث المناعة. وأكد أن التطعيم ضد الأنفلونزا في أوائل الخريف يوفر حماية تصل إلى 90% ضد الإصابة وفعالية ملحوظة في الوقاية من الحالات الحادة والوفيات، لا سيما لدى الفئات الهشة.
واختتم الدكتور حمضي توجيهاته بالتأكيد على أن التعامل مع الأنفلونزا الموسمية يتطلب وعيًا جماعيًا بأهمية الوقاية. وحثّ جميع الفئات، خاصة الأكثر عرضة للخطر، على تلقي اللقاح وعدم تأجيله. وأضاف أن حماية المجتمع من تداعيات هذا المرض لا تعتمد فقط على التلقيح الفردي، بل على التضامن المجتمعي في الالتزام بالإجراءات الوقائية. وأكد قائلاً: "لا يجب أن نستهين بالأنفلونزا الموسمية. الوقاية ممكنة، والتطعيم هو أداة فعالة وآمنة أثبتت جدواها لعقود. الآن هو الوقت المناسب لحماية أنفسنا وأحبائنا".